مبروك بن عبد العزيز
&
&
&
&
&
لا بد أن نتعود نحن العرب أن نشعر بالسعادة عند سقوط كل دكتاتور و ذهابه إلى غير رجعة. علينا أن نقتنع نهائيا أن هذا النوع من الحكم لا يساعد على تحرير فلسطين و لا حتى شط العرب، بل يخدم مصالح الأعداء أكثر من مصالح الأصدقاء. فلا بد من إتباع علاج الكي لهذه الظاهرة المرضية المعدية المتغلغلة في المنطقة العربية.
لا شك أن صدام القابع الآن بين يدي الأمريكان هو بصدد الإدلاء و بمنتهى التعاون عن الأمور التي بقيت غامضة لديهم و التي تخص الأسلحة و المقاومة. و ربما هو الآن تحت تأثير المواد الكيماوية التي تجعل الإنسان يندفع إلى الحديث دون القدرة على السيطرة على الكلام. للأسف لا يستحق صدام الذليل الذي تنتظره محاكمة هامة من طرف شعبه تطبيق مقولة ارحموا عزيز قوم ذل فلطالما أخذته العزة بالإثم و ليس بالحق.
الحمد لله أننا عشنا لنرى ما لم نكن نحلم برؤيته، لنرى زعيما عربيا يقع في قبضة العدالة الأرضية قبل العدالة السماوية. و هذا ما سيشكل الحدث الأبرز في التاريخ العربي المعاصر بل هو عندي أهم من يوم التاسع من ابريل نيسان. فسقوط دكتاتور أو نهاية زعيم أجرم في حق شعبه هما من الأمور العادية، فلطالما حدث ذلك على اثر الانقلابات العسكرية و غيرها و ما أكثرها في منطقتنا العربية، و لكن المنعطف الأهم، ليس على مستوى العراق فحسب بل على مستوى الدول العربية كلها، هو المحاكمة التي ستجرى للرئيس العراقي على الملأ، ذلك هو الحدث الجديد الذي سيكتبه التاريخ العربي. و الجميع يذكر كيف انطلقت الثورة الفرنسية بالمحاكمة الشعبية الشهيرة التي تلقاها لويس السادس عشر و زوجته ماري أنطوانيت. كل الظروف متوفرة الآن لكي تكون محاكمة صدام عادلة، بل بإمكان العراقيين أن يقدموا درسا تاريخيا إلى بقية العرب عبر هذه المحاكمة. غير أني أريد انتهاز هذه الفرصة لكي الفت انتباه الإخوة العراقيين إلى النقاط التالية حتى تكون فائدة هذه المحاكمة عامة، و حتى يبتعد شبح الدكتاتورية إلى الأبد عن بلدهم و عن كامل منطقتنا العزيزة.
1- أولا، يجب أن تكون المحاكمة علنية و أن تبث على الهواء على جميع القنوات و أن تنشر جميع تفاصيلها على الجرائد، فهذه ليست جريمة عادية شخصية بل هي جرائم بحق الإنسانية و آثارها تعدت الحدود و أضرت بالملايين.
2 - ثانيا، أن يقع استدعاء أكثر عدد ممكن من ضحايا الطاغية صدام من العراقيين و خاصة أولائك الذين فقدوا أقارب لهم أثناء حكمه، و ما أكثرهم، و كذلك من الإيرانيين و أولئك المشوهين من جراء قصفهم بالأسلحة الكيماوية.
3- ثالثا، على العراقيين عدم الاستعجال بإصدار الحكم على الدكتاتور المخلوع الذي أمعن في القتل و التشريد طيلة عشرين سنة، فكلما طالت المحاكمة كلما ازداد أثرها في النفوس و ازداد اخذ العبر من العرب الباقين علّهم يتخيلوا أنفسهم يوما ما في نفس الموقف.
4- رابعا، يجب أن يسرد صدام كامل مسيرته السياسية منذ توليه الحكم، و أن يكشف للعراقيين عن كامل النقاط الغامضة في تاريخهم الحافل بالانقلابات و المآسي.
