واشنطن - إنتعش الاقتصاد الاميركي مجددا العام 2003 لكن هذا النبأ يبدو ذا حدين اذ ان قاطرة النمو الاقتصادي العالمي احتاجت الى عجز قياسي والى تراجع كبير للدولار للخروج من حالة الازمة الامر الذي قد يجعل الانتعاش لدى شركاء واشنطن هشا.
وقد بدأ الاقتصاد الاميركي بالانتعاش خلال الصيف فقط. وحتى تلك الفترة كان الاقتصاد يرزح تحت عبء انكماش العام 2001 واعتداءات الحادي عشر من ايلول(سبتمبر) 2001 والفضائح التي طالت الشركات الكبرى والحرب على الارهاب.
وشلت فترة الترقب التي سبقت حرب العراق الشركات وادت الى تراجع ثقة الافراد. وخلال الفصل الاول من السنة الحالية كان هاجس حصول انكماش مخيما.&لكن الولايات المتحدة نجحت في قلب هذا التوجه في غضون اشهر قليلة. ففي الصيف شهدت الاستثمارات تحسنا وبدأ معدل البطالة يتراجع ووصلت نسبة النمو الى 2،8% بوتيرة سنوية في الفصل الثالث من السنة الحالية.
وتوقعت مؤسسة "كونفرانس بورد" المتخصصة بالاوضاع الاقتصادية ان "يكون العام 2004 افضل عام يمر على الاقتصاد الاميركي منذ عشرين عاما" مشيرة الى ان نسبة النمو قد تصل الى 7،5%.
واثار هذا الانتعاش المذهل حسد الدول الصناعية الكبرى الاخرى.&فبعد شبه انكماش خلال الفترة الاولى من السنة خرجت منطقة اليورو من مرحلة كساد لكن نموها بقي هشا في غياب طلب داخلي قوي ويفترض الا يزيد نمو اجمالي ناتجها الداخلي عن 1.8% في العام 2004 بحسب المفوضية الاوروبية.
اما في اليابان فقد تحسن النشاط بشكل ملحوظ هذه السنة لكن تراجع الاسعار والبطالة قد يستمران.
وامام هذا التحسن المليء بالغموض فان نمو الولايات المتحدة حاسم اذ ان هذا البلد يشكل 20% من الاقتصاد العالمي.&وثمة عدة عوامل تفسر انتعاش الاقتصاد الاميركي مجددا هذه السنة ولا سيما معدلات الفائدة التي وصلت الى ادنى مستوى لها ومقاومة الاقتصاد الاميركي مع ان الاجراء هم الذين دفعوا الثمن غاليا لهذه المرونة (4،2 مليون اجير فقدوا عملهم منذ العام 2001).
لكن تجدر الاشارة الى ان الولايات المتحدة احدثت هذا الانتعاش من خلال عجز قياسي ومن خلال ترك سعر صرف الدولار يتراجع وعبر تهديدها باللجوء الى اجراءات حمائية الامر الذي لايمر من دون انعكاسات.
&فخطة الخفض الضريبي التي وضعها الرئيس جورج بوش اضافة الى نفقات الحرب على العراق ادت الى عجز قياسي في الميزانية بلغ 374 مليار دولار العام 2003 وهو مرشح لمزيد من الارتفاع العام المقبل.
&وتشدد الحكومة على ان العجز سمح للاقتصاد بالانتعاش لكن منتقديها يعربون عن قلقهم على غرار رئيس الاحتياطي الفدرالي آلن غرينسبان، من "الانعكاسات الكبيرة التي قد تهز استقرار الاقتصاد".
&ويقترب عجز الحسابات الجارية (الذي يقيس مبادلات الولايات المتحدة مع بقية العالم) من مستويات مقلقة في وقت يدخر فيه الاميركيون اموالا قليلة جدا ويستدينون كثيرا.&وتوقع كرميت شونهولتز من مصرف "سيتي غروب" "الا يؤثر ذلك على الارجح على دورة الانتعاش الاقتصادي ي الولايات المتحدة لكن الدولار سيشهد تراجعا خلال عدة سنوات في اطار اصلاح مواطن الخلل العالمية".
ويشهد الدولار من الان تراجعا كبيرا ومما يساهم في هذا الميل التصريحات المتناقضة للمسؤولين الاميركيين. وكان اليورو الاكثر تأثرا مع ارتفاع قيمته بنسبة 40% في مقابل الدولار منذ اذار(مارس) 2002.&ويرى شونهولتز ان "تراجعا سريعا للدولار قد يهدد التحسن الهش في بعض المناطق الرئيسية بما في ذلك منطقة اليورو واليابان".
ولا تزال نزعة الولايات المتحدة الى الحمائية تثير القلق رغم انها تراجعت بشأن الفولاذ لكنها فتحت جبهة جديدة بالنسبة للنسيج الصيني. ويحذر شونهولتز من ان "ازدياد النزعة الحمائية يشكل تهديدا رئيسيا للاقتصاد العالمي كما كان الحال في الثلاثينات من القرن الماضي".