ما يفعله المتطرفون والاصوليون في العراق و ما فعلوه من قبل في السعودية و القاهرة ومدريد وقبلها في دار السلام ونيروبي من أعمال وحشية لا تمت للأنسانية بصلة باسم المقاومة والجهاد الاسلامي لن يؤدي ألا الي التعجيل بالقضاء عليهم وعلي ما يمثلونه من تطرف مريض.. والأهم أن ما يحاوله الحزب السياسي الايديولوجي لهذه الجماعات من محاولة تبرير هذه الاعمال الارهابية وتصويرها علي انها رد فعل للأعمال العدوانية للأحتلال الامريكي للعراق او الروسي للشيشان ومحاولة التلاعب بالنصوص الدينية والقفز فوقها للهروب من الاسئلة الصعبة التي يحاولون الهروب منها وهي اسئلة تتعلق بتفسيرهم لنصوص تحض علي قتال غير المسلمين وتحض علي عدم قبول اي دين آخر غير الاسلام ومعاقبة من يغير عقيدته ممن كتب في شهادة ميلاده أنه مسلم بالقتل تنفيذا لحدود أخترعها فقهاء العنف والقتل ولا نجد لها أصلا في القرآن..هو التأكيد علي ان هذا المفهوم الضيق والمتطرف والعنصري للأسلام هو مفهوم يجب ان يتكاتف كل احرار العالم و أولهم أحرار العالم الاسلامي نفسه للقضاء عليه.
ان ما يفعله الحزب السياسي الايديولوجي من محاولة تبرير الاعمال الارهابية هو الاخطر، فمن يحمل السلاح سهل مواجهته بالسلاح.. أما من يعطي التبرير الشرعي للأرهاب ويتحدث باسم الله والقرآن والسنة وتفسير كبار الفقهاء يضعنا في اشكالية كيفية الرد عليهم دون ان نصبح مارقين من الدين وناكرين لما هو معلوم من الدين بالضرورة مما يعطي الذريعة لحاملي السلاح لذبحنا ونحرنا بدم بارد.. أن هؤلاء الشيوخ والفقهاء الذين اصبحوا نجوما في وسائل الاعلام هم المسئولين الحقيقيين علي انتشار ثقافة العنف و الخطف والنحر وقتل الاطفال والنساء والابرياء من المدنيين.. وهم الذين يجب مواجهتهم بشجاعة ودون هوادة.. وأبشرهم أن نهايتهم قريبة..فلعبة التقية التي يلعبونها قد انكشفت.. و تشجيع وسائل الاعلام لهم كسبا للمشاهد العادي الذي يجذبه مايبثونه من سموم في عقله دون ان يدري قد انكشف.. وسيتحالف العالم كله علي منعهم من التحريض المغطي علي العنف.. لقد جنت علي نفسها براقش..فقد تخطي الارهابيون ومنظروهم كل الخطوط الحمراء وكان آخرها القتل اليومي الموجه للغلابة من الشعب العراقي وما يحدث في العراق من بشاعات يندي لها الجبين وما حدث من خطف الصحفيين ونحرهم أمام كاميرات الفيديو وتوزيع أشرطة الفيديو الكريهة علي وسائل الاعلام ونشره علي الانترنت.
لقد جنت علي نفسها براقش،،عندما زل لسان حارث الضاري بتصريحاته التي تثير الفتنة الطائفية ويزل لسان الكثيرين عندما يتحدثون عن أهل الذمة اعتبارا أن غير المسلمين في أوطانهم وارض أجدادهم هم ذميين..وقد جنت علي نفسها براقش نتيجة ما حدث علي يد شاب صغير مغيب عقله في القاهرة من قبل هؤلاء ففجر نفسه موديا بحياته وحياة من لا ذنب لهم معه.
وقريبا لن يصبح مقبولا من أي دولة عضوا في الامم المتحدة الا ان تطبق ما وقعت عليه في الاعلان العالمي لحقوق الانسان و أهم بنوده هو الحرية الدينية.
لابد ان يعرف هؤلاء الارهابيون وفقهاؤهم انهم بأعمالهم الوحشية يضرون بالاسلام ولا يفيدونه.. ويضرون بالمسلمين ولا يفيدونهم.. ويستعدون العالم كله شرقه وغربه علينا.. وأتوقع قريبا ان تصدر الامم المتحدة قرارا بفرض عقوبات ان لم يكن وقف عضوية اي دولة لا تحترم الحرية الدينية ولا تعاقب من يمارس العنف او يحرض عليه باسم الدين.
لقد نجح العالم وتضافر للقضاء علي النازية والفاشية في المانيا و أيطاليا واليابان ونجح في ذلك وها نحن نري الآن الدول الثلاث من أقوي الدول في العالم حضاريا واقتصاديا.. فلماذا لانعي اهمية وقيمة الحرية والديمقراطية.
ولا أدري لماذا نصر ان نتبني خطابا دينيا فاشيا لا يقبل الآخر ويطلق عليه اسماء اقلها الكافر.. هل نتوقع ان يصبر علينا الآخرون ونحن نعلنها ان من واجبنا ان نحولهم الي الاسلام او يقبلوا دفع الجزية عن يد وهم صاغرون.. ألا تستطيع عقولنا القاصرة ان تفهم ان هذه الآيات كانت لمرحلة زمنية معينة وموجهة لمن أخرجوا المسلمين الاوائل من ديارهم وحاربوهم في دينهم.. الا يعي هؤلاء المتطرفون ان الاسلام انتشر و أصبح ثاني ديانة في العالم من حيث عدد اتباعه وانه أصبح من حق المسلم الآن اقامة شعائر دينه في اي مكان في العالم ولا يمنعه أحد بل ومن حقه ان يدعو الي الاسلام في اي مكان طالما لايمارس العنف ولا يحرض عليه..
ومراكز الدعوة تقام في كل عواصم الدول الكافرة كما نطلق عليها ولا يمنعها أحد والمساجد تبني في أنحاء العالم غير المسلم فلماذا نصر ان نجبر هذه الدول علي منع بناءها بتبني خطاب فاشي داخل هذه المساجد يحرض علي كراهية الاخر وأحيانا يحرض علي العنف ضده رغم أننا لا نعامل مثل هذه الدول بالمثل ونمنع قيام مراكز الدعوة للأديان الاخري في بلادنا بل ونمنع بناء اماكن العبادة لغير المسلمين في معظم البلاد العربية..
نحن نطلب من الجميع عدم الكيل بمكيالين رغم أننا من ابتدعنا هذه السياسة.. لماذا لا نستطيع ان نعي انه لا احد يمنع المسلمين الان من ممارسة شعائرهم بل والدعوة للاسلام طالما كانت الدعوة سلمية وبالحكمة والموعظة الحسنة وبالتالي اصبح لا يوجد عدوا لنحاربه الا من يحتل ارضنا ونحاربه باسم الوطن وليس الدين..يحاربه مسلمونا ومسيحيونا.. كما حارب المصريون جميعا مسلميها ومسيحييها اسرائيل دفاعا عن سيناء و أرض مصر وكما يفعل أهل فلسطين دفاعا عن أرضها لا فرق بين مسيحي و مسلم.. لقد انتفت علة قتال المحاربين في الدين وبالتالي تنتفي الاحكام المبنية عليها.