5- خامسا، كما على صدام أن يذكر أمام العالم كامل ظروف و حيثيات الحروب التي خاضها، و إذا كان هناك من ساعده أو شجعه على غزو إيران ثم الكويت.
6- سادسا، على صدام أن يكشف عن جميع من ساعدوه على امتلاك الأسلحة المحرمة و حتى لو كانوا من الأمريكان. إنها شهادة للتاريخ و للحق. فالذي يساعد على الجريمة يعتبر شريكا بها، و خاصة إذا كان يعلم الغاية و النية مسبقا. و لا ننسى مجزرة حلبجة التي مازال البعض يشكك فيها كمترجم صدام الخاص. يمكن لصدام أن يبرر جرائمه مع مختلف الفصائل العراقية القومية و الإسلامية و غيرها بالصراع على السلطة، لكنه لن يتمكن من تبرير حربين كان هو من أشعلهما و لا تبرير استخدامه للأسلحة المحرمة ضد العسكريين و المدنيين.
7- سابعا، على صدام أن يتحدث عن كيفية إهداره للمال العراقي في شؤونه الخاصة، حتى يسترجع العراقيون ما تبقى منها، و كذلك أن يكشف عن أسماء كل أولئك الذين استغلوا الأزمة العراقية للابتزاز و التمعش، سواء كانوا عربا أو فرنسيين أو غيرهم. إن هذا أمر جوهري لقطع دابر التعاون على الإثم من منطقتنا.
8- ثامنا و أخيرا، يجب أن يحاكم علنيا للعبرة أولئك الذين ساعدوا صدام على قتل الأبرياء و عليهم أن يثبتوا، دون شك، أنهم كانوا مجبرين على فعل ذلك. فالذي يقتل، مثلا، و هو يخشى من عقوبة السجن إن لم يفعل ذلك يتحمل جزءا من الجريمة. أما إذا كان يخشى هو الآخر نفس المصير أي القتل فربما أصبح معذورا. و كذلك من ألقى القنابل على المدنيين؟ الم يكن بإمكانه إلقائها في الخلاء؟.
&و على أمريكا، إذا كانت تريد بحق مساعدة العراق و المنطقة على تجاوز الماضي، و لكي تكون هذه المحاكمة عبرة لمن يعتبر، أن لا تضيع هذه الفرصة فلا تتدخل بالمحاكمة و لا تتستر على محتوياتها كما اعتادت في السابق في علاقاتها مع الطغاة. إذ من حق الجميع و خاصة الضحايا الاطلاع على أدق التفاصيل، و حتى لو أدى الأمر إلى فتح اتهامات أخرى داخلية أو خارجية.
طبعا سيأتي الحكم عادلا و موافقا لما أتت به الشرائع السماوية و القوانين الدولية، على من أشعل أطول حرب بالتاريخ المعاصر و تسبب بقتل مئات الآلاف من الأبرياء و شرد الملايين و ترك الآلاف يعانون من مختلف السرطانات و الأمراض الجينية نتيجة قصفهم بالأسلحة الكيماوية المحرمة دوليا. ليس هناك أي تبرير لجرائم لقتل الأبرياء، فإذا تأزم الوضع و أصبح لا بد من ذلك، يختار الإنسان السوي العاقل التنحي عن موقعه بدل المضي في الإجرام.
&يعتبر الكثير، و أنا منهم، أن صدام يلقى الآن عقوبة إلهية نتيجة تسببه في الحرب ضد إيران، فتلك الحرب المجانية كانت و ستبقى خزيا و عارا عليه و على من سانده من العرب.&&في الختام، لا بد من تهنئة كل الذين تضرروا من دكتاتورية صدام، و خاصة من أبناء الشعبين العراقي و الإيراني، بينما لا اعزي كل الذين انتفعوا من بقاء صدام و من عطاياه دون أن يكلفوا أنفسهم عناء لحظة تفكير صادق مع الذات للتساؤل عن أحقية الشعب العراقي بدل صدام و زمرته بالأموال التي تلقوها و عن الشعب العراقي الذي كان حصاره خدمة لصدام.
