الأحداث في لبنان أو في فلسطين أو مصر أو اليمن أوالسودان أو غيرها من الدول العربية لا تعنيني. لا تعنيني مطلقا، لهذا لم أكتب عنها، لكن حسن نصر الله ( القائد ) الالهوي جرني لكتابة مقالة قبل سقوط النظام الصدامي حينما طلب من المعارضة العراقية السابقة الاجتماع بصدام حسين وتسوية( الخلافات ) بين الطرفين على أساس أن هذه التسوية لن تسمح للقوات الأمريكية من شن حرب على العراق، أو الأصح اسقاط النظام الصدامي. سألت نصر الله حينها : هل تريدنا أن نصافح يزيد بن معاوية ؟.
وها هو اليوم يجرني كما يجر لبنان الى حرب أهلية جديدة. يجرني للكتابة بعد الخطاب الالهوي الذي ألقاه على الجماهير المحتشدة في بيروت، تلك الجماهير التي طالما خرجت باشارة من ( القائد ) الالهوي بالرغم من الخراب والدمار الذي حل بها حينما خرجت ( لتقاتل ) اسرائيل في معركة اعترف القائد الالهوي بعد انتهائها بأنه لم يكن قد حسبها جيدا ولو كان قد حسبها لما أقدم على ما أقدم، تلك الجماهير التي خرجت بينما كان نصر الله ( يقاتل ) في مخبأ سري لا يعرف مكانه الا السفير الايراني في بيروت.
حسن نصر الله جرني للكتابة اليوم لأن هذا الرجل طالب الدول العربية بعدم التدخل بشؤون لبنان، أو بالأحرى بالفوضى التي تعم لبنان، لكنه تدخل بالشأن العراقي، تدخل بسلبية، إذ أنه مرة يشيد بما يسمى بالمقاومة العراقية، ومرة يعد الحكومة العراقية خائنة كونها تتعامل مع المحتل الأمريكي وأخيرا يعد في خطابه ( الالهوي ) شيعة العراق خونة ويقارنهم بالرئيس المصري الراحل أنور السادات الذي ضربه مثالا لخيانة الطائفة السنية مع أن هذا الرجل حفظ دماء المصريين واسترجع أراضي مصر المحتلة، والأهم من ذلك أنه عرف حقيقة هذه الأمة ( الأمة العربية ) قبل غيره بوقت طويل.
الغريب في الأمر أن بعض أعداء شيعة العراق يتهمونهم بالخيانة أيضا لأنهم عملاء لايران. ايران التي تدعم حزب نصر الله علنا بالمال ( الشريف ) كما يقول نصر الله، وبالسلاح الذي يهدد به الحكومة اللبنانية اليوم.
هذا الرجل المهزوم الذي تسبب بمقتل أكثر من ( 1500 ) لبناني وتدمير البنية التحتية لبيروت ومدن لبنانية أخرى، وتسبب أيضا في ( احتلال ) جنوب لبنان من طرف قوات أجنبية تحت غطاء الأمم المتحدة، وهو الرجل الذي يقود اليوم لبنان الى حرب أهلية جديدة يطالب العرب بعدم التدخل بالشأن اللبناني، لكنه يسمح لنفسه بتلقي الدعم المادي والتسليحي من دولة غير عربية، وأيضا يسمح لنفسه بالتدخل بالشأن العراقي بحجة أنه يقف ضد الاحتلال الأمريكي ويعد أهل العراق خونة ويشيد بالقتلة الذين يطلق عليهم تسمية المقاومة مع أن هذه المقاومة يمثلها تنظيم القاعدة، ذلك التنظيم الذي يعد الشيعة كفرة ومن المفروض أن يكون حسن نصر الله من بينهم !.
لقد أخطأ نصر الله في حساباته حينما تسبب بحرب مدمرة كانت نتيجتها احتلال جزء من لبنان ويبدو أنه وقع بخطأ الحسابات مرة أخرى حينما أمر أتباعه بالنزول الى الشارع في محاولة منه لاسقاط الحكومة اللبنانية بسبب موافقتها على قرار مجلس الأمن الدولي حول تشكيل المحكمة الدولية التي ستحاكم قتلة الشهيد رفيق الحريري ( جميع المسوغات والحجج الأخرى التي يطرحها نصر الله ما هي الا خطابات اعلامية ) وربما سيتسبب باحتلال كل لبنان لأن العالم لن يقف مكتوف ازاء تصرفات غير مسؤولة يقودها هذا الرجل ومن يقف معه.
ليس لنا علاقة بأخطاء نصر الله فهذا شأنه مع اللبنانيين، لكننا نطالبه بعدم التدخل بالشأن العراقي وعدم شتم أهله، إذ أن أهل العراق لم يكن لهم أي دخل في مقتل أكثر من ( 1500 ) لبناني، ولم يكن لهم أي دخل في تدمير البنية التحتية في بيروت ومدن لبنانية أخرى.
طارق الحارس
* مدير تحرير جريدة الفرات في استراليا
التعليقات