دول المغرب العربي ذلك التاريخ الذي أحتضن دولة الموحدين و المرابطين و الأدارسة أرض احتضنت طارق بن زياد و عقبة بن نافع بلاد المغرب العربي حلقة الوصل ما بين العرب المسلمين و المسيحيين و الأوروبيين، دول تضم مساحة أرض شاسعة و بثروات طبيعية و بشرية أخرجت مثقفين و مفكرين و فلاسفة و ارتبطت الفلسفة العربية الحديثة بأرض المغرب الذي يبلغ عدد سكانه تقريبا أكثر من 60 مليون نسمة التي تضم المملكة المغربية و جمهورية الجزائر و تونس و موريتانيا، تلك البلدان التي أنكوت بنار الفتن الصغيرة و الكبيرة و انشغلت بنزاعات على أراضي و حكم و انقلابات سياسية، دول المغرب العربي السند القوي لدول المشرق العربي و الجسر الثقافي للوطن العربي لأوروبا و الدول الغربية، كانت دول المغرب العربي رافدا قويا عربيا و بأساليب مقصودة تم أشغال مواطن المغرب العربي لأضعاف المشاعر العربية و الإسلامية التي يحملها المواطن في تلك دول المغرب لبقية وطنه من المحيط إلى الخليج.

ذلك المواطن الذي وقف ببسالة و أباء أما المستعمر و قوامه سلاحا و فكرا و ثقافة، فالمواطن الجزائري الذي صمد أمام المستعمر الفرنسي الذي أراد أن يمسح الهوية الوطنية العربية و الإسلامية لتلك البلدان افتخاره بوطنيته قاومت و أصرت على التحرير و الاستقلال، و ما المليون شهيد ألا برهان ساطع على الوطنية العربية لتلك الدول التي تفتخر بهويتها و انتمائها العربي الإسلامي.

المغرب العربي الذي ما زال في خلاف مع أسبانيا على سبتة و مليلة المحتلتين و هنا يأتي حكم القوي و فلسفة القوى و الديمقراطية التي يطالب بها الاتحاد الأوروبي من الدول الدكتاتورية و المنغمسة في روح الاستبداد، و الإصرار منهم في عدم بدء المفاوضات مع تركيا ألا بعدما تعترف بقبرص اليونانية و تضيف تعديلات و مطالب تريدها بعض دول الاتحاد، ما زالت الرباط تحت وطأة الضغط الدولي في قضية الصحراء الغربية و البوليساريو المسيسة من قوى و منظمات من أجل الضغط السياسي، و القضية التي لن تنتهي و هي الهجرة التي تقض مضجع كل الدول الأفريقية و خصوصا دول المغرب العربي، دول الاتحاد الأوروبي يريدون حل قضية الهجرة جذريا بسن الأنظمة و القوانين التي تصب في الحد و المنع بتاتا من دخول الدول الأوروبية، و قد يعذروا إذا كانت دول المهجرين لم تفعل شيئا يذكر من أجل قضية البطالة و التنمية.

المشكلة في عملية التهجير ليست بين دولة المغرب العربي و أسبانيا و لكن تحول الأمر بين دول المغرب العربي و كيل الاتهامات و زادت الطين بلة و تفاقمت الاختلافات السياسية بين المغرب و الجزائر أكبر دولتين بالمغرب العربي، بعدما أستبشر العربي خيرا بالوضع السياسي المستقر بين دولة المغرب العربي و الجزائر التي عانت و قدمت شهداء أبرياء و ضحايا ذهبوا نتيجة العنف و الارهاب لسنوات عدة، ذلك البلد العربي الغني بثرواته و شعبه الأبي الذي أعتاد التضحية و الفداء في وجه المستعمر الأجنبي، و لكن أخيرا اعتزمت القيادة الجزائرية و الشعب الوطني الذي أراد دفن صفحة حمراء لسنوات لم ينتج منها إلا زيادة الضعف في الجسم العربي و أصابته بمرض إضافة إلى أمراضه المزمنة التي تحتاج إلى تشخيص دقيق و دواء ناجع لأمراض زرعت بأيدينا، بدأ الشعب الجزائري مشوار المصالحة الوطنية التي أيديها أكثر من 90% من الشعب الجزائري الوطني الذي نظر بعين المصلحة الوطنية و أغمض عينيه عن الثأر و سفك الدماء، و أراد أن يكتم الآلام التي عانى منها سنوات، فخير فعل الشعب لأن علاجه هو جزء من علاج الجسد العربي الكبير و تطهير الروح العربية لتقوية الإرادة و العزيمة العربية و الإسلامية.

و نهض الشعب الموريتاني على انقلاب وطني قرب البعيد و سمح للمهجر و المطارد و السجين بالرجوع إلى المشاركة السياسية الشعبية ليشارك في صنع القرار و ألتفت جميع القوى بكل أطيافها المختلفة مع بعضها في رؤى سياسية، لكنها متفقة على المصلحة الوطنية التي تستهدف النهوض بالوطن الموريتاني و شعبه.

نتمنى مزيدا للاستقرار السياسي لتونس الخضراء و لكل دول المغرب العربي الكبير الذي شعرنا نحن العرب في المشرق بانشغاله بقضاياه الداخلية و فقدنا ظهرا و سندا قويا و لكن هناك بصيص من الأمل بعودة ذلك العضو العربي القوي و الفعال بدوره بممارسة دوره في خريطة الوطن العربي.

علي عيسى

[email protected]