بلغراد - سيختار الناخبون في صربيا الأحد في إطار الإنتخابات التشريعية المبكرة بين مستقبل أوروبي أو العودة إلى العزلة الدولية التي عاشوها حتى سقوط نظام سلوبودان ميلوشيفيتش في تشرين الأول (أكتوبر) من العام&2000. وقد كتبت الأحزاب أو الائتلافات ال19 جميعها في برامجها الإنتخابية بعبارات مبهمة عموما أنها ستعمل من أجل "صربيا غنية ومستقرة يسود فيها القانون والسلام". ودافعت عن الإندماج في أوروبا ثلاث حركات كبرى خصوصا يبدو أنها ضمنت دخولها إلى البرلمان المقبل.
الأحزاب الثلاثة هي&الحزب الديمقراطي الصربي (دي أس أس) بزعامة فويسلاف كوستونيتشا، والحزب الديمقراطي (دي أس) بزعامة رئيس الوزراء الصربي زوران جينجيتش الذي اغتيل في آذار(مارس) وجي 17-بلاس بزعامة ميروليوب لابوس. وهذه الأحزاب&ذات توجه ديمقراطي وعملت يدا بيد على الإصلاحات غداة سقوط سلوبودان ميلوشيفيتش. لكنها ما لبثت أن انفصلت وبات كل حزب يعمل منفردا. إلا أن أيا منها &لم يضمن بحسب استطلاعات الرأي، حشد أصوات الناخبين المحبطين عموما بعد أن خيبت آمالهم في السنوات الأخيرة، بشكل تمكنه من الحصول على الغالبية المطلقة في البرلمان وتشكيل حكومة بمفرده.
وترغب أوروبا أن يتوصل الإصلاحيون إلى أرضية تفاهم غداة 28 كانون الأول(ديسمبر) لتشكيل حكومة إئتلاف. لكن سيتعين عليهم بادىء ذي بدء تجاوز خلافاتهم وعداواتهم التي أحدثت في الماضي شرخا كبيرا فيما بينهم. وفي حين يريد جي-17 وضع برنامج واضح وخصوصا لجهة وتيرة التقارب بين صربيا وأوروبا، يدعو الحزب الديمقراطي الصربي إلى موقف حذر و"مدورس جيدا" للإندماج الأوروبي. أما بالنسبة للحزب الديمقراطي فإن الوقت ملح& كون&"الناخبون سيختارون بين الماضي والمستقبل"، على ما قال وكرر أثناء الحملة الإنتخابية بوريس تاديتش، أحد الوجوه البارزة الجديدة في هذا الحزب. وكان يلمح بذلك إلى احتمال نجاح الحزب الراديكالي القومي المتطرف وبالتالي إلى احتمال تشكيل ائتلاف بعد الإنتخابات مع الحزب الإشتراكي الذي يتزعمه ميلوشيفيتش. وعلق كوستونيتشا على ذلك بالقول:"إنها رسالة مبسطة جدا. فالناخبون سيختارون بين دولة ديمقراطية ومنظمة قانونيا وإجتماعيا، ودولة اللاقانون التي يسود فيها الفساد والفقر".
ن جهته أكد تاديتش وزير الدفاع الحالي في حكومة صربيا ومونتينيغرو (يوغوسلافيا سابقا)، أن الإندماج في أوروبا يمر بشكل مواز عبر تعزيز التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية. وموضوع التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية لم تركز عليه عموما الأحزاب الليبرالية بسبب معارضة القسم الأكبر من الشعب.
في المقابل استغل الحزب الراديكالي إلى حد كبير هذا الموضوع، مؤكدا لناخبيه أنه في حال وصوله إلى الحكم "لن يرسل أي صربي آخر إلى لاهاي ليحاكم هناك". ووعد زعيم الحزب الراديكالي توميسلاف نيكوليتش بأنه "سيبني دولة ديمقراطية صربية مستقلة تشمل كل الأراضي الصربية". وتعهد ضمنا باستعادة "الجمهورية" التي أعلنها الإنفصاليون الصرب في التسعينيات على ربع أراضي كرواتيا (كرايينا)، وكذلك الكيان الصربي في البوسنة، "جمهورية صربسكا". وأكد أنه سيعمل لتحقيق هذا الهدف "لكن هذه المرة بدون الحرب".&إلا أن جوابه كان غامضا في ما يتعلق بالسياسة التي سينتهجها لاستعادة هذه الأراضي.
إلى ذلك فقد يستفيد القوميون الراديكاليون من الاستياء الشعبي المرتبط بتدهور الوضع الإقتصادي. فبعد ثلاث سنوات من الإصلاحات وتحرير السوق، إثر عقد من الأزمات والحروب والعقوبات الدولية في ظل نظام سلوبودان ميلوشيفيتش، تواجه صربيا واقعا قاتما. إذ أن البطالة تطال 32% من الفئة العاملة، والإنتاج في انخفاض مستمر (3% في 2003) والإستثمارات الأجنبية محدودة.
إلا أن الحزب الراديكالي المعروف بعدائه للغرب ونسج علاقات مع اليمين المتطرف في العالم، حرص على تبديد المخاوف التي يثيرها احتمال فوزه فأكد زعيمه نيكوليتش أنه سيسعى في حال تمكنه من السيطرة على البرلمان إلى إقامة "تعاون متوازن مع الغرب والشرق".