أما المشكلة الكبري فهي محاولة انكار الحقيقة ان ما يحدث من عنف و تطرف وقتل ونحر هي ظاهرة عابرة وليدة افكار شاذة لقلة من الشباب.. لا يا سادة ان مايطلق عليه ارهاب هو وليد ثقافة ساكني القبور المنتشرة بين عدد كبير من الشباب في الجزيرة العربية وباقي الدول العربية وللأسف تؤيدهم بطريقة غير مباشرة المؤسسة الدينية الرسمية ليست فقط في السعودية ولكن في معظم الدول العربية لأن هذه المؤسسات لاتملك الشجاعة الكافية لتفنيد الافكار والفتاوي التي يعتمد عليها هؤلاء القتلة بدءا من بن لادن الي الزرقاوي الي أتباعهما في السعودية.. رجال الدين سواء في السعودية او في الازهر غير قادرين الا علي اطلاق شعارات عامة من قبيل ان الاسلام دين الرحمة ولا يبيح قتل المستأمنين (مما يوحي بموافقتهم الضمنية علي انهم كفار و مشركين).. الي غير هذا الكلام ولكن مواجهة فتاوي و افكار ساكني القبور من أمثال المودودي وسيد قطب فهذا ما لايقدر عليه هؤلاء الشيوخ الذين يجيدون التقية خوفا من أولياء نعمتهم وهم بذلك يشجعون امثال المقرن و الزرقاوي علي افعالهم الشنيعة التي جعلت كل شعوب الارض تكره كل ما هو عربي او اسلامي.. لماذا لا نواجه الحقيقة ان شعوبا كثيرة فقدت كل تعاطفها مع قضايانا بعد ذبح الرهائن في العراق علي شاشات التليفزيون.. رغم أن الكثير من هذه الشعوب تظاهرت ضد بوش اعتراضا علي حربه ضد العراق.. وأتمني ألا يقول لي البعض أن من يقوم بهذه الاعمال هي مخابرات دول أجنبية.. لاياسادة كلنا نعرف من يقوم بمثل هذه الأعمال والكثيرون منا يؤيدونها سرا أن لم يكن علنا.. وأليهم اقول هل تتوقعون أن تتعاطف عائلة السائح الفرنسي الذي قتل في القاهرة علي يد شاب مغرر به مع أي قضية أسلامية بعدة ذلك
وقد ساقني حسن الحظ أو سوءه الي منتدي يتبادل فيه انصار هؤلاء المتطرفين الافكار ويطلق علي نفسه انصار الاسلام!!!! فرأيت العجب و تأكدت ان القضاء علي هذه الآفة يحتاج الي جهود مضنية ليست فقط أمنية ولكن ثقافية ودينية.. القضاء علي هذه الآفة لن يتم الا بقراءة جديدة للدين الاسلامي تتفق والعصر الذي نعيشه تتخلص الي الابد من قراءة ساكني القبور التي أورثتنا هذا التخلف والعنف و القسوة وألا ستكون النهاية ليست فقط لشعوبنا ولكن الاخطر للدين الاسلامي نفسه.
وأليكم عينة بسيطة من الافكار التي يتداولها مؤيدي هذا التطرف وأعتذر مقدما عن فظاظتها و قسوتها ولكن ان لم نواجه الحقيقة فلا أمل في الاصلاح :

