&

طارق الحارس
تألمت كثيرا عندما قرأت الخبر الذي أعلنه نادي الجهراء الكويتي المتعلق بفسخ العقد المبرم بين النادي واللاعب الدولي العراقي عباس رحيم بسبب مراعاة ادارة النادي لمشاعر أهالي الأسرى الكويتيين في ضوء ما يستجد يوميا من أنباء تعمق مأساتهم وتزيد معاناتهم ، حسب ماجاء في التصريح الذي أدلى به نايف جابر مدير الكرة بالنادي .
نعم .. ان مشاعرالأخوة في الكويت ، لاسيما أهالي الأسرى الذين أعدم نظام الحاكم الهارب أبناءهم، جديرة بالمراعاة والاحترام . ونعم ، ان الذي اقترفه النظام المخلوع بحق الشعب الكويتي يوم الثاني من آب في العام 1990 كان فعلا اجراميا قبيحا ترك آثارا وجروحا عميقة لدى أبناء هذا الشعب وليس من السهل نسيانها ، لاسيما في هذه الأيام بالذات ، اذ لازالت رفات الأسرى الذين أعدمهم حاكم بغداد المخلوع تنقل من العراق الى أهاليهم بالكويت ، لكن ماذنب عباس رحيم في ذلك كله ، ولا نريد أن نتعمق هنا بالسؤال ونقول : ماهو ذنب الشعب العراقي كله من الجريمة التي أقترفت بحق الشعب الكويتي ؟
دعونا نتحدث عن عباس رحيم بالذات ، هذا اللاعب الذي لم يسلم جلده من سوط المقبور(عدي) ، ولم يسلم من زيارة معتقل الرضوانية وحاله من حال الرياضيين العراقيين كلهم ، إذ تعرض الى الاهانات والتهديدات من طرف المقبور (عدي ) .
هذا اللاعب لم يكن قد تجاوز العاشرة من عمره حينما غزا حاكم بغداد المخلوع دولة الكويت وذلك يعني أن عباس رحيم لم يكن ضابطا في القوات التي دخلت الكويت ولم يكن حتى جنديا في هذه القوات ، هذه القوات التي لم يكن لها حول ولا قوة ، لقد كان عباس طفلا صغيرا لايمتلك القدرة على رفض القرار الذي اتخذه الحاكم المخلوع . وحتى لو كان عباس رجلا كبيرا فهل كان بمقدوره أن يفعل شيئا يناقض قرارات الدكتاتور ، لكننا هنا نؤكد على أن عباس رحيم كان طفلا صغيرا لنثبت براءته بشكل مطلق من الفعل الاجرامي الذي اقترفه الطاغية الهارب .
تربطنا نحن العراقيين روابط عديدة غير رابطتي الدين والعروبة مع أبناء الكويت ، هذه الروابط جعلت علاقتنا معهم أقرب بكثير من علاقتنا مع أبناء الدول العربية والاسلامية . ونحن على يقين أن الأخوة الكويتيين يفهمون أكثر من غيرهم مدى الشقاء والعذاب الذي تحملناه خلال حكم الجبابرة.
لقد فقدنا العديد من أبنائنا وأخوتنا وشقيقاتنا خلال السنوات الماضية وشاء القدر أن تضاف الى قوائمنا قائمة من أبناء الكويت ، هذه القائمة التي سيظل أهلها يتفاخرون دائما وأبدا لأن الأسماء التي بها هي أسماء أبطال ضحوا بأرواحهم من أجل الكويت ، لكن نعتقد أنهم يعلمون جيدا أن عباس رحيم لم يكن من بين القتلة ، بل كان هو ضحية من ضحايا القاتل ، فهو أيضا فقد خلال حكم الطاغية المخلوع العديد من أبناء عمومته وأصدقائه وأقربائه .
على كل حال نعتقد أن القرار الذي اتخذه الأخوة في نادي الجهراء كان قرارا متسرعا فقد فرحنا كثيرا بالخطوة التي بدأها هذا النادي مثلما فرحنا بالمباراة التي جمعت الشرطة العراقي والكويت الكويتي التي أقيمت بالقاهرة ضمن بطولة الأندية العربية مؤخرا ، وكنا نتمنى أن تفتح صفحة جديدة في اعادة مياه العلاقة بيننا الى مجراها الطبيعي من خلال وجود اللاعب الدولي عباس رحيم بين أبناء الكويت الشقيق ، لكن يبدو أننا - نحن العراقيين - لازال علينا أن ندفع ثمن جرائم النظام السابق مع أن الجميع يعلم أو علم الآن بأننا كنا الضحية الأولى لهذا النظام وعباس رحيم كان ضحية أيضا وهاهو يدفع الثمن عن جريمة أقترفت ولم يكن فيها له لا ناقة ولا جمل .
&