تناقلت الأخبار قبل أيام تقريرا جديدا من المصادر الأمريكية يفيد بأن عدد ضحايا العراقيين جراء الحرب والإحتلال الأمريكي وحلفائه منذ الغزو الأمريكي للعراق في 20/3/2003 ولحد الآن قد فاق 655000 (ستمائة وخمسة وخمسون ) ألف عراقي وعراقية،وقد أثار هذا التقرير ردود فعل قوية ومباشرة لدى الإدارة الحاكمة بواشنطن التي حاولت التشكيك بمصداقيته والأرقام التي أوردها، وبلغ ذلك (الهجوم الأمريكي المعاكس) ذروته حينما دخل الرئيس الأمريكي بشخصه على هذا الخط مؤخرا وأفاد بأن هذا الرقم المذكور مبالغ فيه حيث أن عدد القتلى من العراقيين هو بحدود الخمسين ألفا!!،هكذا وبكل بساطة وما نعبر عنه نحن العراقيين باللهجة الشعبية ونقول (بقوة العين ) التي لا ترمش من إرتكاب أي فعل جرمي أو مشين!!، يبلغنا الرئيس بوش هذه الأرقام ويصحح الرقم بشطب ستمائة وخمسة آلاف عراقي من القائمة الدموية المأساوية،والغريب أن الرئيس بوش بذلك قد قلد وحاكى من يحاكمه هو الآن في بغداد مع مجموعة الرئيس السابق صدام حسين في قضية (الأنفال) ونقصد بذلك المتهم علي حسن المجيد وزير الدفاع العراقي السابق وأبن عم الرئيس صدام والمشهور بلقب (علي الكيمياوي) والذي أشتهر عنه استعماله هذا السلاح المحرم دوليا ضد الأكراد أثناء الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988) وتأتي محاكاة بوش لعلي حسن المجيد من خلال الواقعة التالية التي رواها السياسي الكردي السيد محمود عثمان هنا في لندن أيام معارضة الخارج العراقية،إذ ذكر السيد عثمان بأنهم (أي القيادات الكردية ) قد سافروا الى بغداد بعيد فشل الإنتفاضة الشعبانية في آذار 1991،وقابلوا القيادات العراقية بداية من الرئيس صدام حسين الذي استقبل كلا من جلال الطالباني ومسعود البارزاني مع العناق والتقبيل!!،وأستطرد السيد محمود عثمان في قصته حيث كانوا مجتمعين مع علي حسن المجيد ببغداد بإعتباره مسؤول مكتب شؤون الشمال في حزب البعث الحاكم آنذاك،تناول الجانب الكردي مسألة (الأنفال) وذكروا له بأن رقم الضحايا من العراقيين الأكراد في (الأنفال) قد بلغ حوالي المائة وإثنين وثمانين ألف مواطنا ومواطنة، هنا قاطعهم علي المجيد بتصحيح الرقم المذكور بأن الرقم هذا مبالغ فيه إذ أن الرقم الصحيح هو بحدود المائة ألف لاغير!!، وعليه فقد شطب المجيد إثنين وثمانين ألف ضحية من العراقيين في 1991 بينما شطب زميله الرئيس الأمريكي بوش ستمائة وخمسة آلاف ضحية من العراقيين في 2006!!،وليست لي النية أو التوجه للمقارنة ما بين جورج بوش وعلي الكمياوي،ولكن ما يدهشني حقيقة هو هذا الإستخفاف الوحشي بأرواح البشر ومصائرهم وكل ذلك يحدث ويطبق على رؤوس العراقيين ومن دون أن يسجل أي من (الثوريين) الأكراد الحاكمين اليوم في بغداد والشمال العراقي إحتجاجه وتأثره في 1991 أمام علي الكمياوي، تمامامثلما نجده هذه الأيام من صمت مطبق قاتل وتجاهل من حكومة الوضع الراهن ببغداد إزاء تلك الأخبار ولو بذر الرماد في العيون والإيحاء بأنها هي المسؤولة الأولى عن المواطنين العراقيين وأمنهم ومصيرهم!! حيث أنها (الحكومة) مشغولة في بناء ديمقراطية الموت العشوائي على يد الإرهابيين وفرق الموت الطائفية والغارقة بوهم ما تسميه بالعملية السياسية تاركة البلد والناس بما يشبه الحرب الأهلية غير المعلنة، وفاسحة المجال لتفتيت العراق واقعيا وعمليا تحت أسم الدستور العراقي المعتمد بكل ما فيه من ثغرات تجعله من الناحية الوطنية ساقطا، ولا يجوز الركون إليه حينما يكون الهدف هو تدمير دولة العراق وتفيت الشعب العراقي الواحد الى (شعوب) عراقية كما وردت على لسان أحد السياسيين الأكراد مؤخرا!!.
ونعود لتلك الحقائق الواردة في التقرير الأمريكي عن هذه (الأنفال العراقية الجديدة ) وبطلها جورج بوش وإدارته الحاكمة ونتساءل عمن سوف يجلب هؤلاء المتهمين الجدد الى قفص العدالة العالمي ليحاكموا عن جرائمهم المقترفة بحق الشعب العراقي والإنسانية ؟؟.
اسماعيل القادري
E-mail: [email protected]
التعليقات