&
أجرى الحوار: أحمد نجيم
ولد المخرج المغربي نبيل عيوش بمدينة باريس الفرنسية عام 1969. بدأ حياته في عالم الاقتصاد بحصوله على شهادة عليا في "الماركتينغ". بالموازاة
نبيل عيوش
مع ذلك درس المسرح بالعاصمة الفرنسية لمدة ثلاث سنوات. ولأن أباه يشتغل في الإشهار, فقد ظل نبيل قريبا من عالم الصورة, اشتغل كتقني, ومدير إنتاج ومساعد مخرج.ثم أخرج ما يزيد عن ستين وصلة إشهارية. عام 1992 عرف طريقه للسينما, بإخراج ثلاث أفلام قصيرة, نال من خلالها جائزة أحسن إخراج فيلم قصير في جائزة المهرجان الوطني الرابع للسينما 1995.
عام 1999 أخرج أول شريط طويل له "مكتوب" مستمد من قصة واقعية كانت قد هزت المجتمع المغربي, عام 1993 وتتعلق بضابط شرطة ضبط متلبسا في قضايا جنسية, تمكن شريط "مكتوب" من حصد أكبر مداخيل في تاريخ السينما المغربية. عام&2000 أخرج عيوش شريطه الثاني"علي زاوا" مستمد مرة أخرى من واقع الطفولة المشردة بالمغرب, وهو الشريط الذي حاز على عدة جوائز منها الجائزة الكبرى لمهرجان "خريبكة للسينما الإفريقية 2000 ومهرجان الفيلم الوطني السادس بمراكش2001.
"ايلاف" بالمخرج الموهوب نبيل عيوش وكان هذا الحوار.

ولدت بفرنسا, وحصلت هناك على شهادة في الماركتينغ, ثم درست المسرح, أية علاقة بين المسرح والماركتينغ وكيف تم الانتقال إلى الصورة ؟
لا توجد هناك علاقة, فالتمييز واضح بين إنجاز وإبداع فني ومعرفة بيع هذا الإبداع, ربما "الماركوتينغ" يساعدني على معرفة بيع المنتوج الثقافي, وهي مرحلة بعيدة عن صناعة هذا المنتوج.
بالنسبة إلي في مجال الإخراج السينمائي الذي أشتغل فيه حاليا استفدت من دراستي المسرحية, وحتى ما أخرجه وأنتجه من افلام تتكفل شركات أخرى بالتسويق, فالشريط الأخير "علي زاوا" تكفلت به شركة مختصة"TF1international& بباريس, والتي تسوق الأفلام في العالم بأسره.
كيف انتقلت من الماركوتينغ "كفن لبيع المنتوج" إلى السينما كفن لإبداع الصور؟
أول درس تلقيناه في الماركوتينغ, هو أنه لا يمكن للمرء أن يبيع منتوجا رديء الجودة, هكذا إذا أردنا أن نبيع هذا المنتوج فإنه يجب أن يتوفر على شروط الجودة. الماركوتينغ, فيما أقوم به يوميا, لا يحظى بالأولوية.
في الحقيقة إن الماركوتينغ مكنني من الاشتغال في مجال الصورة من خلال الوصلات الإشهارية, وهذا قربني من "البلاتو". وما يستفيده المرء من المسرح هو الاحتكاك المباشر بالممثل, كما لا يتوفر المسرحي على حلول كما الشأن بالنسبة للسينمائي, كما أنه مع المسرح يكون الاحتكاك مباشرا مع الجمهور, وهذا يدفعنا لتطوير أدائنا.

سيحدث هناك انتقال آخر هذه المرة من تقني إلى منتج إلى مساعد مخرج لوصلات إشهارية ولأفلام قصيرة, ماذا استفاد عيوش الفنان من هذا التدرج؟
في حياة الفرد وعبر تدرجه من مراحل متعددة يحصل المعرفة ويستفيد. في سن الخامسة عشر لم أكن أدري أن اختياري سيكون الإخراج, لأن هذه الفكرة لم تكن تراودني آنذاك. إن الاحتكاك والاقتراب بالمسرح بالإخراج.
ثم من الصورة والتقنيات والإنتاج؟
كل المراحل التي اشتغلت فيها كانت في ميدان الإبداع, في ميدان الإشهار كنت أشتغل على الفكرة"الإبداع", هذه الأخيرة هي التي تعطي إشهارا ناجحا أو فاشلا على مستوى الإخراج, ثم كنت أطلع على طريقة إخراج الفكرة, بالنسبة لي كانت هذه مرحلة مهمة. سواء على مستوى التقني أو على مستوى(الإشهار خطاب قصير, مع رؤية فنية تقترب من الجمهور) أعتقد أن هذا التمازج والتقاطع بين الإشهار والمسرح, هو ما دفعي لإخراج الأفلام القصيرة في بادئ الأمر ثم الأفلام الطويلة.

