6

قبل أن أختم حلقاتنا التي وجدت تفاعلا من المتابعين سواء عبر الردود والتعليقات المباشرة، أو عبر ما يصلني بالبريد الالكتروني. أود أن أشكر كل من شارك برأيه متفقا أو مختلفا. وليعرف الجميع أن الأمة بحاجة إلى النقد أكثر مما هي بحاجة إلى الثناء والمديح. وأن ألأكثر أخلاصا وأمانة هو من يكشف عيوب الأمة ويفضح المتآمرين عليها من الداخل. يقول الشاعر :

قسى ليزدجر ومن يكو راحما فليقسوا أحيانا على من يرحم.

جاءني عدة تعليقات من كل الأطراف المنتمية إلى الحزبين الإسلاميين الكبيرين. بالنسبة للمنتمين إلى الإسلام الشيعي فقد علق الكثير على ما كتبته عن التزاحم الشيعي على الموت في بعض المناسبات الدينية الشيعية وخاصة الضرب بالسلاسل. وقد ذكر الكثير منهم أنهم لايحبذون تلك الصور التي يطلقون عليها (التطير ) وان بعض فقهاء المذهب الشيعي قد أفتوا بحرمتها. وأن ذلك ليس من عقيدة المذهب الشيعي. إلا أن معلقا يدعي انتماءه للمذهب الشيعي اتهمني بالجهل بالمذهب الشيعي قائلا : إن التزاحم على الموت الذي تدعيه (يقصدني ) هو شعيرة دينية، ثم سألني قائلا : أليس التزاحم في الحج شعيرة ؟!

وأنا أوجه سؤاله إلى من يفهم في المذهب الشيعي أكثر مني ومنه : هل حقا ذلك الضرب المبرح بالسلاسل شعيرة دينية ؟!

أما بعض تعليقات المنتمين إلى المذهب السني، فإنها أكثر حدة ولا زالت بعض الأصوات ترفض الاختلاف في الرأي وتعتقد أن النقد الموجه إلى أخطاء البشر يمس بالعقيدة.

لقد كان الشيعة متهمين في الماضي بتأليه الدعاة والأئمة أكثر من السنة. لكنه يبدو أن التهمة تنطبق على السنة أكثر من الشيعة.

على العموم : أنا أحب الناس جميعا أيا كان دينهم أو مذهبهم. وليعلم الجميع أن أجمل لحظة عندي هي تلك اللحظة التي اقرأ فيها كتابا لجبران خليل جبران أو لميخائيل نعيمة وهما العربيان المسيحيان اللذان تفتخر الأمة بانتماءهما إليها. لكنني لو كنت يوما طائفيا أو عنصريا لما قرأت ذلك الفكر العظيم الذي أبدعه الأديبان الكبيران والذي تم ترجمته إلى كل لغات العالم.

واليكم الحلقة الأخيرة :

الإسلام السياسي السني في العقود القليلة الماضية أنجب رجال متطرفين ينادون نهارا جهارا إلى تمزيق الأمة العربية والإسلامية، حيث كفروا كل من يخالفهم من المسلمين وغير المسلمين. واستعدوا كل العالم والأديان والثقافات ضد الشعوب المغلوبة على أمرها.

ولنعود إلى المقارنة بين افرازات الإسلام السياسي السني والإسلام السياسي الشيعي عبر الممثلين لكلا الحزبين :

لقد اختار الإسلام االسني : الأفغاني الملا محمد عمر أميرا للمؤمنين السنة، دون أن نقرأ أو نسمع اعتراضا من احد على ذلك الاختيار.

وتم اختيار : الزرقاوي مفتيا، وقائدا، وبطلا.... !

وفي الجانب الشيعي : قدم لنا مفكرا وفلسوفا اسلاميا هو (محمد حسين فضل الله ) كمنظر للإسلام الشيعي في لبنان وقت المقاومة الحقيقية التي ناضلت من اجل تحرير الأرض وتقاتل الجنود ولاتقتل الأطفال والشيوخ والعزل.
وقدم لنا الإسلام الشيعي : قائدا بطلا حقيقيا كحسن نصر الله يدافع عن أرضه من جهة ويستضيف المقاومين الفلسطينيين والمهجرين من إخوانه السنة الذين لم ينتبه لهم الإسلام السني سوى عبر الشعارات العاطفية حين يلعب الإسلام السني عليها كي يجيش الجماهير الغلبانه لأهداف لاعلاقة لها بفلسطين.

وقد أرسل حسن نصرالله ابنه إلى القتال الحقيقي دفاعا عن الأرض وطلبا للشهادة الحقيقية. ولم يرسل قادة الإسلام السني أبناءهم لتفجير الطائرات، بل اختاروا شبابا مغررا بهم في العراق ولندن وشرم الشيخ ونيويورك للقيام بعمليات لاعلاقة لها بالجهاد.

كان الغرب يكره حزب الله وقائده حسن نصرالله، لكنهم كانوا يعترفون بأنه قائد حقيقي وينطلق في نضاله من مباديء عظيمة. وبالرغم من شيعيته المحافظة إلا انه لم يكن يوما طائفيا في خطبه وتعامله مع بقية الفئات اللبنانية.

بينما لم نسمع من منظري الإسلام السني : سوى إثارة الفتنة بين مذاهب المسلمين وطوائفهم. عبر الفضائيات وتأليف الكتب التي تكفر الآخر وتشوه سمعته وتسيء إلى تاريخه ومعتقده.