((((((((((بل ذهب بعضهم (يقصد المعتدلون) الى أن الجهاد ما شرع الا للدفاع عن النفس


يقول الشيخ سلمان العودة - وفقه الله – (مع ملاحظة أن الشيخ العودة مازال يتحدث حتي الآن ويمارس التقية السياسية) في إحدى محاضراته ( قبل أن يسجن ) في معرض رده على من زعم ان الجهاد للدفاع عن النفس فقط (( إن الحيوانات تدافع عن نفسها فهل يحتاج الدفاع عن النفس الى تشريع ))
نقول إننا نختلف مع هؤلاء القوم في علة القتال،، وفي تفصيل علة القتل

فالذي نهي عن قتله،، الذين لا يكونوا أهل قتال،، وغير مهيئين له،، ولا يقدرون عليه،، ولا يطيقونه،، فلا خوف منهم،،

وعلة عدم قتل الاصناف المستثناة،،، لانها مال للمسلمين،،،،،،،،،، فاما يكونوا سبايا او عبيد،،....... )

هل هناك أكثر من هذا أن هؤلاء يعتبرون كل غير المسلمين ان كانوا قادرين علي القتال أعداء وجب قتلهم او ان يستسلموا ويصبحوا أهل ذمة يدفعون الجزية و الخراج أما الاطفال و النساء فلا يقتلون لأنه مال مشروع للمسلمين.. سبايا وعبيد؟!!!!!!!!!!!!!!!
وتأكيدا لهذا الكلام يقولون (والكافر الحربي الذي لا يقبل حكم الاسلام ولا دفع الجزية دمه مباح،، ولا يعصمه الا دخوله الاسلام او قبوله حكم الاسلام ودفع الجزية،، فختى لو لم يقاتل،، وترك القتال،،، لكن رفض حكم الاسلام،، فدمه مباح،، ما لم يكن هناك عهد او أمان.......