ترى لو علم صدام كيف ستكون نهايته المذلة، هل كان سيفعل ما فعل؟ ليته احتفظ بحبة من السيانير أو من تلك المواد الكيماوية التي رش بها الأكراد كالحشرات ليستعملها عند الحاجة
لا شك أن صدام القابع الآن بين يدي الأمريكان هو بصدد الإدلاء و بمنتهى التعاون عن الأمور التي بقيت غامضة لديهم و التي تخص الأسلحة و المقاومة. و ربما هو الآن تحت تأثير المواد الكيماوية التي تجعل الإنسان يندفع إلى الحديث دون القدرة على السيطرة على الكلام. للأسف لا يستحق صدام الذليل الذي تنتظره محاكمة هامة من طرف شعبه تطبيق مقولة ارحموا عزيز قوم ذل فلطالما أخذته العزة بالإثم و ليس بالحق.
الحمد لله أننا عشنا لنرى ما لم نكن نحلم برؤيته، لنرى زعيما عربيا يقع في قبضة العدالة الأرضية قبل العدالة السماوية. و هذا ما سيشكل الحدث الأبرز في التاريخ العربي المعاصر بل هو عندي أهم من يوم التاسع من ابريل نيسان. فسقوط دكتاتور أو نهاية زعيم أجرم في حق شعبه هما من الأمور العادية، فلطالما حدث ذلك على اثر الانقلابات العسكرية و غيرها و ما أكثرها في منطقتنا العربية، و لكن المنعطف الأهم، ليس على مستوى العراق فحسب بل على مستوى الدول العربية كلها، هو المحاكمة التي ستجرى للرئيس العراقي على الملأ، ذلك هو الحدث الجديد الذي سيكتبه التاريخ العربي. و الجميع يذكر كيف انطلقت الثورة الفرنسية بالمحاكمة الشعبية الشهيرة التي تلقاها لويس السادس عشر و زوجته ماري أنطوانيت. كل الظروف متوفرة الآن لكي تكون محاكمة صدام عادلة، بل بإمكان العراقيين أن يقدموا درسا تاريخيا إلى بقية العرب عبر هذه المحاكمة. غير أني أريد انتهاز هذه الفرصة لكي الفت انتباه الإخوة العراقيين إلى النقاط التالية حتى تكون فائدة هذه المحاكمة عامة، و حتى يبتعد شبح الدكتاتورية إلى الأبد عن بلدهم و عن كامل منطقتنا العزيزة.
1- أولا، يجب أن تكون المحاكمة علنية و أن تبث على الهواء على جميع القنوات و أن تنشر جميع تفاصيلها على الجرائد، فهذه ليست جريمة عادية شخصية بل هي جرائم بحق الإنسانية و آثارها تعدت الحدود و أضرت بالملايين.
2 - ثانيا، أن يقع استدعاء أكثر عدد ممكن من ضحايا الطاغية صدام من العراقيين و خاصة أولائك الذين فقدوا أقارب لهم أثناء حكمه، و ما أكثرهم، و كذلك من الإيرانيين و أولئك المشوهين من جراء قصفهم بالأسلحة الكيماوية.
3- ثالثا، على العراقيين عدم الاستعجال بإصدار الحكم على الدكتاتور المخلوع الذي أمعن في القتل و التشريد طيلة عشرين سنة، فكلما طالت المحاكمة كلما ازداد أثرها في النفوس و ازداد اخذ العبر من العرب الباقين علّهم يتخيلوا أنفسهم يوما ما في نفس الموقف.
4- رابعا، يجب أن يسرد صدام كامل مسيرته السياسية منذ توليه الحكم، و أن يكشف للعراقيين عن كامل النقاط الغامضة في تاريخهم الحافل بالانقلابات و المآسي.
5- خامسا، كما على صدام أن يذكر أمام العالم كامل ظروف و حيثيات الحروب التي خاضها، و إذا كان هناك من ساعده أو شجعه على غزو إيران ثم الكويت.
