تعداد الامم بالافراد والمواطنين، ونحن الامة الاسلامية العربية تعدادنا مع الاسف اغبياء ومجانين. تحمدت الله على ان صدام أُسر ذليلا ولم يسقط ضحية او شهيدا تجنبا للجنون العربي، وخوفا من لوثة بعض الفئات التي ستؤلهه بطلا وتنعاه ضحية وتخلده شهيدا. لكن يبدو ان لوثة البعض فاقت كل الحدود، ولا سبيل للسيطرة على الوهم والغباء العربيين تحت اي ظروف او وفق اي معطيات. المتحمسون لإسلامهم وعروبتهم، وهم كثر، اعتبروا طريقة عرض اسر صدام حسين وتفحصه طبيا "إذلالا" للامتين العربية والاسلامية، وتشويها لسمعة زعيم عربي ومرآه. هكذا.. اصبح صدام حسين هو الامتين العربية والاسلامية واختزلت كل قدرات الامتين ووجودهما في شخص صدام حسين.
لا اعتراض لدينا على تأليه البعض لطاغية بغداد، فلله في خلقه شؤون، و لا اعتراض لدينا على التضحية بمليار انسان او معادلتهم بالزعيم، فربما ليس هناك من يستحق ان يحسب له حساب من جماهير "الامة" العظيمة. لكن لدينا اعتراضا على قلب الحقائق وتزوير الوقائع في سبيل الحفاظ على الوهم والحلم العربيين الاسلاميين المريضين.
صدام حسين كان بامكانه ان يحرج معتقليه لو انه قاوم وقاتل واسر جريحا داميا، وصدام حسين كان من الممكن ان يعكس الصورة تماما لو انه سقط صريعا دفاعا عما آمن به، وذودا عن قناعاته التي سير الكثيرين بها. لكن صدام حسين اختار ان يؤسر بلا قتال وان يقتاد بلا مقاومة او اعتراض. هذا يجعل من صدام حسين مسؤولا عن اهانة "العرب" ويحمله وحده وليس قوات التحالف مسألة تحقير الامة التي يتغنى بامجادها الغابرة لا سيما الذين اعترضوا على عرض صور اعتقاله.
طغاة العرب والمتسلطون والحمقى من المسلمين، من في السلطة ومن هم خارجها او يسعون اليها، هم الذين هزموا القومية والدين بمغامراتهم المريضة واهدافهم المشبوهة وخططهم او برامجهم المستحيلة. هؤلاء هم من هزموا العرب والمسلمين، وهم من اذل الامة وضيّع مقدراتها وحطم ارادتها وغيّب وعيها. وليس اكثر من هؤلاء اثما واجراما الا المطبلون لهم والغافرون لذنوبهم، والذين مثل المعترضين اياهم لا يزالون يعتبرونهم زعماء وقدوة حتى في استسلامهم وذلهم المهين.