&
بيروت: تطالعنا المطبوعات العربية يوماً بعد يوم بمقالات وانتقادات حول العمل الجديد المصور للفنانة اللبنانية الشابة اليسا، كليب "اجمل إحساس" الذي خصصت له مساحات ومساحات على صفحات الجرائد او المجلات، سلباً أم إيجاباً لا يهم، لكن السؤال هو لماذا كل هذا الجدل حول هذا الكليب الذي لن يكون دون شك الأول والأخير الذي ينتقد، لأن مهمة الصحافة هي النقد بالدرجة الأولى بغية تصويب الخطأ متى وجد. لكن في حالة اليسا الأمر يختلف ويتعدى إطار النقد البناء ليطال سمعتها
ويتخطاه الى النقد الجارح والاتهام، فيشعر قارئ تلك المقالات وكأنه عاد في التاريخ الى "صادوم وعامورا"، فمرة يقال ان "اجمل احساس" ليس مجرد اغنية مصورة، بل هو اقرب الى الفيلم الإباحي، او يقال مثلاً انه يخدش الحياء، وبأنه من الضروري وضع إشارة "للراشدين فقط" قبل عرضه، او ان فيه مشاهد ساخنة وعري وقبل وووو... وثم يطالب بمنعه لأنه يفسد الأخلاق ولا تجوز مشاهدته بشكل اعتباطي ودون مراقبة. بينما لم نقرأ مقالاً واحداً ينتقد الكليب على صعيد
الإخراج مثلاً، او حركة الصورة، او تقنيات التصوير، الكل التهى بحالة الحب التي تعيشها اليسا في القصة وكأنها ارتكبت خطيئة او معصية. كل هذه الأمور تدفعنا الى التساؤل اولاً
في أي عصر نعيش؟ ولسنا هنا بوارد الدفاع عن اليسا لكن من المنطقي ان نسأل... طبعاً لكل شخص رأيه، أناس احبوا الكليب وآخرون لا، لكن هذا موضوع آخر، ومن الضروري ان ننتبه انه عندما يطالب بمنع كليب اليسا لأنه يخدش الحياء وفيه جرأة ووقاحة كما يعتبر البعض فتتعرض اليسا الى وابل من الانتقادات، اليس من المفروض في الوقت عينه ان نعترض على كليبات جينيفر لوبيز (الكليب الأخير بشكل خاص) وكريستينا اغيليرا وامينيم وغيرهم من اسماء المغنيين الغربيين الذي زينوا شاشاتنا العربية وتعرض اعمالهم على مدار الساعة وعلى كافة الأقنية؟؟؟ سريعاً قد يقول البعض انه حياتنا الشرقية تختلف عن حياتهم، هذا صحيح ولا مجال للشك، لكن بما اننا شرقيون ونرفض مثل هذه الأمور، لماذا نقبل بمشاهد هذه الأعمال ولماذا تعرض اساساً عل
شاشاتنا، هل هو امر طبيعي ان نمتنع عن الإباحية ولكن تسمح لنا مشاهدتنا؟؟ فنحن إما نسير على مبدأ معين او لا، عندما نتحدث عن موضوع يتعلق بالقيم والأخلاق يجب ان نكون واضحين وان لا نقبل باللون الرمادي، اما هو ابيض او هو اسود!!& أليس في هذا قمة التناقص؟ وأيضاً أعمالهم تعرض بالمجان ودون مقابل وكل اغنية تمر على هواء أي فضائية عربية هي بمثابة ترويج لهذه الأعمال، بينما الفنان العربي بحاجة الى الدعم باستمرار، فهو إما يدفع او يحتاج الى وساطة او الى عقد احتكاري
مع محطة ما كي تعرض اغنياته؟ الا تدعو هذه الظاهرة الى الاستغراب حقاً؟ وهل نسي كاتبو تلك المقالات والمطالبون بمنع كليب اليسا انه مرّ على رقابة الأمن العام اللبناني، ونال تصريحاً بالعرض؟ فالكل يعلم انه لو تضمن مشهداً واحداً يخدش الحياء لما سمح جهاز الأمن العام اللبناني بعرضه ومنحه إجازة العرض! لكن للأسف التجريح والتهجم بات من شيم بعض الأقلام العربية، التي لا تنتقد على اساس منطقي ولا على اساس المعلومات، بل تنقد فلان إكراماً لعلان، وتجرّح
بفلانة لأنه فلانة اخرى تكرهها او تغار فيتدخل المال والوساطة والرشوة فقط للتجريح لأن المغنية فلانة تريد الانتقام من زميلتها والأدهى انها اعمالها تحمل جرأة اكبر بكثير ووقاحة ظاهرة!
طبعاً نحن لا نتحدث بشكل عام بل عن بعض الحالات الشاذة في الإعلام العربي الذي يتعاطى الشأن الفني ونشعر بأسى شديد عندما نذكرهم ولكن أيضاً للأسف الشديد هم موجودون. وايضاً لسنا نقول ان كل من انتقد اليسا له مصلحة في ذلك، ولكن فعلاً لم كل هذه الضجة والنقد الجارح والهدام؟ ومن المنطقي ان يذكرنا موضوع اليسا بموضوع الفنانة نانسي عجرم التي تكررت معها الانتقادات ذاتها وكانت قاسية جداً فيما يخص كليب "اخاصمك آه"، وقبلها الفنانة نوال الزغبي في كليب "اللي تمنيتو" إذ تكررت التعابير ذاتها تقريباً، وقبلها الين خلف عندما رقصت في كليب وغداً دون شك كارول سماحة في كليب حبيب قلبي... كل هذا يخدش حياءنا بينما بريتني سبيرز تهدينا الى طريق الصواب عندما تتلوى بجسدها في أي اغنية تصورها، كذلك جينيفر لوبيز وكريستينا اغيليرا خصوصاً في كليب "ديرتي" الذي لا يخدش الحياء ابداً ومن الضروري عرضه ليلاً نهاراً دون حسيب ولا رقيب وعلى كافة شاشات التلفزة العربية، وبينما الإعلانات التي تعرض على قنواتنا والتي فيها مشاهد ساخنة نسكت عنها لأنها مدفوعة، ولا نعلق ولا ننتقد إذ ربما من يدري قد يأتي هذا المعلن يوماً ما ويشتري صفحة دعائية ليروج لبضاعته في مجلتنا، إن لم يكن اساساً قد فعل... بينما اليسا ونانسي عجرم وزميلاتهن تتهمن بالإباحية والأثارة والإغراء وكأنهمن وصمة عار! طبعاً هذا غير صحيح بل انها ضريبة النجاح والنجاح اللافت أيضاً الذي أثار زوبعة في عالم الأغنية المعاصرة.
[email protected]
&