والاصل الذي استقرت عليه الشريعة في دماء الكفار هو الحل والاباحة............. أما لفظ الحربي او اهل الحرب فهو لفظ عام يطلق على كل الكفار بكل اصنافهم الذين ليس لهم ذمة وعهد او أمان

لقوله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏{‏ فإذا قالوا ‏‏ لا إله إلا الله عصموا مني دماءهم وأموالهم ‏}‏ ‏،‏ وقوله ‏:‏ ‏{‏ كل المسلم على المسلم حرام ‏:‏ دمه وماله وعرضه ‏}

‏ وقد اتفق الفقهاء على أنه لا دية للحربي ‏;‏ لأنه لا عصمة له ويشمل الحربي الرجال والنساء والاطفال وكل كافر ليس له ذمة او عهد او امان.

ويقول الامام ابو بكر السرخسي في شرح السير الكبير (4/50 وما بعدها )

قال‏:‏ لا ينبغي أن يقتل النساء من أهل الحرب ولا الصبيان ولا المجانين ولا الشيخ الفاني.... ثم قال : بل منفعة المسلمين في إبقائهم ليكونوا أرقاء للمسلمين فإن قاتل واحد من هؤلاء فلا بأس بقتله.....

وبذا يقول ابن العربي في احكام القرآن (1/154 في مسألة استثناء الذي لا يطيق القتال من القتل.

الجواب : أنا إنما تركناهم مع قيام المبيح بهم لأجل ما عارض الأمر من منفعة أو مصلحة ‏:‏

أما المنفعة فالاسترقاق فيمن يسترق ‏;‏ فيكون مالا وخدما ‏،‏ وهي الغنيمة التي أحلها الله تعالى لنا من بين الأمم ‏.‏
ويقول الامام ابن القيم في زاد المعاد 3/158

فصار اهل الارض : مسلم مؤمن به ( اي بالرسول عليه الصلاة والسلام )

ومسالم له آمن ( يقصد اهل الذمة والعهد

وخائف محارب ( يقصد ما تبقى من الكفار بكل انواعهم واصنافهم ) أ هـ

ولا شك ان سبب قتال الكفر هو كفرهم،، اما اهل الذمة،، فقبولهم لحكم الاسلام يستثنيهم من هذا الامر،،،،،،،)))))))

هذه عينة بسيطة من فكر وفتاوي ساكني القبور والتي مازال يرددها البعض في القرن الواحد والعشرين و التي يعتمد عليها شيوخ الرعب والقتل والتي لا يجرؤ رجال المؤسسات الدينية الرسمية علي مناقشتها علنا لأنهم يدرسونها في المدارس والجامعات الدينية ويؤمنون بها
ولكنهم خوفا من سيف الحاكم أو طمعا في ذهبه يجيدون اللف والدوران.
الحقيقة يا سادة أنه لن يمكن القضاء علي التطرف و الارهاب الا بالقضاء علي فكر وثقافة ساكني القبور التي تتحكم في عقول و قلوب الكثيرين من شبابنا الذين ينشرون الرعب والقتل ويساعدهم في ذلك من يمارسون التقية من فقهاء السلطة.
أن الحقيقة المرة التي يجب ان نواجهها جميعا اننا في مفترق طرق مثلما كانت اوروبا في القرن الثامن عشر.... نجحت اوروبا في القضاء علي سيطرة الكنيسة فتقدمت.. وأن لم ننجح في القضاء علي فكر ساكني القبور وأعادة قراءة الدين بفكر الأحياء في القرن الواحد والعشرين.. فلا أمل لنا.... سيضطر العالم كله حينئذ أن يتعامل معنا كما تعامل مع هتلر.. نحن لنا حق الاختيار ومصيرنا يعتمد علي هذا الاختيار.


الحقيقة التي لا نستطيع ان نراها ان الحرية الدينية اصبحت دستورا عالميا و أن لم نعي هذه الحقيقة فانني أحذر كل متطرفي وارهابيي شعوبنا ان براقش قد جنت علي نفسها..

د.عمرو اسماعيل