انتقلت كذلك من الفيلم القصير الفيلم الطويل, ما هي الخصوصيات الفنية والتقنية بين هذين النوعين؟
إن الفيلم القصير مدرسة, وهي مرحلة عير ملزمة, إذ نصادف أشخاص لم يلجوا المدرسة ومع ذلك لهم منصب الرئيس المدير العام, ينطبق الأمر على السينما , ليس ملزما للمخرج أن يمر من/مدرسة/ الفيلم القصير لولوج الفيلم الطويل, وتاريخ السينما شاهد على هذا فهناك مخرجون كبار أمثال اورسون ويلز وغريين سكوت ولجا إخراج الفيلم الطويل مباشرة، عن طريق الإشهار أو المسرح.
لا وجود لمصطلح "ضروري" في مجال الإبداع, كما أكرر دائما فالمخرج هو الشخص الوحيد أثناء التصوير الذي بإمكانه ألا يعرف عمله، لأنه إذا كان يتوفر على فريق عمل مهني مختص, يعرف كل واحد عمله, ثم يجب على المخرج أن يعلم ما يريده أن يعرف القصة التي سيحكي, والطريقة التي سيتبعها لحكيها. لهذا فليس ضروريا المرور من الفيلم القصير لإخراج الفيلم الطويل.
في المغرب, شكل مهرجان طنجة الرابع للفيلم الوطني,انعراجا و نقطة تحول مهمة وحاسمة في هذا السينما بالمغرب. بزغت أسماء لمخرجين مغاربة مقيمين خارج المغرب لم يسمع عنهم أحد من قبل, اكتشف المغاربة أسلوبا جديدا للإخراج, هذه المعطيات ضخت دماء جديدة للسينما الوطنية, أثمرت بهذه التغيرات التي عرفها ويعرفها الحقل السينمائي المغربي.&
&&
ستمر إلى الأفلام الطويلة بفيلم "مكتوب"تميز بإيقاع هذا الشريط بالسرعة والحركة مقارنة مع فيلمك الأخير"علي زاوا" هل لهذا ارتباط& بعالم الإشهار باعتباره أول فيلم طويل لك؟
كل قصة تفرض طريقة للحكي وأسلوب للتصوير,ففيلم "مكتوب"فيلم بوليسي, هذا يستدعي إيقاعا أسرع, فهناك شخصان هاربان وأمن يطارهم. فالقصة فرضت طريقة وأسلوب الإخراج, بينما يصنف "علي زاوا" بين يوميات اجتماعية وحكاية أحداث, عالم "علي زاوا" واقعي وخيالي.
فالفيلم هو الذي يفرض طريقة الإخراج. في المستقبل, يمكن أن أخرج فيلما يجنح إلى الحركة، مع المحافظة على الأسلوب. أسلوبي في الإخراج دائم الحضور, تتغير طريقة الحكي السينمائي.

فيلميك الطويلين يستمدان حكايتهما من قصص واقعية/الواقع تطوعه إلى خيال؟
نملك في المغرب غنى على مستوى الحكايات سواء في التاريخ القديم أو الحديث والمعاصر, ما أسميه حقيقة المجتمع المغربي, بالنسبة لي هذه الحكايات موجودة, لا يمكن للتشكيلي أو الكاتب أو السينمائي أن يمر على هذا الواقع دون أن يؤثر عليك.

