طارق حمو
&
&
&

في إيجاز لبعض أفكاره حول العراق، كتب الدكتور مصطفى الفقي في جريدة الحياة اللندنية الثلاثاء 24 / 6/ 2003 مقالاً بعنوان ( عروبة العراق....إلى أين؟ ) توقف فيه عند خمسة نقاط مسهباً ومراجعاً لحال العراق ومناقشاً مسألة عروبته التي لم يخف خوفه عليها في ظل الإحتلال الأميركي الحالي وما قد "يؤسسه" هذا الإحتلال من أشكال إدارة لمؤسسات الدولة العراقية القادمة قد تنسف، فيما يتراءى في حدس الكاتب، الأسس البنيوية للمؤسسة العراقية ( القائمة على فكرة العروبة) منذ تشكيل الدولة العراقية ( منذ الربط التأسيسي بين ولايتي الموصل والبصرة عام 1932م). في متن المقال المذكور ثمّة تناقضات واضحة في الطروحات الحججّية التي هدفت لتبيان و إجلاء خوف الكاتب على العراق القادم وعروبته، فبعد مقدمة تحمل عتاباً مبطناً على الكتابات التي دارت حول المسألة العراقية والتي لم تركز على عروبة العراق يتحول الكاتب إلى التاريخ العربي للعراق ليسترجعه في ومضة سريعة يختصرها تالياً في نقطتين : 1ـ العراق : هو البلد العربي الأصيل الذي إستقرت فيه الهجرات العربية بعد الفتح الإسلامي.2 ـ عروبة العراق هي عروبة مستقرة وليست عروبة وافدة (لنلاحظ معاً هذا التفسير الضبابي )، هنا يتساءل المرء فوراً : ما هو الفرق بين العروبة المستقرة والعروبة الوافدة ؟. وكيف يكون العراق بلداً" مستقر العروبة" وهو البلد الذي إستقرت فيه الهجرات العربية ما بعد الفتح العربي/ الإسلامي كما أفاد الكاتب ؟.
والحال، أن هناك معنيين لمفهوم العروبة في العراق لا يكاد ينفصل أحدهما عن الآخر ( في المعيار الجمعي العربي الذي خلط لا شعورياً بين هذين المفهومين، وكذلك في الممارسة الميدانية اليومية للأسف....) منذ زمن هارون الرشيد أو لحظة " الضربة الدامية التي وجهها هارون الرشيد للبرامكة" كما ذكر الدكتور الفقي، وهو الخلط المتعمد والمسيس بين العروبة كوعاء ثقافي حضاري إحتوى إرث العراق العربي منذ الغزوات الإسلامية وقدرت على هضم الثقافات العراقية( وترجمتها وتنقيحها) لتنبتها فيما بعد على أشكال علوم وفنون وإضافات علمية وحضارية للثقافة الإنسانية الشاملة، وكان جزء من منتوجها ذلك الكم الهائل من الكتب التي أغرقها هولاكو في نهر دجلة، وكذلك قسماً كبيراً من الآثار والمخطوطات التي سرقها العابثون بعد سقوط النظام العراقي السابق، وبين العروبة كفكرة وإيديولوجية إحتواءية شمولية طغت ( بطريقة مسيسة فجة وعنصرية ) على بقية الموزاييك العراقي الأصلي ( الإثني والمذهبي المختلف )، كما حدث في الأزمان الماضية و إمتد تواتراً إلى الحاضر، وبرز في شكله الأطول والأكثر رعباً في مرحلة تسيير الإيديولوجية البعثية العروبية للدولة العراقية وفرضها الوجه الوحيد الأوحد للعروبة في شكلها التفسيري التوتاليتاري العام، والذي إحتوى على عدة أوجه وطرق لعل من بينها عدم إحترام خصوصية وماهية بقية الأثنيات التي إحتوتها الحدود الجغرافية للعراق، ولعل التعريب (وما رافق ذلك من تدمير وتخريب) لإقليم كردستان العراق كان الفشل العروبي البعثي الأول في ميدان الحوار والتعايش والإحتواء الحضاري لمفهوم" العروبة" مع بقية مكونات الدولة العراقية الغير عربية، ذلك الفشل والتخريب الذي دام أكثر من 35 سنة وإنتهى في 9 نيسان 2003 يوم سقوط بغداد وإندحار الطغمة البعثية التي حكمت وأرعبت الشعب بإسم العروبة والأمة العربية، ورفعت أكثر الشعارات القومية تطرفاً وأذى في التاريخ العربي الحديث.