6- سادسا، على صدام أن يكشف عن جميع من ساعدوه على امتلاك الأسلحة المحرمة و حتى لو كانوا من الأمريكان. إنها شهادة للتاريخ و للحق. فالذي يساعد على الجريمة يعتبر شريكا بها، و خاصة إذا كان يعلم الغاية و النية مسبقا. و لا ننسى مجزرة حلبجة التي مازال البعض يشكك فيها كمترجم صدام الخاص. يمكن لصدام أن يبرر جرائمه مع مختلف الفصائل العراقية القومية و الإسلامية و غيرها بالصراع على السلطة، لكنه لن يتمكن من تبرير حربين كان هو من أشعلهما و لا تبرير استخدامه للأسلحة المحرمة ضد العسكريين و المدنيين.
7- سابعا، على صدام أن يتحدث عن كيفية إهداره للمال العراقي في شؤونه الخاصة، حتى يسترجع العراقيون ما تبقى منها، و كذلك أن يكشف عن أسماء كل أولئك الذين استغلوا الأزمة العراقية للابتزاز و التمعش، سواء كانوا عربا أو فرنسيين أو غيرهم. إن هذا أمر جوهري لقطع دابر التعاون على الإثم من منطقتنا.
8- ثامنا و أخيرا، يجب أن يحاكم علنيا للعبرة أولئك الذين ساعدوا صدام على قتل الأبرياء و عليهم أن يثبتوا، دون شك، أنهم كانوا مجبرين على فعل ذلك. فالذي يقتل، مثلا، و هو يخشى من عقوبة السجن إن لم يفعل ذلك يتحمل جزءا من الجريمة. أما إذا كان يخشى هو الآخر نفس المصير أي القتل فربما أصبح معذورا. و كذلك من ألقى القنابل على المدنيين؟ الم يكن بإمكانه إلقائها في الخلاء؟.
&و على أمريكا، إذا كانت تريد بحق مساعدة العراق و المنطقة على تجاوز الماضي، و لكي تكون هذه المحاكمة عبرة لمن يعتبر، أن لا تضيع هذه الفرصة فلا تتدخل بالمحاكمة و لا تتستر على محتوياتها كما اعتادت في السابق في علاقاتها مع الطغاة. إذ من حق الجميع و خاصة الضحايا الاطلاع على أدق التفاصيل، و حتى لو أدى الأمر إلى فتح اتهامات أخرى داخلية أو خارجية.
طبعا سيأتي الحكم عادلا و موافقا لما أتت به الشرائع السماوية و القوانين الدولية، على من أشعل أطول حرب بالتاريخ المعاصر و تسبب بقتل مئات الآلاف من الأبرياء و شرد الملايين و ترك الآلاف يعانون من مختلف السرطانات و الأمراض الجينية نتيجة قصفهم بالأسلحة الكيماوية المحرمة دوليا. ليس هناك أي تبرير لجرائم لقتل الأبرياء، فإذا تأزم الوضع و أصبح لا بد من ذلك، يختار الإنسان السوي العاقل التنحي عن موقعه بدل المضي في الإجرام.
&يعتبر الكثير، و أنا منهم، أن صدام يلقى الآن عقوبة إلهية نتيجة تسببه في الحرب ضد إيران، فتلك الحرب المجانية كانت و ستبقى خزيا و عارا عليه و على من سانده من العرب.&&في الختام، لا بد من تهنئة كل الذين تضرروا من دكتاتورية صدام، و خاصة من أبناء الشعبين العراقي و الإيراني، بينما لا اعزي كل الذين انتفعوا من بقاء صدام و من عطاياه دون أن يكلفوا أنفسهم عناء لحظة تفكير صادق مع الذات للتساؤل عن أحقية الشعب العراقي بدل صدام و زمرته بالأموال التي تلقوها و عن الشعب العراقي الذي كان حصاره خدمة لصدام.
ترى لو علم صدام كيف ستكون نهايته المذلة، هل كان سيفعل ما فعل؟ ليته احتفظ بحبة من السيانير أو من تلك المواد الكيماوية التي رش بها الأكراد كالحشرات ليستعملها عند الحاجة
التعليقات