&
نصر المجالي من لندن: بادئ ذي بدء، أعترف بأن معلوماتي الفنية بطيئة إلى حد كبير، وخصوصاً لجهة ما يتطور منها سريعاً في العالم العربي الذي ينتج كل يوم مئات الألبومات الغنائية لفنانين يأتون من خارج "السماء الزرقاء"، حسب التعبير الإنجليزي.
لم أمارس منذ الهجرة الطوعية للعيش في بريطانيا، متعة التطور الهائل في عالم الفن العربي، غنائياً كان أو مسرحياً أو سينمائياً. فقد أهلكتني السياسة وتطوراتها وتداعياتها. ومعها مهنة صاحبة الجلالة التي لا أجد لنفسي منها فكاكاً أو إنفكاكاً، فهي شريان الدم الذي يسري في عروقي إلى أن يقضى ما كان أمراً مقضيا كالقدر المحتوم مثلاً.
وأنا أيضا، استطراداً، لا أجد متعتي الفنية إلا مع سيد درويش وسيد مكاوي وعبد الوهاب وفيروز وأم كلثوم ونصري شمس الدين وفيروز "غالية العرب ودرتهم" كلهم، أنا في معبدهم الفني أعيش غربتي منحنياً لهم، وهم الرابط بيني وبين نفسي من حيث أتيت.
وحين شاهدت ديانا كرزون في حفل نجوم العالم الذي بثّ في المملكة المتحدة حيث أعيش، على شاشة التلفزيون المستقل "آي تي في"، إستذكرت كل "الأولياء الصالحين" في العمل الفني العربي على مدى قرن من الزمان، من العم عبده الحامولي وصولاً إلى فهد بلان وجورج وسوف، مروراً بسيد درويش وسيد مكاوي وعبد الوهاب وعبد الحليم حافظ، ومحمد عبد المطلب وأم كلثوم وفيروز سيدة كل الفنون.
بالطبع لم تكن ديانا كما قال&زاد الخير في مقاله لـ"إيلاف" على المستوى المرموق، ولكنني أرد بالقول "حتى لو كان عبد الحليم حافظ أو فريد الأطرش أو حتى فيروز في المكان الذي وضعت فيه ديانا كرزون من دون تدريب وتأهيل مسبق، هم غير قادرين على المهمة"، وخصوصاً أن من نصح ديانا بالغناء باللغة العربية أمام جمهور غربي أساء إليها كثيرا قبل أن يخدمها".
يبدو أن ترتيباً ما أوقع "سوبر ستار العرب" ديانا كرازون في خطأ لا تحمد عقباه، وهي ليست وحدها المسؤولة عن ذلك، فهنالك شركات منتجة وأخرى استثمارية، وغيرها إعلامية تورطت لمصالح إعلانية أو دعائية أو أغراض أخرى؟؟ ولكن لا بدّ لي من الإعتراف بأن ديانا بجرأتها قدمت عربياً ما لم يستطع تقديمه كثر من السياسيين والمعلقين العرب الذين تجلبهم قنوات التلفزة البريطانية مع كل حدث عربي ساخن.
هؤلاء المعلقين السياسيين، لم يكونوا على قدر من جرأة ديانا كرزون حين وقفت لتغني باللغة العربية، وعلى شاشات غربية بينها وبين العرب ما "صنع الحداد". كثيراً ما تلعثم هؤلاء المعلقين السياسيين ولم ينصفوا موقفهم الذين جاؤوا من أجله، نصرةً لقضايا العرب على الساحة الغربية.
ختاماً، قد لا تنال ديانا كرزون موقع "سوبر ستار العالم"، فالمنافسات جد كبيرة عنصرياً وثقافياً وحضارياً وإنسانياً. بالتالي، لكن هذه الفتاة الآتية أساساً بدم فلسطيني، وثقافة كويتية وجنسية أردنية ودعم تلفزيوني لبناني، أقلّ ما يمكن تقديره، أنها وقفت "متحفزة وأدت دورها، كسوبر ستار للعرب جميعا".
التعليقات