من المعلوم إن القمع والبطش الذي مارسه حزب البعث في العراق ضد الشعب العراقي وخاصة الشعب الكردي كان السبب الرئيسي في ضعف الدولة العراقية وتفكيك بنيتها وإنكشافها الهش هذا أمام الهجوم الخارجي، فحلقات التنازلات الخارجية بداءت حينما قرر النظام "حلّ" جميع مشاكله وإشكالياته مع الجيران حلاً مؤقتاً لكي يتفرغ لجبهته الداخلية لمعاقبة المتمردين الأكراد( العصاة في الجبال)، فيما كان من المفروض الإتفاق مع الأكراد وكسبهم لتمتين الوحدة الداخلية لمجابهة الأخطار الخارجية، لكن النظام العراقي السابق، نظام ما بعد إنقلاب 1963م، كان قد فضل طريق الدم والموت ضد شعوبه منذ البداية، فجاءت الأخطاء والكوارث التالية نتيجة الخطأ الأول ( الذي لم يخلو من فتاوي وإسنادات مرجعية قومية وعروبية واضحة وحتى فترة متأخرة أيضاً) كالحرب العراقية ـ الإيرانية بعد مطالبة صدام بشط العرب الذي كان قد تنازل عنه في إتفاق الجزائر 1975 م كصفقة مع الشاه للتفرغ للأكراد وسحق ثورتهم، ووقعت الحرب مع إيران التي إستمرت 8 سنوات أتت فيها على الأخضر واليابس وخرج منها العراق منهكاً محطماً ولكنه يمتلك آلة عسكرية هائلة وفريدة في المنطقة مما أغرى صدام بغزو الكويت لتعويض إقتصاده ومتطلبات آلته العسكرية التي أراد لها ان تكون توسعية إمبراطورية لا تقف عند أي حد( بعد ملاحظته لطقوس الولاء الهيستيري التي كانت الأقطار الشقيقة تتبارى في أداءها أمام حضرته )، فهل هذه هي العروبة ( مفهوماً) التي تدفع المرء للخوف عليها وعلى إنموذجها ؟.
يقول الدكتور الفقي " إن هناك إحساساً عاماً بإحتمال وجود مرحلة مؤقتة وعابرة من الضيق العراقي العام بمفهوم العروبة" ترى ما هو مفهوم العروبة هذا الذي يقصده الكاتب، وهل كان هذا المفهوم موجوداً زمن حكم صدام حسين وحزب البعث؟؟
وإن كان الجواب لا...، فماذا يعني الخوف على عروبة العراق في هذا الوقت بعد زوال صدام ونظامه ، وهي كانت عروبة تسلطية إمتدادية عنصرية لا تمت بأي صلة إلى المفهوم الحضاري والثقافي للعروبة ؟؟. وإذا كان الجواب، مرة أخرى، بالنفي فما الذي يقصده الكاتب بقوله " المواطن العادي في بغداد أو البصرة أو الموصل (......) يشعر بأن أمته العربية لم تكن داعمة له بالشكل الكافي أثناء المحنة، ذلك تجسّد في معاملة العراقيين للمتطوعيين العرب الذين ذهبوا إلى العراق أثناء الحرب الأميركية عليه ما يؤكد ذلك، إذ وجد فيهم الشعب العراقي مجموعات وافدة ينفث فيها من غضبه ويعبر في عنف عن شعوره المحبط تجاه أمته التي خذلته من وجهة نظره، فهي لم تكن كما كان يريدها فقامت مجموعات من الشعب العراقي بالإعتداء على المتطوعين العرب وطاردتهم وقتلت عدداً منهم وسلمت عدداً آخر إلى سلطات الإحتلال الأميركي في مشاهد مأساوية تجسد بحق مؤشر لبداية إحتمال كفر بعض العراقيين بعروبتهم". ثمّة تناقض وخلط واضح في هذا المقطع، إذ أن موقف العراقيين من " المتطوعين العرب" لم يكن موقفاً من عروبة هؤلاء أو رداً قاسياً يظهر فيه الكبت العراقي الغائر ضد العرب والعروبة، بل