&
أنطونيو فيفالدي (1678-1741)
لندن-رند العابد: انطونيو فيفالدي موسيقار ذو تأثير كبير على عالم الموسيقى الكلاسيكية عرف باسم "الكاهن الأحمر". ألف هذا الكاهن الأحمر ما يزيد عن الخمسمائة مقطوعة موسيقية من بينها التي عرفت ب" الفصول الأربعة"، أحد أشهر ما لحن من موسيقى كلاسيكية في التاريخ. يعتقد أن فيفالدي كان يعاني من
انطونيو فيفالدي (1687-1741)
مرض الربو في حياته وتتسم موسيقاه&بالعاطفية والقوة الشديدتين وبكونها فريدة لإمكانية عزفها على آلات موسيقية مختلفة.
يقول العديدون من عشاق موسيقى فيفالدي إن ألحانه تخلق جو "البندقية" (موطنه الأصلي) في إيطاليا القرن الثامن عشر ، وبالإمكان مقارنتها بلوحة Canaletto التي تشبه موسيقى فيفالدي بعكسها لذلك المكان والزمان.
لوحة الكاناليتو
رغم شهرته بتأليف المعزوفات الخاصة بالآلات الموسيقية إلا أنه كتب الموسيقى "العامّية" التي تغنى أيضا. وسافر&إلى مختلف أرجاء العالم حيث عرفه البعض
كمنظم للحفلات الموسيقية ومؤلف للموسيقى الأوبرالية. بعد وفاته نساه غالبية من سمع به ولم يعد اسمه إلى أذهان العالم حتى القرن العشرين.&
&
ولد انطونيو فيفالدي في البندقية. كان والده عازفا لآلة الكمان في St. Mark s Basilica. لكن فيفالدي كان يعد نفسه ليصبح كاهنا منذ سن مبكرة. ورغم تأهله لذلك عام 1703، إلا أنه اختار لنفسه طريقاً آخر خاصة بعد معاناته من مشاكل في التنفس ناتجة عن إصابته بالربو الذي رافقه طوال حياته. في ذلك الحين كان فيفالدي قد أصبح خبيرا بالعزف على الكمان وهي الموهبة التي ساعدته على كسب رزقه من خلال تقديم العروض من وقت لآخر في دار للبنات اليتامى عرفت باسم Ospedale dell Pieta وقد اختصت هذه الدار بتدريب الفتيات على الموسيقى حيث وصل بعضهن إلى مستويات عالية في الأداء. وبفضل إدارة فيفالدي أصبحت اوركسترا الدار من أشهر المعالم السياحية في مدينة البندقية؛ إذا أضاف ظهور العازفات من وراء شبكة من القضبان جاذبية خاصة شدت إليها الشباب من الحضور.
&
أول ألبوم موسيقي لفيفالدي ظهر في العام 1705 غير أنه حصل على شهرته العالمية عند ظهور اثني عشر كونشيرتو له بعنوان L estro armonico بعد ذلك بست سنوات.
&
وفي العام 1713 تم إخراج أول أوبرا له Ottone in Villa ، ثم تابع حياته كمؤلف أوبرا وقائد فرقة موسيقية متجول فأقام أمسيات موسيقية في جميع أنحاء شمال إيطاليا، بالإضافة إلى أمستردام، وبراغ، وفيينا، دون أن يتخلى عن تقديم العروض من وقت لآخر في دار الأيتام . Pietà ألف أكثر من أربعين أوبرا ولم يتوقف عن إصدار ألحان الكونشيرتو (الفصول الأربعة) ظهرت عام 1925 واستمر كذلك إلى أن سعى إلى زيادة ربحه من أعماله في الثلاثينيات من القرن الثامن عشر فراح يبيع تلك الأعمال كل على حدة على شكل مخطوطات، خاصة لزوار مركز Grand Tour .
&
مات أثناء رحلة موسيقية إلى فيينا عام 1741. ولسبب ما لم يكن يملك وقتها مليماً واحداً. الكاهن الأحمر، &رغم الإعجاب الذي حظي به في زمانه كعازف على آلة الكمان
أولاً وكمؤلف موسيقي ثانياً إلا أن شخصيته لم تكن تقربه إلى الجميع كما يبدو. كان مختالاً بنفسه لدرجة كبيرة وكثيراً ما تباهى بعلاقاته وبسرعته في التأليف وكان طماعاً في تعامله المادي كما كان لا يحتمل النقد اللاذع الذي تعرض له من Benedetto Marcello مما جعله عرضة لكلام الناس وهمسهم حول علاقته بالمغنية Anna Giraud . تلك المغنية وأختها كانتا ترافقانه في تنقلاته، وفي عام 1737 رفض مطران فيرارا دخوله المدينة بسبب سلوكه الذي لا يليق بكاهن مثله. ويبدو أن فيفالدي كان ذا مزاج ناري وحاد فلقب بالكاهن الأحمر.&ألف فيفالدي حوالي خمسمائة كونشيرتو أغلبها تقاسيم منفردة على آلة الكمان، بالإضافة إلى الناي، والتشيلو، والمزمار، وكمنجة الحب، وعدة مقطوعات تعزف على أكثر من آلة . كل هذه المؤلفات لعبت دوراً أساسياً في تطوير هذا النوع من الموسيقى في القرن الثامن عشر وبعده.
&
"الفصول الأربعة" مثلاً أصبحت نموذجاً لمؤلفي الكونشيرتو في أوروبا كلها. أما مجموعة L'estro armonico فقد اعتبرت واحدة من أهم المؤلفات الموسيقية في الجزء الأول من القرن الثامن عشر، حتى في ألمانيا حيث درسها وقلدها العازف الشهير باخ نفسه. بعد موته لم تدم شهرة فيفالدي طويلاً، فما أن انتهى القرن الثامن عشر حتى طواه النسيان. إلا أن الاهتمام المتزايد بموسيقى باخ في بداية القرن العشرين دفع علماء الموسيقى إلى إلقاء نظرة أخرى على موسيقى فيفالدي فاكتشفوا تأثيرها البالغ والواسع على ما تلاها من مؤلفات موسيقية. ومنذ ذلك الحين بدأ الموسيقيون وغيرهم يتذوقون موسيقاه ويستمتعون بسماعها لما تملكه من مزايا خاصة بها.
&
وبذلك ارتقى فيفالدي من النسيان إلى الشهرة العالمية فأصبح ظاهرة من ظواهر الموسيقى&الكلاسيكية في التاريخ.