انتحاري يفجر نفسه وسط جمع من الاطفال في حي العامل بضواحي بغداد كانوا قد تجمعوا لتلقي الحلوى من جنديين امريكيين بمناسبة افتتاح مركز لتصفية مياه الشرب، فقتل خمسة وثلاثين منهم.

ويفجر آخر سيارته في شارع عام في المنصور حيث الناس الامنين من كسبة ( على باب الله ) أو طالبات في طريقهن الى مدارسهن، فيسقط العديد منهم قتلى وجرحى. ويفعلها آخر في الحلة في

سوق شعبي و يقتل العشرات من الابرياء. وهكذا يتكرر المشهد كل يوم لتتسارع الفضائيات لنقل وقائع الحفل.... حفل قتل وذبح العراقيين وحلمهم في بناء عراقهم الجديد.

وأمام مشهد القتل السادي هذا، ورغم كل مايعانيه العراقيون، يخرج علينا بين الفينة والاخرى من على شاشة هذه الفضائية او تلك بعض من العراقيين وغير العراقيين لينظروا ويبرروا ويشرعوا مثل هذه الفظاعات التي بات يندى لها جبين الانسانية بحق. وشرع بعض " الشطار " من هؤلاء، وبفعل هول الجريمة وقبحها في تصنيف " المقاومة " في العراق الى صنفين : مقاومة شريفة واخرى غير شريفة..

فالمقاومة، بحسب هؤلاء والتي تستهدف الاحتلال ( قوات التحالف ) هي مقاومة شريفة، وأما التي تستهدف المدنيين فهي مقاومة غير شريفة او اعمال ارهابية. لكن اين يصنف هؤلاء " الشرفاء جدا " جريمة حي العامل والتي استهدفت فعلا جنديين امريكيين لكنها حصدت معها ارواح طاهرة وبريئة لاطفال كان جرمهم الوحيد هو تلقي الحلوى من هؤلاء.

ان المقاومة العراقية الحقيقية الشريفة بحق هي المقاومة التي ناضلت على مر العقود ضد الدكتاتورية و قدمت عشرات الالاف من الشهداء في ذلك الطريق. وقد تمكنت هذه المقاومة اخيرا بفضل الله و بفضل قوات التحالف الدولي من اسقاط الدكتاتورية وتحرير العراق. وقد تسلمت هذا المقاومة السلطة

وشرعت في عملية بناء العراق الجديد متلقية في ذلك كل العون من قوات التحالف الدولي.

ان كل اعمال الارهاب التي ترتكب اليوم تحت يافظة المقاومة ما هي الا محاولات يائسة لقوى تحلم باعادة دقات الساعة وحركة التاريخ الى الوراء. فلا يمكن لمن يذبح وينحروينتحرويعادي ويحتقر المرأة والعلم والتقدم والتسامح والرأي الاخر.. لايمكن لمثل هؤلاء ان يأتوا بأحسن مما اتا به نظام طالبان و نظام صدام، ولا يمكن بأي حال من الاحوال ان يكونوا اشرف حتى من الاحتلال ذاته، هذا ان اخذنا بتسمية الاحتلال على قوات التحالف الدولي.

فبالرغم من كل ما يقال عن الاحتلال وقواته، سيبقى العراقيون يتذكرون دائما، وكما يفعل الفرنسيون و مسلموا البوسنة والكويتيون بأن خلاصهم وانعتاقهم جاء بفضل قوات التحالف الدولي بزعامة الولايات المتحدة الامريكية.

ان كل استهداف لعملية بناء العراق الجديد لايمكن ان يكون عملا شريفا، بل هو الارهاب بعينه، وبذلك وبطبيعة الحال وبالضرورة تصب كل مساعي الوعاظ والمنظرين لاجل توفير الغطاء الاخلاقي للارهابيين ولاعمالهم الشنيعة في خانة الجريمة بحق الشعب العراقي. لذا يتوجب على العراقيين حكومة وشعبا ان يتعاملوا مع هؤلاء على هذا الاساس.