كان موقفاً سياسياً ضد هؤلاء الناس الذين تركوا دورهم وأعمالهم وإتجهوا إلى العراق للدفاع عن النظام العراقي، فالمتطوعون العرب بعد أن تسربوا من بعض الدول الجارة سلموا أنفسهم لقيادات الحرس الجمهوري وفدائيي صدام ليتم توزيعهم على المراكز القتالية، وكذلك إستلموا أسلحتهم من تشكيلات هذه القوى(ولا يخفى عن أحد السمعة الرهيبة التي يتمتع بها فدائيي صدام والحرس الجمهوري في قمع العراقيين)، فالموقف العراقي الشعبي جاء، والحال هذه، موقفاً عدائياً من هؤلاء المتطوعين لتعاونهم مع قوات صدام للدفاع عن نظامه ( مهما كانت الإيديولوجية التي كانت تحركهم، فالإسلاميون منهم: تعاونوا مع قاتل المسلمين بالغازات السامة و حملات الدفن الجماعي وقاصف الجوامع والمراقد بالمدافع والطائرات، والقوميون منهم : دافعوا عن وجود شخص ونظام كانت أفاعيله الضربة القاصمة لفكرة العروبة والوحدة العربية...) و هكذا أوتوماتيكياً أمسوا في خانة أعداء الشعب العراقي من الذين سعوا وجاهدوا لإطالة عمر النظام وإستمرار عملية تعذيب الشعب العراقي، فإذا كان موقف العراقيين من هؤلاء المتطوعين المتعاونيين مع أجهزة قمع صدام هذا " بداية إحتمال كفر بعض العراقيين بعروبتهم" فذلك يقودنا، مرةً أخرى، إلى الحدس بان الكاتب يحاول ( ربما في لا وعيه) ربط فكرة العروبة ( والخوف الفجائي عليها..) بمرحلة ما بعد 9 نيسان 2003، والتي أصبحت في خطر ماحق بعد إحتلال العراق وهروب صدام وأركان نظامه وحربه !، وعودة الشعب العراقي إلى ممارسة حياته الخاصة ( كما في مثال مئات الآلاف من الشيعة عندما إتجهوا، للمرة الأولى منذ عشرات السنين، لزيارة المراقد الشيعية المقدسة في النجف وكربلاء )، فهل يكون الكفر بنظام صدام وكل من إرتبط به ( بمن فيهم أؤلئك المتطوعون أيضاً ) هو بداية الكفر بالعروبة ؟.
والحال، إن الكاتب، كما يوحي في ثنايا ملفوظه، يربط فكرة العروبة بوجود النظام السابق الذي كان قائماً على شعارات قومية عربية مفخمة ومضخمة( أمة عربية واحدة، ذات رسالة خالدة، حماية البوابة الشرقية للأمة العربية، قادسية صدام، صواريخ العدنان والحسين....الخ ) يقول الدكتور الفقي : " إن سقوط النظام العراقي قد أدى إلى سقوط حزب البعث الذي ظل يحكم في بغداد ما يقرب من خمسة وثلاثين عاماً متصلة وهو ما يعني أيضاً سقوط بعض الشعارات القومية ولو من الناحية النظرية على الأقل حيث كانوا يقولون للعراقيين إنهم ينتمون إلى { أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة}، فسقوط الجناح العراقي لحزب البعث قد أدى إلى فراغ سياسي في المشرق العربي، رغم تسليمنا بالخلافات العميقة بين جناحي الحزب في بغداد ودمشق عبر العقود الأخيرة". وعليه فهو يضطرب ويقلق على هذه "العروبة" بعد زوال صدام و إنعتاق العراقيين: الشيعة والسنة والأكراد وبقية الموزاييك العراقي من حظيرة العبودية الصدامية السوداء تلك. التي أعتبر الدكتور الفقي إن ممارسة العراقيين لأول طقوسيات الخلاص " نعرات " و" إنتقاصات" من قيمية العروبة !؟.
