الكابوس الذي يواجهه النظام المصري حاليا هو أن التركيز على المعارضين السياسيين سوف يفتح مجالا أوسع للتحرك أمام تنظيم القاعدة وبذلك تتاح الفرصة لهجمات جديدة موسعة وهو الاحتمال الذي يزداد يوما بعد يوم مع اقتراب الانتخابات الرئاسية بعد أن أشار أيمن الظواهري بقوة إلى مصر في رسالته التليفزيونية باعتبارها هدفا مهما وأصيلا في الأيام القادمة لتنظيم القاعدة ورجلها الثاني.

وحتى تستقر الأمور وتهدأ الخواطر نحن في أمس الحاجة إلى فض الاشتباك القائم بين الدولة المصرية الممثلة في حزب عسكر يوليو 52 من جانب وكافة أطياف المعارضة المصرية على اختلاف أطيافها السياسية من جانب أخر... وبدون فض الاشتباك سيظل الوضع مرشحا للانفجار مما يوحى بفتح كل و كافة الملفات القائمة والنائمة للشد والجذب... والمسؤولية هنا تقع بالدرجة الأولى على عاتق الرئيس محمد حسنى مبارك بصفته رئيسا للجمهورية والذي يجمع بين يدية كافة السلطات في الدولة وفقا للدستور القائم في البلاد.

فض الاشتباك بين الماضي والمستقبل فلا يصح ولا يجوز القول أو الادعاء أن أصواتا من الماضي و ماكان مطبقا في الخمسينيات و الستينيات من القرن المنصرم أيام المد القومي العروبى ودول عدم الانحياز في ظل وجود الإتحاد السوفيتي السابق.. يعد صالحا للتطبيق اليوم وفى المستقبل بعد تغير الخارطة السياسية في الشرق الأوسط والعالم و إنفراد الولايات المتحدة برئاسة العالم ولقرن قادم.

فض الاشتباك بين الحكم والمعارضة لأن عدم تلبية مطالب المعارضة المشروعة في تداول واقتسام السلطة وصياغة دستور جديد يعيد الحقوق لأصحابها وإنفراد الحزب الحاكم بالكعكة بأكملها وبكل المغانم عزوفا عن تحمل المسؤوليات والتبعات سوف يجلب المزيد من الانفجار الداخلي و التدخل الأجنبي بعد أن أصبحت السماوات مفتوحة وهبت رياح التغير والديمقراطية على منطقة الشرق الأوسط شئنا أم أبينا وإعلان الولايات المتحدة الأمريكية صراحة عن سياستها الجديدة في المنطقة.

فض الاشتباك بين السياسة والدين فبينما ينص الدستور المصري على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع تنادى أصوات كثيرة بأن ذلك ليس كافيا تماما مطالبين بتحويل مصر إلى دولة دينية إسلامية وولاية الفقيه على غرار ما يحدث في إيران.. بينما ترتفع أصواتا أخرى تطالب بإلغاء تلك المادة تماما أو على أقل تقدير اعتبار الشريعة أحد مصادر التشريع بجوار مصادر أخرى على خلفية وجود ما يتراوح من 10 إلى 15 مليون مواطن قبطي وفقا لبعض التقديرات المستقلة في ظل عزوف الدولة عن تقديم إحصاء رسمي يعارضون أن تكون الشريعة الإسلامية هي مصدر التشريع في مصر مطالبين بتحويل مصر إلى دولة علمانية على غرار تركيا.

فض الاشتباك بين الفقراء والأغنياء فلا يتصور لأي متعاط للعمل العام في مصر أن يتجاهل حقيقة وجود أكثر من ثلث الشعب المصري يعيشون تحت خط الفقر ناهيك عن الأغلبية الساحقة التي تعانى البطالة ومشاكل اجتماعية واقتصادية كنتيجة مباشرة للتهميش والفقر الذي أصبح أزمة قومية بينما ينعم مايعادل2% من المواطنين برغد الحياة وبحبوحة العيش المترف ناهيك عن القطط السمان والهوامير وسارقوا أموال البنوك مما يهدد السلام والأمن الإجتماعى.

فض الاشتباك بين مصر وإسرائيل فبينما يرى النظام الحاكم والكثيرون من المصريين أن إسرائيل دولة جارة لنا معها علاقات يجب أن تستمر وقطع تلك العلاقات أو إلغاء معاهدة السلام يمثل إعلانا للحرب ضد الدولة العبرية وتعريض أمن مصر القومي للخطر الفادح في ظل قبول الطرف الفلسطيني السلام مع إسرائيل وهرولت العديد من الدول العربية لإقامة علاقات مع تل أبيب سرا وعلانية.. يرى آخرين عديدون بضرورة اعتبار إسرائيل هي العدو الأول لمصر مطالبين بإعلان الحرب عليها من منطلق قناعان أيديولوجية أو دينية.

تلك مفردات قاسية حلها وفك شفرتها غاية في الصعوبة تعادل تكسير العظام يواجهها النظام الحاكم في مصر طوعا أو كرها اليوم وغدا ويتحمل أثارها السلبية الشعب المصري الغاضب منفردا على مدى أكثر من نصف قرن من الزمان فذلك هو الحصاد المر الذي خلفه من ورائه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر للمصريين وورثته من الحكام العسكر في منظومة حكم الفرد !