معد الشمري

&
&
عشقتها واحة خضراء وسط صحراء قاحلة مجدبة، عشقتها وردة وسط أشواك، عشقتها طفلة متمردة، عشقتها شابة طموحة، عشقتها أمرأة متجددة، فكانت كل سنة بعشرة هكذا هي أيلاف.
أجمل هدية للشباب العربي كانت أيلاف في أطلالتها الأولى، وأجمل متعة كانت أيلاف لمن ضجر من قراءة الصفحات الصفراء و الخضراء وو..، وهي مهد الحرية للكاتب الذي سأم مقص الرقيب وفن حذف الكلمات وأدلجتها، وتقليص المقالات، هي اللوحة السوريالية لمن أراد أن يحلم، وهي القبلة الأولى لعاشق لم يعرف طريقه الى فم حبيبته، وهي الطلقة ( الصرخة ) الأولى لأمرأة على سرير الولادة، وهي كالموت و الولادة صعب أن تعاد أو تكرر مرتين كما قالها الراحل نزار القباني ذات يوم.
حديقة ايلاف تتنوع فيها الورود والأزهار والرياحين، فمن كل صنف وردة جميلة بطعم ورائحة زكية تختلف عن أختها، لا تطغي رائحة أحداهنّ على الأخرى، بل يشكلن جميعا" كوكتيلا" جميلا" يعطر المكان ويحوله الى فردوس تحوم في سماءه ملائكة الحروف وقديسو الكلمات، لا مكان للشياطين في فردوس أيلاف التي شنت حربا" عليهم منذ يوم ولادتها، و طالما حاولت تلك الشياطين أن تسرق النظر عبر منافذ الحرية التي تفتحها أيلاف لزوارها، ولكنها في كل مرة كانت ترجم بكلمات قاسية وتقصف بحروف مقدسة تنطلق من أقلام حراس أيلاف ونواطيرها الذين لا يغفلون.
مليونان وسبعمائة ألف نفس يملئون فردوس أيلاف صباح كل يوم، وفي كل صباح كانوا ينتظرون ولادة حبيبتهم أيلاف ؛ لم تكن أيلاف لتغضب منهم وترعد سماءها لتزاحم كلماتهم وأهازيجهم الفرحة المستبشرة بالوليدة النادرة، بل كانت ترشهم بقطرت من زمزم عشقها الأبدي للحياة حتى قبل أن تولد.
&
غرس العمير نبتته الوحيدة وسط نباتات برية متوحشة و مدججة بكل أنواع الأشواك الفتاكة، وبما لم ينزل الله به من سلطان !، فكانت النبتة الجميلة تصارع من أجل البقاء، وكانت الأيادي المبجلة تحيط بها من كل حدب وصوب ترعاها و تلبي طلباتها وترأف بها، كان كل واحد منهم كالأم الحنون التي تحنو على وليدها وتخاف عليه من عاديات الزمان.&
أبقي كما انت حبيبتي، وكما عهدتك دوما" حبيبتي، و كل عام وأنت حبيبتي ( أيلاف ).