دمشق: احتضن منتدي جمال الأتاسي للحوار الوطني نشاطاً جديداً مميزاً بعد محاضرة رياض الترك في مطلع آب (اغسطس) الماضي، حيث القي الدكتور عارف دليلة الخبير الاقتصادي والاستاذ السابق في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق حول الاقتصاد السوري، وطرق معالجة الواقع الذي يحتاج لإصلاح سياسي. ووصف دليلة الخبير الاقتصادي، شعب سورياً بأنه شعب يغالي في الاستبشار بالخير ، وأنه جدير بأن يقال له لن نفرض عليك حزباً قائداً وجبهة وطنية احتكرا السلطة إلي الأبد و سنتركك تختار النظام الذي تريده في دعوة يمكن تفسيرها، بانها دعوة باتجاه تعديل وتغيير الدستور مما قد يستوجب المساءلة.
وقال دليلة ، ان الغامض الذي يحرك الاقتصاد السوري لن يكشفه سوي شعب حر يمتلك صحافة حرة، وهو ليس غامضاً إنهم أصحاب المليارات والتي جنوها ليس من أرباح مشروعاتهم، ولا أحد يسألهم كيف تحمل ضميركم أن تفعلوا بشعبكم ووطنكم ودولتكم ما فعلتموه من تهريب مئة مليار دولار لتوضع في جيوب الإمبريالية وخدمة مؤسساتها وتتهموننا بأننا عملاء ونسعي إليها . وأكد دليلة أن حجم الهجمة التي يتعرض لها الوطن العربي أضعاف ما تتعرض له مناطق أخري، فهنا الصهيونية ولها امتدادات علي مساحة الوطن وقد شلّت ألسنة الحكام العرب عن قول الحقيقة في مواجهة أمريكا وإسرائيل، بل تجهد نفسها في خطب ودهما . واعترف بأنه من المستحيل الاحاطة بمشكلات الاقتصاد السوري ووضع وصفات للخروج من أزماته، وهي المسألة التي انشغلت بها ندوة الثلاثاء الاقتصادية طويلاً. وسجل دليلة للجهات الرسمية السورية إيجابية متابعتها للمسألة الاقتصادية وتشكيلها العديد من اللجان وإصدارها الدراسات، لكن هذه الإيجابية مازالت علي الورق مؤكداً أننا مازلنا نخض الماء ولا نحصل علي زبدة .وقال دليلة إن مشكلة الاقتصاد السوري ليست اقتصادية بل هي سياسية، إذ مازلنا في نظام يأخذ الناس بأقوالهم، أما الفعل فلا يعتبر جريمة، وطالب بأن يعترف بحرية الرأي والكلمة والقول، وأن يحاسب الناس علي أفعالهم .وأعلن أن الخطر يكمن في أننا لا نكتشف الأعمال الخطيرة التي تغطيها الشعارات التي نزاود بها ، وقال، إننا أمام نقيضين في سلطة واحدة ولحزب واحد . ووصف النظام في سوريا بأنه بوجهين (أمني سياسي يرفع الشعارات) ووجه اقتصادي يجري فيه تقطيع أوصال المواطن، ولا يعرف من يحكم الآخر. وأكد أن هناك اقتصاديين في سوريا، اقتصاد يزداد اكتنازاً وهم قلة مالكة وهم في السلطة ومن معهم، وهناك اقتصاد غلبه أولئك المواطنين الذين إن أثرت البلاد أو فقرت فهم فقراء. والخطة قائمة علي تحطيم مقومات الاقتصاد وتهجير قوي الوطن الحية ومصادرة مستقبل الأجيال القادمة. ووصف الحال بالنفاق الاقتصادي والازدواجية والأرقام المزورة حيث لا نمتلك رقماً صحيحاً، وقال إن سوق البورصة وكل الاحداثات الجديدة مصادرة مسبقاً لأسماء محدودة. وليس هناك سماح باجراء دراسات عن الفقر أو البطالة.وندد دليلة بعدم اختيار كوادر قادرة علي تنفيذ السياسات التي ترسمها الدولة علي الرغم من أن مجتمع روما العبودي كان يختار العبد الأكثر قدرة علي تنفيذ غايات الطبقة الحاكمة، ووصف المجتمع بأنه مقسوم بين حاكم ومحكوم، وكل من خرج عن القاعدة تلك فهو إما خائن في نظر السلطة الحاكمة أو شاذ في نظر المحكوم وأكد أن سوريا دفعت ثمناً لارتقاء طبقة حاكمة لا تحتكم للمحكومين.وندد دليلة بوجود مادة في القانون السوري اسمها المادة 85 من قانون الموظفين و138 من قانون العاملين الموحد التي تجيز تسريح العامل دون ذكر الأسباب واعتبرها الأكثر رداءة في تاريخ القوانين الجائرة، وأنها تخالف نص الدستور السوري الذي يمنح مواطنيه حق التقاضي.وقال دليلة: رغم عيوب الديمقراطية إلا أنها النظام الوحيد القادر علي حل كل القضايا، وانتقد السياسة المالية في سوريا موضحاً بالأرقام أن وزارة المالية زادت من رصيدها خلال سبع سنوات من 100 مليار إلي 365 مليار وهذا يعني إنهاكاً لواقع قوي الإنتاج. مؤكداً أن تسريب ستة مليارات سنوياً إلي الخارج ازداد في النصف الأول من العام الماضي إلي 14 ملياراً شهرياً مضيفا أن هناك سياسة تعمية لا تسمح بنشر الأرقام المتعلقة بالموازنة إلا بعد خمس سنوات،وقال عندها اشرب البحر . وكان منتدي جمال الأتاسي للحوار الديموقراطي، تبلغ من قبل الجهات الأمنية ضرورة ايقاف نشاطاته، إلا هيئة المنتدي رفضت ذلك، وزادت عليه فور استئناف برنامجها لشهر ايلول الإعلان عن اعتقال رياض الترك الأمين الأول للجنة المركزية للحزب الشيوعي، وطالبت في بيان لها ضرورة الوقوف إلي جانبه حتي يتم الإفراج عنه. (عن "اراية"القطرية)