&" الإحساس بالمرارة في حلوق العراقيين ـ سواء كان ذلك مبرراً من عدمه ـ أصبحت تفرز هي الأخرى مشاعر سلبية تجاه قضية العروبة في العراق حتى بدت النعرة الشعوبية في الظهور، كما بدأت التوجهات الدينية والتقسيمات المذهبية تمارس هي الأخرى دورها دورها الذي ينتقص من مفهوم العروبة ويقف على أرضية مختلفة في ظل دولة تمثل { فسيفساء}عرقية و{موزاييك} سياسية ". ما هذا الفكر الذي" يوزع" هكذا " تصنيفات" في بلد متعدد الأعراق والأديان والمذاهب كالعراق: خرجت شعوبه لتوها من ظلام إستبداد جلادها فلم تجد ـ وهي المكبوتة والمسحوقة منذ عشرات السنيين ـ سوى ممارسة إنسانيتها وماهيتها الوجودية في طقوسها وعاداتها، وهل لنا أن نحسب " ممارسة الشعائر الدينية والمذهبية " إنتقاصاً من مفهوم العروبة، و منعها ومصادرتها تمتيناً و ثراءاً لها ؟؟. وعلى هذا الخط ( الخلط..) كيف، وعلى سنة أي منهج، نفسر نيل الشعب الكردي في كردستان العراق لحقوقه القومية المشروعة التي سلبه إياها النظام السابق عودة إلى الشعوبية (التي تذكرنا بأحلك فترات التاريخ العربي/ الإسلامي ظلماً للفئات الغير عربية ) ؟؟.
قد يكون من المفيد التذكير بأن التوجسات العروبية في الأوساط الرسمية العربية لا تخفي قلقها من إحتمال تغير موازين القوى والسيطرة في الدولة العراقية الحديثة، فالأغلبية العددية الشيعية ( 60%) والتي لها ولاء مذهبي يفوق الولاء القومي ( جراء التنكيل العروبي التكفيري الذي حدث بتواطؤ عربي مبيّن وإلى هذه اللحظة) قد تأخذ زمام المبادرة القيادية، تبعاً لقواعد اللعبة الديمقراطية الجديدة، وتحكم العراق الذي كان حكراً على الأقلية السنية منذ نشوء الدولة العراقية، والتي كان للسنة فيها اليد الطولى في مراكز صنع القرار والإدارة في الحكومات العراقية المتعاقبة، بينما كان الحكم الأيديولوجي الصادر بحق الأكثرية الشيعية يذهب إلى تصنيف القوم بالولاء للمذهب وليس للعروبة ( أو الولاء لإيران الخمينية كما يقول بذلك بعض المنظرين العرب صراحة)، أما الأكراد فشعاراتهم تقول بالدولة الفيدرالية الإتحادية بين العرب والأكراد في إطار العراق الواحد، وهو طرح يقدم واقعاً جديداً ( ولربما صدمة للفكر القوموي العروبي..) إذ عندما يحسب الشطر العربي من العراق على الأمة العربية التي تمتد حدودها الجغرافية والحضارية إلى المحيط الأطلسي لا بد أن يحسب القسم الكردي من العراق على أمة الكرد التي تصل حدودها الحضارية والجغرافية إلى حدود روسيا وأعماق إيران وتركيا الحالية، مما يخلق واقعاً جديداً قال عنه الكاتب بأنه " يقف على أرضية مختلفة في ظل دولة تمثل { فسيفساء} عرقية و {موزاييك} سياسية " وهو ما يتناقض مع" مفهوم العروبة" الذي أشارّ إليه الكاتب وحاولنا، فيما سبق إظهار مكنونه الحقيقي للقارئ.