كنت أشاهد يوما أحد المنظرين للإسلام السني على قناة فضائية سأله المذيع : هل تكفر الشيعة ؟

قال ذلك المكفراتي : أكفر من يعتقد من الشيعة أن جبريل نزل على علي بن أبي طالب !

وقد قرأت لرجل دين شيعي ردا على ذلك يقول : لماذا لم يخبرنا ذلك الشيخ (المكفراتي ) بأولئك الذين يعتقدون أن جبريل نزل على علي ؟!

وكأن هدف ذلك المكفراتي أن تبقى الناس تكره بعضها ولا تقترب من بعضها البعض كي لا تكشف تزييف التاريخ الذي شارك فيه ذلك المكفراتي.

والغريب أن ذلك الشيخ وأمثاله يتهمون كل من يختلف معهم في الفكر بالخيانة للصهيونية وغيرها، فهل هناك خيانة اكبر من تفريق الأمة ؟!

لقد كفر بعض المنتمين للإسلام السياسي السني كل المبدعين في الأمة العربية وحاربوهم حتى خلت الساحة من المبدعين والصادقين وأصبحت وكرا للمعتوهين والجهلة.

ولنا فيما حدث وما يحدث في العراق منذ سقوط النظام البعثي عبرة.

حيث اتجه الشيعة إلى إخوانهم السنة يمدون لهم أيادي الصفح والتسامح بالرغم مما ارتكب في حقهم من مظالم ومجازر على يد الطاغية صدام الذي ينتمي إلى السنة. وينادون بدولة حرة ديموقراطية. إلا انه حتى اللحظة يرفض المنتمون إلى الإسلام السني الاستقرار لبلدهم ويحولونه إلى مجزرة كبيرة باسم الجهاد الذي لايحصد غير الأبرياء.

تلك حقائق، أردت بها أن أدق جرس الإنذار كي يصحوا عقلاء الإسلام السني من غفوتهم. حيث يبدو أن الدماء البريئة التي تسال هنا وهناك قد أشبعت غرورا أو نقصا، لكنهم يخسرون الكثير من التقدير والاحترام سواء من قبل الشرفاء الصامتين المنتمين إلى الإسلام السني العظيم وهم بالملايين، أو من إخوانهم المنتمين إلى الإسلام الشيعي، أو من إخوانهم العرب الذين ينتمون إلى الديانات الأخرى، أو من جميع شعوب العالم الذين بدلوا يعيدون قراءة الإسلام بشكل عام واتهامه بالإرهاب والعنصرية وكراهية الآخر ومعاداة الإنسان وحريته وكرامته.

الإسلام السني : يتراجع نتيجة فشل الذين يمثلون ذلك الإسلام السني، وذلك ليس في صالح الإسلام ولا المسلمين، ومن يعتقد أن الانتحار سوف يجلب نصرا لقضيته فهو واهم ولم يتعلم من عبر التاريخ. ومن يعتقد أن قتل الأبرياء يمثل بطولة فهو لا ينتمي إلى تاريخي بطولي.

إن ما لايدركه منظرو الإسلام السياسي السني الفاشلون : أن العالم يعي أن الانتحار ذروة اليأس والهزيمة، وان قتل الأبرياء في الشوارع يهزم الضعفاء والفقراء، لكنه لا يهزم أصحاب القوة.

الانتحار : مؤشر على السقوط الكبير.

فهل يرضى عقلاء الأمة أن ينتحر شطرها المهم ؟!

أليس في الإسلام السني من قيادات عاقلة وعظيمة تستطيع أن تنتشل الأمة من السقوط.

ولكن يجب أن يعلموا : أن لادين ولا حضارة يدعو إلى قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق سواء عبر الانتحار اوعبر التفجير والتفخيخ. ولا دين ولا قيم عظيمة تحتقر حرية الإنسان وكرامته !

ومن يؤمن في النضال والتحرير فليحمل سلاحه ويخرج إلى الشوارع كي يقاتل... أليست الشهادة مطمح كل جهادي ؟!

فلم يخاف المجاهد من الموت من العدو ويفجر نفسه في الأبرياء طلبا للشهادة ؟

أنه دين جديد... ذلك الذي يمنح الجنة للذين يقتلون الأبرياء !

أليس من العيب أن يفخر الاسلام السني بمن يذهبون لقتل ألاطفال والعمال في العراق ويجبنون على الذهاب الى أرضهم المحتلة فلسطين ؟!

لماذا عميت أعين الفلسطنيين وبصائرهم فذهب ابو عزام الاول الى افغانستان ينجد امريكا... وذهب ابوعزام الثاني ليذبح اطفال العراق ؟!

أيعقل أن يعادي الإسلام السني حرية القرن الواحد والعشرين وخليفته العظيم عمر بن الخطاب يقول قبل أربعة عشر قرنا : متى استعبدتم الناس وقد خلقتهم آماتهم أحرارا ؟!

قد يقول قائل : ذلك ما يناضل من اجله الإسلام السني... الحرية.

فأقول : بل أن ما يدفعه الإسلام السني من ثمن : أنه لم يرفع شعار عمر بن الخطاب رمزا للحرية الحقيقية !!

الحلقة الخامسة

سالم اليامي [email protected]