المعلوم من الأمر هو أن إنشقاق الجنرال عون عن تحالف 14 آذار قوّى من شوكة المخابرات السورية وعملائها في لبنان، تلك الشوكة التي تحولت إلى رصاصات غادرة اخترقت جسم الوزير الشاب بيار الجميل. وهنا يقتحم ذاكرة اللبنانيين تعليمات الجنرال لممثليه في إجتماع تحالف 14 آذار في البريستول للرد على إغتيال سمير قصير بالقول أن الإغتيال ربما كان حادثاً أمنياً فقط في محاولة لتبرئة النظام السوري من الجريمة !! المعلوم من الأمر يعلمه الجنرال عون تماماً ولذلك علق على اغتيال الجميل، وقبل أن يبرد دمه المسفوك على الأرض، أنه موجه ضدّه !! وهو ما يعني موافقة الجنرال عون ضمنياً على أن إنضمامه للتحالف الموالي لسوريا كان سبباً رئيسياً للإغتيال. ولذلك وقف أمين الجميل المفجوع بفقدان ولده البكر الوزير الشاب بيار، وقف في خاتمة الجنازة يخطب بالمشيعين ويدين عون بأقوى الكلمات ويسائله عن الجهة التي يتوجه إليها مبتعداً عن مصالح لبنان والشعب اللبناني.

كريم بقرادوني وهو الرئيس الثاني بعد الجميل للكتائب وبالرغم من أنه يتشح بالسواد حداداً على بيار، الذي كان عضواً في المجلس المركزي للكتائب وأمل شبابها، يخالف الرئيس أمين مشدداً على مقولة الجنرال عون في أن الإغتيال استهدف وحدة المسيحيين أي أنه موجه ضد الجنرال عون !! وفي مثل هذا المقال يكون بقرادوني الرئيس الثاني في التيار quot; الوطني الحر quot; بعد عون وليس في الكتائب بعد أمين !! المحامي البارع بقرادوني يعرف ما يقول بالطبع، يقول للبنانيين.. يا أيها اللبنانيون إياكم أن تتأثروا باغتيال بيار الجميل وتنصرفوا عن تأييد الجنرال فالمتآمرون استهدفوا الجنرال وليس تحالف 14 آذار واسقاط حكومته، حكومة السنيوره !!

يقول بقرادوني مثل هذا القول وهو يعلم أن قواعد الكتائب هي من رفض استقبال الجنرال للتعزية بالفقيد قبل أن تستشير الرئيس والد الفقيد في ذلك. ويعلم أيضاً أنه مكروه من قبل عامة الكتائبيين وغير مرحب به إلا إذا كان خلف الرئيس الأعلى. ومع ذلك يتجرأ وهو يرأس وفداً كتائبياً عريضاً إلى بكركي فيشدد أمام مختلف وكالات الإعلام على أن إغتيال بيار الجميل استهدف وحدة الصف المسيحي وهو ذات التفسير الذي قال به الجنرال عون مخالفاً بذلك تفسير الوالد المفجوع أمين الجميل وهو رئيسه الأعلى !!!

ظهر واضحاً لمشاهدي التلفزيون الاشمئزاز على وجوه الوفد القيادي الكتائبي المرافق لبقرادوني على درج بكركي من مثل هذا التصريح غير البريء من نفوذ المخابرات السورية المحتضنة اليوم لشخص الجنرال ونفخه حتى إلى ما قبل الإنفجار. والتساؤل الذي يتملك اللبنانيين اليوم هو.. كيف يسمح الرئيس الأعلى أمين الجميل للرئيس الأدنى كريم بقرادوني أن يغتال ولده بيار مرة أخرى مستخدماً دم الشهيد للدعاية للجنرال وهي المهمة التي تقوم بها المخابرات السورية، الجهة التي أرسلت قتلة بيار ؟!!

لذلك بصورة رئيسية ولغير ذلك بصورة غير رئيسية نطالب الرئيس الأعلى للكتائب أمين الجميل، أبا الشهيد الوزير الشاب بيار الجميل، أن يسارع إلى طرح أمر طرد كريم بقرادوني من الكتائب أمام القيادة المركزية في أول اجتماع لها. اللبنانيون من الكتائبيين وغير الكتائبيين لم ينسوا مؤامرة شق حزب الكتائب التي قادها كريم بقرادوني بالتعاون مع المخابرات السورية ؛ كما لم ينسوا أن رستم غزالي هو من طلب من عمر كرامي تسمية كريم بقرادوني ووئام وهاب وزيرين في وزارته.

عبد الغني مصطفى