ويبقى ما يهمنا في هذه الحالة الإشارة أن التشكيلاتية السابقة للدولة العراقية والتي بنيت على نظرة ومنهج إقصائي واضح (إضطهاد قومي / إضطهاد مذهبي) لمكونيين رئيسيين من مكونات الدولة العراقية، وهما الأكراد والشيعة كانت السبب الرئيسي في ظهور النتائج الكارثية الحالية كتوابع لمقدمات وأسباب خاطئة لم تؤثر فقط على العراق ومستقبله كوحدة سياسية وجغرافية وحسب، وإنما تعدى خطرها إلى كامل المنطقة التي تأثرت سلباً وبشكل كبير بالأخطاء الإستراتيجية القاتلة للتكوينية العراقية السابقة، فالإيديولوجية البعثية فشلت فشلاً تاماً في تسيير الدولة والحفاظ على سلامها الداخلي وأمنها الخارجي، لأن هذه الإيديولوجية نظرت، منذ مجيئها الحكم على ظهر دبابة، نظرة فردية وإقصائية إلى بعض مكونات الشعب، فسحقت مطالب الأكراد التي وصفتها بالإنفصالية، وعزلت الشيعة بتهمة ولاءهم لجهات خارجية ( نفت على سبيل المثال فقط، آلاف الشيعة العراقيين إلى إيران بحجة إنهم إيرانيو الأصول!!). لقد حطمت الإيديولوجية البعثية (والتي أختصرت في النهاية بشخص صدام نفسه) الوحدة الوطنية بين شعوب ومذاهب العراق، وقدمت وجهاً كالحاً لما أسمته بالقيمية العربية الأصيلة الهادفة إلى "إظهار" و"ترسيخ" الوجه العربي للعراق ( على حساب وجود بقية القوميات والمذاهب) الذي سيكون، لاحقاً، قدوة لبقية أقطار العروبة، وسيحاول النظام تطبيقه بقوة السلاح والنار....
أما وقد تغير الحال الآن، بعد 9 نيسان الماضي وسقوط بغداد ( عاصمة الرشيد: باللغة القوموية الرائجة !) فإن العراقيين باتوا أمام واقع آخر، لا يظهر في آفاقه سوى لسان حال يقول: لا بد من إستخراج الدروس والإفادة من الكوارث الماضية والتي كان السبب الرئيسي فيها إلتزام و تطبيق الأدلوجة العروبية القاتلة والتي أعملت التقتيل والتطهير في أرض بلاد الرافدين المتعددة الأقوام والألسن والمذاهب، وإن كان ثمّة من هوية عربية للعراق الجديد فلا ضير لذلك شرط أن تكون هوية حضارية وثقافية تعتمد على الإرث التاريخي والثقافي للمجموعة العربية بدون أن تختصر في مذهب معين وتترك الآخر بحجة الخوف من ولاءاته المتوقعة لهذه الجهة أو تلك، كما لا ينبغي نفي الوجه الكردي للعراق والذي يستند في مرجعيته الحضارية إلى أمة أخرى مجيدة هي الأمة الكردية، مع ضرورة إحترام بقية الموزاييك العراقي الآخر ( الغير كردي والغير عربي)، عندها يمكن للعراق النهوض من سباته العروبي العصابي القائم ( ومنذ بدايات النزعة الدعوية للقومية العربية) على سيادة فكرة وعنصر العروبة وطغيانها على بقية القوميات ومحاولة إذابة البقية في البوتقة العربية.
هو إذن عراق جديد يحمل في سماته كافة خصائص شعوبه دون السعي للتفريق أو فرض عصبوية قومية فيه على البقية
أي الإعتصام بالعراق الجغرافي وتراث كل شعوبه المتعايشة في هذا الحيز الجغرافي، وهو الطرح الذي يضادد تماماً طرح الدكتور الفقي الداعي إلى ريادة القومية العربية في شكلها الإحتوائي الشمولي ذاك، وذلك حينما أنهى مقالته بخلاصة رأيه بكل وضوح قائلاً "...وما قمنا به هذه السطور هو طواف سريع حول العراق بشيعته وسنته، بعربه وكرده، بمسلميه ومسيحييه، بل والتركمان أيضاً فيه، بحثاً عن مظلة واقية للهوية العراقية، لا نكاد نجد لها أفضل من الإعتصام بالعروبة في هذه الظروف الصعبة والقلقة والغير مسبوقة "!!.
كاتب كردي مقيم في المانيا
[email protected]