عبد الله الحكيم :فوجىء بروفيسور إتصالات أمريكي عندما كان يتصفح عددا غير قليل من قنوات البث التلفزيوني في أمريكا أن قصة مايكل جاكسون تتصدر قائمة الأخبار في معظم قنوات البث الأميركي.
كان البروفيسور جيف ماكال من جامعة ديباو بولاية إنديانا يتوقع وقتئذ أن يجد على قائمة الأنباء المحلية أصداء زيارة بوش لصديقه البريطاني توني بلير في لندن أو تحليلات تتناول الهجمات الأرهابية على مصالح بريطانية في تركيا.
ولكنه عوضا عن هذا وذاك، وجد قصة إستسلام مايكل جاكسون، عقب استدعائه على اثر اتهامه بالتحرش الجنسي حيال طفل قاصر، للجهات المختصة في كاليفورنيا.
ويذكر البروفيسور جيف أن نبأ إستسلام مغني البوب جاكسون حظى بتغطية كبيرة جدا ومكثفة على نطاق التغطية الخبرية لكل من قناة السي.أن.أن وقناة أم.أس.أن.بي.سي وقناة فوكس، ناهيك عن كون الحدث نفسه حظي بنصيب الأسد في ما لا يقل عن اثنى عشر قناة تلفزيونية أميركية أخرى، وهو الأمر الذي ينذر بمؤشرات خطيرة جدا تدل على أن الوعي الإعلامي بنواحيه الاتصالية يتردى إلى الحضيض.
هنا يتحدث البروفيسور جيف في اقتباسات له إلى جريدة الكريستيان ساينس مونيتور قائلا بمنتهى السخرية: لقد أنجز الأميركيون تكاملا رائعا في دمج صحافة التابلويد بالصحافة التقليدية. ففيما يملأ بعض معلقي القنوات التلفزيونية فضاء المشهد العام لحادثة الإتهام بالتحرش الجنسي باراء متضاربة حول نوعية الطائرة التي كان يفترض أن تقل على متنها مايكل جاكسون أو أي سيارة سوف يستقل لدفع الكفالة، يثير آخرون من ناحيتهم صورا شخصية شتى التقطت للمغني جاكسون في مناسبات متفرقة عبر تاريخه الفني.
غير أن هناك أصوات متعددة باتت تنتقد الموقف الإعلامي لإدارة قضية تحرش جنسي حيال طفل قاصر على هذا النحو، ففي حين أنه يفترض في القنوات الأمريكية تناول القضية وفق أسس العدل والقانون، لأن الموقف يتضمن قضية جنائية في مقامه الأول، باتت تلك القنوات الفضائية مسكونة، وربما بطرق غير مباشرة، بهموم تغطية جوانب من شهرة مايكل على حساب وظيفة يفترض تكريسها لما فيه اضاءة ما يهم الناس تجاه الإعلام.
ومن هنا يصف البروفيسور جيف الموقف الاعلامي الأمريكي وفق مشاهداته حيال تغطية قضية التحرش الجنسي باثارة ازدواجية تعيسة لا تعكس بدورها أكثر من كون الأمريكيين صاروا يقفون أمام صحافة ضحلة، حتى ولو كانت هناك ضمنيا ايحاءات في عمق هذه القصص لقضايا مهمة ذات طابع اجتماعي.
ويذهب بروفيسور الاتصالات في تأنيبه النقدي للاعلام الأمريكي الى القول أن استعراض قضية مايكل جاكسون لا يفترض في الاعلام الأمريكي التركيز من خلالها على شخص مايكل جاكسون، وانما يفترض فيه تناول قضية التحرش الجنسي حيال طفل قاصر.. وتناول الطفل ايضا بوصفه طرفا متضررا من التحرش، ثم أن القضية الأكثر أهمية ايضا هي قضية التحدي الذي يواجه الآن في ضوء قضية التحرش الجنسي نظام القضاء الامريكي في تحريره موقف المتهم فيما اذا كان مذنبا أو بريئا من عدمه.
ويعزو محللون انخفاض مبيعات أغاني جاكسون في السوق الأمريكية وأفول نجوميته الى الامتعاض الأمريكي في الداخل حيال مزاعم التحرش الجنسي بطفل قاصر، بغض النظر فيما اذا كان ممكنا من عدمه اثبات حادثة التحرش الجنسي عليه.
لقد أطلقوا سراح المتهم جاكسون بكفالة 3 ملايين دولار، لكن القضية وفقا لهذا الاجراء أو بدونه تتجاوز الجوانب القانونية، فنجومية جاكسون الآيلة الى زوال نتيجة ممارساته الصبيانية المخجلة حظيت بتغطية اعلامية مكثفة درجة أنها تثير الآن فعلا الكثير من الأسئلة حول لياقته البدنية وصحته النفسية. واذا ما اضفنا الى ذلك كله تصريحاته المثبته عليه حيال سلوكه مع أطفال قاصرين، يمكننا القول عندئذ أن تلك التصريحات تثير فعلا استياءا اخلاقيا حيال انسان راشد يقدم اقرارا باستمتاعه في النوم الى جانب أطفال قاصرين.
قبل حوالي عشر سنوات مثلا تمكن جاكسون من تسوية أحد قضايا التحرش الجنسي بطفل قاصر، خارج دهاليز القضاء الأمريكي، والآن فالشخص المتهم السابق نفسه يقف معنيا بقضية تتناول الشأن نفسه والحالة ذاتها، وللواقع أيضا فالمتهم جاكسون بدأ مجددا يثير الضوء حول نفسه مرة أخرى بدلائل وشواهد تؤكد من واقع روايات ذاتية يقر وينكر في سياقها في الوقت نفسه أنه ينام فعلا بجانب اطفال قاصرين بطريقة جنسية