أثناء الحرب العراقية ـ الإيرانية في مرحلة الثمانينات كان الشيعة العراقيون في الجيش العراقي يحاربون الشيعة الايرانيين.. وكان هذا انتصاراً للولاء للوطن الذي هو للجميع وليس للمذهب.. وكان هذا الموقف رغم انه طبيعي الا انه كان محل استغراب لدى المراقبين الأوروبيين.. ويلاحظ منذ الاحتلال الاميركي للعراق توزيع المناصب في العراق الى مذاهب وطوائف دينية وعرقية.. ففي مجلس الحكم الانتقالي تم تعيين الاعضاء حسب الطوائف.. وفي الوزارة المؤقتة ايضاً تمت مراعاة هذا التقسيم وكأن النية تتجه الى اعتماد المذهب الديني، وليس الانتماء للوطن.. وفي صحف الأمس (الشرق الأوسط) وافق زعماء مجموعات سنية على تشكيل مجلس يتحدث بصوت سياسي موحد.
خلال فترة انتقال السلطة في العراق والمجلس يضم جماعات الاخوان المسلمين والسلفيين والمتصوفة.. وهو امر مؤسف ان يقسم الشعب العراقي الى سنة وشيعة وأكراد وتركمان، مما يفسح المجال لخلافات جمة بين هذه المجموعات وكأن شعار «فرق تسد» الاستعماري يعود الى العراق مفسحا المجال لخلافات جمة في الاجتهادات في القضايا السياسية والتي نتمنى ألا يتدخل الدين فيها.. فلا السياسة قابلة لأن يكون للدين دور في اجتهاداتها، ولا الدين قابل لأن يسيّس.. ولهذا تلجأ الدول المتقدمة الى ابعاد الدين عن اجهزة الحكم والعمل السياسي.. والله من وراء القصد.
***
لو لم يرتكب صدام حسين جرائم قتل ضد شعبه في الجنوب وحلبجة، ولو لم ينف في عهده ما يقارب اربعة ملايين عراقي خارج العراق، ولو لم يقطع ألسنة مواطنيه وآذانهم، ولو لم يرتكب جريمة المقابر الجماعية.. ولو لم يشرك الجيش العراقي في حروب مع ايران والكويت ويستنزف ميزانية العراق لتكون فارغة، بل ويتحول العراق الى دولة مدينة تتفضل عليها بعض الدول لسداد ديونها، لو لم يرتكب صدام حسين كل هذه الجرائم، وغيرها كثير وبقي حاكما مستبدا ودكتاتورا لما استحق الدفاع عنه.. ترى ماذا سيقول المحامون الاردنيون الستمائة الذين تطوعوا للدفاع عنه في مرافعتهم عن مجرم العصر؟.