ابان اقتراف مذبحة سميل ( مذبحة اقترفها الجيش العراقي وقتل فيها حوالي خمسة الاف من النساء والاطفال والشيوخ الاشوريين)، زار العم جونا مختار قرية كاني بلافي جاره الكردي من قرية شيخو وسأله عن الاخبار وما يسمع فرد الكردي يجب ان تخافوا (بترسن) فرد العم جونا ولكننا خائفون، فاجابه جاره باش بترسن اي خافوا جدا، فرد العم جونا ولكننا متنا من الخوف، هذه ملخص لحكاية رعبنا وخوفنا الدائم.
نقلت وسائل الاعلام عن مقتل ثلاثة اشخاص في مظاهرة في مدينة الاسكندرية المصرية، كانوا ينون مهاجمة كنيسة قبطية بحجة انها تعرض مسرحية مسيئة للاسلام، وبعد نقل الخبر قامت ايلاف بالكشف ان المسرحية المزعومة كانت قد عرضت قبل سنتين وليس الان، فما كان من وسائل الاعلام الا ان تغيير النغمة من عرض المسرحية الى القول نشرها علي قرص ال، CD اي ان كل هذه الدماء سالت ثلاثة قتلى واكثر من عشرين جريحا لاجل نشر مسرحية على قرص CD
، وقد قدر عدد المتظاهرين بحوالي خمسة الالاف شخص، خرجوا يتصايحون ويستنكرون ويكبرون، ولو طالت اياديهم لدمروا الكنيسة او قتلوا من فيها، كما حدث عندما اقدم شخص على طعن راهبة واصابة اخر، او كما حدث عندما هوجمت محلات وبيوت اقباط، خمسة الاف يتم حشدهم لكي بقوموا بما قاموا به لاجل شئ اساسا هو حق من حقوق الانسان، خمسة الاف شخص يخرجون ليستنكروا وليحرقوا وليقتلوا باشاعة كاذبة، علما انهم جميعا كانوا من البالغيين، هل سأل احدهم عن صحة ما سمع هل استفسر احدهم عن شرعية ما يقومون به، الا يمكن تشبيه من خرج في هذه المظاهرة بانهم قطيع، يسير من قبل الاخرين، وهل يمكن ان يأتمن الانسان على حياته مع قطيع فالت عقاله، لا تدري متى يتهيج ويقوم بالتهتامك او قتلك.
هذا المسار التصاعدي في كره الاخر والحقد عليه لحد الرغبة في قتله، من اين يستمد قوته؟ اليس من حقنا ان نقول ان الحكومات العربية ضالعة فيه، انها توجه القطيع ليلتهم المغاير لكي ينسى واقعه او انها توجهه لكي يقتل المغاير لكي تقول للغرب اننا نحمي الاخر ولولانا لتم ابادة كل المغايرين.
الا يعقل ان لا يكون بين كل هؤلاء الخمسة الالاف شخص فكر او منح لعقله فسحة للتفكير، لكي يقول ماذا نحن فاعلون؟
من يضمن لنا انه لن يقوم غدا شخص اي شخص بالافتاء في مثل هؤلاء بشرعية قتل الفئة الفلانية او اتباع المذهب الفلاني مثلما يعمل الزرقاوي وامثاله في تكفير المسيحيين والمندائيين والازيديين لا بل حتى الشيعة، فيما يقوم الصدر وانصاره بتكفير المسيحيين والمندائيين ويفرضون عليهم اتباع التقاليد واللباس الاسلامي ويقومون بتحريم اعمال او فرض قوانينهم خارج ارادة الدولة ان كان للدولة ارادة، ويقوم البعض علنا بتهديد السكان لترك منازل والا فلن يلوموا الا انفسهم مثل حي الاشوريين في الدورة، كما يقوم انصار التكفيريين بفرض قيمهم بقوة السلاح والترهيب في جامعة الموصل وكل احياءها، وهكذا تدور الاحداث، فان اصاب المسلمين حادث في اندونيسيا او اميركا الجنوبية فعلى اهل العراق
او مصر او اي بلد مما سمي بالبلدان الاسلامية من المسيحيين او من الاقليات ان يدفع ثمن ما اصاب المسلمين، ولما لا فالمسلمين اخوة ومصابهم واحد، فاذا مصاب المسلم من قبل مسيحي فليدفع المسيحي العراقي او المصري ثمن ذلك.
نحن خائفون حقا ان تقولوا بعد سنوات، كان يعيش بينا ناس كانوا مسيحيين، هذا اذ بقى فيكم من يذكر ذلك، فنحن بقدر خوفنا على انفسنا، نخاف عليكم، فغدا ستوجهون غضبكم وحقدكم على المختلف فيكم من دينكم، او المختلف فيكم منم مذهبكم، فانتم تريدون لون الحياة واحد لا غير لونا اسودا مثل لون الغراب، انتم تتهايئون لحروب اهلية لا تبقي حتى على حجر، لانكم تكرهون الحياة،
هل ابالغ، لا بكل تأكيد، فهل يمكن لانسان عاقل ان يصدق ما يسمع وما يرى وما يقراء، ان تصبح الحياة بهذا الرخص، ان يكون الانسان مجرد شئ اي شئ يمكن لمن يعتبر نفسه او يفرض نفسه انه يمتلك الحقيقة، ان يمحيه من الوجود بمجرد كلمة تخرج من فمه، فسيهب الالاف لاداء الواجب المقدس بقتل او ازالة هذا الشئ.
اربعون الف مسيحي والكثير من المندائيين الصابئة تركوا منازلهم واعمالهم واخذوا ابنائهم معهم الى دول الجوار العراقي، هربا من تهديدات الاسلامويين، والتي نفذوا البعض منها بتفجيرات الكنائس او باختطاف الناساو بمجرد قتلهم بدم بارد لا لشئ الا لكونهم مسيحيين او مندائيين، اربعون الف هذا رقم من الارقام التي ظمتها اخر موجة من الهجرات المتتالية من الهروب المستمر من النزيف اللانهائي لهذه الاقليات، يتم المناداة علنا من منابر بعض الجوامع بعدم شراء املاك المسيحيين الكفرة، لانهم سيتركونها وسيتم الاستيلاء عليها مجانا، فاين الامان وكيف لانسان ان يعيش هذا الهلع الدائمي.
ان يسير الدين جهلة، ويصعد على منابره قتله ويفتي فيه مشعوذون دجالون لا يهمهم امر انسان ولا يقدرون للحياة معنى، فهذا امر اكثر مما يمكن التعايش معه بدون هلع وخوف دائمي، فالمنابر الاذاعية والتلفزيونية مفتوحة لمن يكفر الكل، لمن يحرم كل جميل في الحياة، وهذا بعلم السلطات الحاكمة، في مصلحة متابدلة، فالحاكم مستعد ان يحكم ولو على الجماجم، ورجال الدين يريدون اناس جهلة لكي يسيرون خلفهم بدون تساؤل عن الطريق والى ما يوصل، والذي يدفع الان كل الضرائب هم ابناء الاقليات الدينية، يدفعوها من حياتهم ومن الخوف الذي يعيشون فيه بسبب هويتهم.
تيري بطرس
التعليقات