والماركوتينغ /متطلبات المجتمع: قضايا اجتماعية؟
لا نملك مؤسسات لها وصفات للمخرجين يقول لهم ما يمكن إخراجه وما لا يمكن, ماذا يطلبه الجمهور وما يرفضه, بعد ذلك تكتب سيناريو. بأمريكا باعتبارهم مخترعي هذا العلم في السينما, تجمع كبار كتاب السيناريو والمخرجين, ويشتغلون على مواضيع يعرف سلفا قدرتهم في المجتمع, مواضيع أهم من أطفال الشوارع، وينطلقون من إحصائيات, انطلاقا من هذا يخرجون أفلامهم لجمهور معين. على الرغم من كل تفشل بعض الأفلام، في المقابل نلاحظ نجاحا كبيرا لأفلام من دول ليس لها باع سينمائي. فما قلت إلي لا وجود له في أفلامي, كمخرج سينمائي لا أنجز أفلام ليحبها الجمهور فقط, بل لأني أحبها, أرغب فيها.
بحث عن متعة؟
بحث عن رغبة، عن تاريخ وعن أشياء أخرى. بعد انتهاء الفيلم يفكر أشخاص في إنجاز الفيلم.
إذا فكرنا في إرضاء الجمهور فنحن مخطئون. إذا لم تكن لم تكن هناك رغبة شخصية لكل مشروع فإن الفيلم لا يعرف طريقه للنجاح. وهذا هو ما يميز بين فيلم تجاري وفيلم إبداعي فني.
لا يمكن أن تنسى كذلك أن فيلم كفيلم"علي زاوا" سيغير من رؤية المغاربة لأطفال الشارع. لقد كسر الفيلم هذا الطابو"أطفال الشوارع"، وأصبح هذا الموضوع تداولا بين جميع مكونات المجتمع . فالفيلم هو من غير العقليات, وليس أن الفيلم جاء نزولا عند رغبة الناس. كان عندي تخوف من أن يرفض المغاربة مشاهدة واقعهم.

تتحدث عن معرفة المغرب وثقافته, في هذا الصدد ينتقدك بعض النقاد بعدم إلمامك بهذه الثقافة التي تتحدث عنها, أو فهم متعال؟
لا أفهم لماذا يتحدثون بهذه الطريقة. المشكل الذي أعاني منه هو أنني لا أعرف الفيلم المغربي, والسينما المغربية, أحتاج ربما لشخص يشرح لي مثل هذه الأمور. ما ينتقدونني لا أفهمهم.
إننا في مرحلة نحتاج فيها إلى انفتاح, لأننا في مرحلة إنتاج سينمائي مشترك, في مرحلة العولمة, إننا لسنا في مرحلة نصنف فيها بين ما هو مغربي وما هو غير مغربي, لما هو صالح وما هو غير صالح, ولا نحتاج لمن يقول لنا ذلك. ما يقلقني مثلا هو أنني عندما أشاهد فيلم فرنسي, أعرفه من الوهلة الأولى, لأنه موجه لجمهور فرنسي, ما يهمني هو البعد الإنساني للفيلم, لا تهمني جنسيته في المقام الأول, يهمني حقيقته أصوله. أما عندما تريد أن يفرض علي شخص أن أنجز فيلما مغربيا فهذا لا يهمني.
مشاكل السينما في المغرب: اطلاع وثقافة سيناريو,إخراج, إنتاج,تقنيون, حوار....؟
بصفة عامة, عندما أشاهد فيلما مغربيا لا يعجبني, يبدو لي أن مرد ذلك هو السيناريو, أو مشكلة إنتاج, وقلة الموارد, وقلة المنتجين. في المغرب هناك ظاهرة المخرج المنتج في الآن معا. وهذا غير منطقي, من الممكن أن يكون المخرج كاتب سيناريو, مادام العملين متكاملين.
أما الإنتاج فال علاقة له الإخراج. هذا الواقع يجعل المخرج لا ينتبه إلى أخطائه. أهم المخرجين العالميين يعمل معهم منتجين كبار.
لماذا لا يستفيد السينمائيون من أعمال إبداعية ويحولونها إلى سيناريو؟
هناك بعض المحاولات, كما أنه ليس من السهل عملية الاقتباس, نحتاج إلى مراس وخبرة, وهناك الجانب القانوني الغير الواضح, أو الغير موجود في المغرب.
التلفزة؟
في التلفزة اشتغلت كمنتج لا مخرج, عندما أنشأت شركة"أليان بروديكستون"لم أنشأها لإنتاج أفلامي فقط, تنتج الشركة أفلاما وبرامج وثائقية كي تستمر. كما نظمت الشركة جائزة محمد الركاب لكتابة السيناريو(وقد حصل الفائز بالجائزة على جائزتين في مهرجان مراكش للفيلم المغربي) لم تحصل الشركة على مساعدة.
ما هي مرجعية عيوش السينمائية والفكرية؟
كنت أشاهد الأفلام أما الآن فلا أشاهدها بنفس الحجم, أطالع بكثرة, أتحدث مع الناس. تأثرت بشارلي شابلن. لا أملك هواية معينة, أحب أن أقضي مع ابنتي وقتا طويلا, أخصص لها الكثير من وقتي.