&
منذ سقوط صدام في أيدي التحالف، تابعت ردود الفعل في الفضائيات العربية عموماً، والخليجية او الممولة خليجيا خصوصاً.
راعني أن الفضائيات الخليجية أو الممولة خليجيا خارج دول مجلس التعاون تشن حملة تحريضية واثارة في العراق، تحرض الناس على العنف، وتتحدث بلغة طائفية خطيرة تثير الناس ضد بعضهم البعض، وتتغنى بما تسميه المقاومة العراقية "البطلة" التي قتلت من شرطة العراق أكثر من قوات التحالف، والتي ضربت البنية التحتية، وقتلت مئات المدنيين العراقيين الابرياء.. وهذه القنوات لا تخفي تعاطفها مع الرئيس المخلوع سواء باختيار ضيوفها او باللغة التحريضية التي يمارسها بعض المذيعيين ومقدمو البرامج.
السؤال المطروح يتعلق بالأمن القومي لدول مجلس التعاون، وهل ان عراقاً متقاتلاً تسيل فيه الدماء لثلاثين سنة قادمة كما كان حاله مع صدام، هو وضع مفيد الى منطقة الخليج؟ وهل هناك من السذج او من الذين يعلمون ما يفعلون في هذه الفضائيات، من يعتقد انه سيعيش بسعادة اذا كان جاره تعيسا، وان الخليج سيكون آمنا اذا استمر النزيف الدموي في العراق؟
لقد أثبتت التجربة بأن وجود نظام غير مستقر ومستهدف في العراق يعني مباشرة دفع فواتير من الدماء والأموال والفرص الضائعة لكل المنطقة، ألا يكفي دول التعاون ما دفعته في حرب العراق مع ايران ثم حرب النظام العراقي مع العراقيين ثم احتلال الكويت وتحريرها؟
الموضوع المطروح ليس مناكفة، ولا صراع ديكة على الفضائيات، ولكنه مسألة مستقبل اطفال هذه المنطقة في العراق ودول الخليج، ومخطئ من يعتقد ان الاثارة والتهويل وتحريض العراقيين على العنف سيساعد هذه المنطقة أو يخدمها، ومخطئ من يعتقد ان اللعب بالورقة الطائفية العراقية هي مزحة، او تصفية حسابات فالمسألة أكبر من ذلك بكثير.
بأموال دول مجلس التعاون وعبر فضائيات مملوكة لهذه الدول يتم التحريض والاثارة والتهويل. ومن حق كل انسان ان يكره اميركا ولكن لا يحول هذه الكراهية الى العراقيين، ومن حقه ان يعشق الدكتاتورية الساقطة ويترحم عليها، ولكن ليس من حقه خلق بيئة صالحة لدكتاتورية جديدة.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: .. هل من يدفع المال في هذه الفضائيات سعيد بما يدور من تخريب واثارة، ام أنه مثلنا ومثل العراقيين ضحية للفراغ الذي جعل بعض المتاجرين وأصحاب المصالح يمتطون صهوة تشويه الحقائق، ولكن هذه المرة بأموال غيرهم؟!