عمان - الراية - ماجد توبة:اعتبر وزير الخارجية الأردني الأسبق الدكتور كامل أبو جابر ان معاهدة السلام الأردنية الاسرائيلية التي مرت ذكري توقيعها قبل أيام باتت معطلة عن العمل أو علي الأقل مجمدة في الثلاجة جراء التعنت والعصيان الاسرائيلي عن الأمتثال لقرارات الأمم المتحدة.
وتوقع أبو جابر الذي قاد الوفد الأردني الفلسطيني المشترك لمؤتمر مدريد للسلام عام 1991 والذي دشن لانطلاق مفاوضات السلام بين الدول العربية المحيطة بفلسطين واسرائيل ان يبقي السلام الأردني الاسرائيلي في الثلاجة الي أمد طويل مرجعا ذلك الي غياب نية اسرائيل الحالية والمستقبلية في التوصل لسلام معقول ومقبول مع الشعب الفلسطيني.
ولفت أبو جابر في لقاء خاص مع الراية يتزامن مع ذكري توقيع معاهدة وادي عربة بين الأردن واسرائيل في 26 أكتوبر 1994 الي ان السلام مع الأردن لا يمكن ان يكتمل أو أن يسير بصورة طبيعية اذا لم يصل الشعب الفلسطيني لحقوقه وسلامه المقبول موضحا ان الأردن ينفرد عن باقي الدول العربية بطبيعة العلاقة بالشأن الفلسطيني والذي يعتبر بالنسبة للأردن شأنا داخليا وخارجيا في أن واحد.
وأضاف ان كل ما يجري علي أرض فلسطين من قتل واغتيال ومجازر وتدمير بيوت وقلع أشجار وغيره من أعمال وحشية للألة العسكرية الاسرائيلية ينعكس علي وجدان الشعب الأردني وعلي مشاعر قيادته.
ودافع أبوجابر عن مبررات توقيع الأردن لمعاهدة وادي عربة وقال ان المعاهدة جاءت بعد أن أصبح الحل العسكري للصراع العربي الاسرائيلي مستبعدا خاصة في أعقاب السلام الاسرائيلي المصري . كما ان الأردن وباقي الدول العربية قبلوا مبدأ السلام مع اسرائيل منذ عام 1967 بقبولهم لقرارات مجلس الأمن 242 و338.
ويشكك قائد الدبلوماسية الأردنية بعد حرب الخليج الثانية وخلال مؤتمر مدريد للسلام في أي أمل للتوجه نحو السلام في اسرائيل علي المدي المنظور. وقال الطيف السياسي الاسرائيلي بدأ يميل نحو اليمين واليمين المتطرف منذ عام 1967 وتوج عام 1977 باستلام الليكود برئاسة مناحم بيغن للحكم .
وأضاف أبو جابر اليمين استمر حتي اليوم مع فترات متقطعة جاء فيها حزب العمل كأنها ردود فعل آنية لا تلبث ان تنتهي ليعود الليكود للحكم . وتوقع ان يستمر السير نحو اليمين في اسرائيل علي المدي المنظور.
وقال ان يمينية اسرائيل لم تعد قاصرة علي القيادة بل هي في صلب الشعب الاسرائيلي الذي منح شارون ثلثي الأصوات في الانتخابات الأخيرة وشارون يمثل فعلا أكثرية الشعب الاسرائيلي بيمينيته .
وأضاف لا أتوقع أي تغير جذري في مسار السياسة الاسرائيلية وبالذات ان اسرائيل تقوم اليوم ببناء الجدار العازل الذي يلتهم مزيدا من الاراضي الفلسطينية ولا يبقي اطلاقا أي أمل في قيام الدولة الفلسطينية.
ويلاحظ أبو جابر ان سياسة الولايات المتحدة الاميركية التي تتماهي وتتماشي مع مجري السياسة الاسرائيلية بدأت تسير هي الأخري نحو اليمين واليمين المتطرف الذي تمثله الادارة الحالية .
ويري ان طرح الادارة الاميركية لخارطة الطريق للتوصل لسلام معقول ودولة فلسطينية عام 2005 يبقي مجرد كلام للالهاء ليس أكثر. ولا نية متوفرة لهذه الادارة بعمل جدي وحقيقي علي أرض الواقع يعيد اسرائيل عن غيها ويعيد التوازن لمنطقة الشرق الأوسط التي تبقي القضية الفلسطينية بالنسبة لها الجوهر وحجر العثرة التي تقف في وجه أي تفاهم عربي اسلامي مع العالم الغربي.
كما يري ان الأفق مغلق أمام أي حل علي المسار اللبناني السوري فاسرائيل بآلتها العسكرية والاعلامية والسياسية التي يغذيها العالم الغربي وليس اميركا فقط غير مستعدة لحل حقيقي علي هذا المسار ولا نية لديها للانسحاب من مزارع شبعا اللبنانية أو الجولان. ويضيف لا يبدو ان في العالم الغربي أي توجه حقيقي للضغط علي اسرائيل لايجاد حل.
وقلل وزير الخارجية الأردني الأسبق من أهمية عودة حزب العمل للسلطة وغياب الليكود لعودة أجواء السلام الساخن للمنطقة وقال الأمر خرج من العالم العربي والاسلامي فالقرار السياسي والعسكري في المنطقة كلها خرج من يد أصحابها وبات يصنع في واشنطن والعواصم الأوروبية .
لذلك يري أبو جابر ان علي العرب العمل علي مستويين بدل المراهنة علي غياب الليكود. الأول تحقيق تضامن فعلي علي الأقل في توحيد السياسة الخارجية تجاه السلام في الشرق الأوسط وتجاه قضية العراق خاصة مع وجود عشر قواعد عسكرية امريكية علي الأرض العربية.
ويضيف أن أكبر مشكلة ستبقي تواجه السياسة الخارجية العربية، منفردة ومجتمعة ، هي كيفية انشاء علاقة مقبولة ومعقولة مع الولايات المتحدة بصورة نسبية ومع الغرب عموما.
وحذر من انه اذا لم يقم العرب بتوحيد الكلمة علي الأقل في السياسة الخارجية حماية للمصالح العربية والسعي لخلق عوامل للضغط علي الرأي العام الغربي والاسرائيلي فإن اسرائيل ستبقي الدولة العظمي الوحيدة في المنطقة التي تضرب بآلتها العسكرية والسياسية والاعلامية الهائلة كل المصالح والحقوق العربية.
وختم أبو جابر بالقول: ان نكبات العرب في عام 1967 و1991 (حرب الخليج الثانية) وعام 2003 (احتلال العراق) قد جردت العالم العربي من كل عوامل القوة بحيث أضحت الدول العربية مستباحة بصورة كاملة للقوة الاسرائيلية العاتية والانحياز الغربي الصارخ لها. مؤكدا ان علي الدول العربية توحيد كلمتها وسياستها الخارجية للخروج من هذا المأزق.