يبدو أن القاضي الدولي سيرج براميرتز، المكلف من قبل مجلس الأمن بالتحقيق في جريمة إغتيال رئيس الوزراء اللبناني ألأسبق رفيق الحريري، أعاد النظر في إستراتيجية اللجنة الدولية حيال التعامل مع ملف القضية، و خاصة في شقها االمتعلق بالدور السوري في جريمة الإغتيال، بهدف تجنب مواجهة مبكرة مع السلطات السورية، و بالتالي تفادي الأخطاء التي وقع فيها سلفه المحقق الألماني ديتليف ميليس.
المحقق و القاضي البلجيكي، رجل معروف بخبرته و غزارة تجربته في القضايا الجنائية، و له باع طويل في التحقيق في جرائم الحرب، كالتي أرتكبت في رواندا و البوسنة و السودان. و من واقع تجربته، و بالإستناد الى ما تم إنجازه من قبل ديتليف ميليس و فريقه، تشكلت قناعة لديه تقوم على ضرورة العمل في سير التحقيق، و قراءة ظروف الجريمة من جديد، بعيداً عن الأضواء و وسائل الإعلام، للوصول الى إنجاز الجزء المتعلق بالتحقيق مع المسؤولين السوريين، و خاصة الرئيس بشار الأسد و نائبه الحالي فاروق الشرع.
و من أجل تحقيق هذه الأهداف، إنطلق السير براميرتز في تقريره الأول، منذ إستلام مهمة قيادة فريق التحقيق الدولي، من النقطة التي حامت حولها في الأونة الأخيرة العديد من الشكوك، و هي إنخفاض الضغوط على دمشق في قضية التعاون في ملف الجريمة. فبراميرتز أكد في تقريره على سعيه الى كشف كل حيثيات و ظروف الجريمة، و مرتكبيها، و تقديمهم الى العدالة. و بهدف عدم إعطاء الفرصة للسلطات السورية للتشكيك بنوايا اللجنة الدولية و مصداقية عملها و النتائج التي ستسفر عنها الخلاصة النهائية للتحقيق، ثمن براميرتز إيجابياً الوعود السورية بإمكانية لقاء الرئيس بشار و فاروق الشرع خلال شهر نيسان، للإستماع الى أقوالهما، و مقارنتها مع أقوال الشهود.
و جاءت إعتقال رنا قليلات في البرازيل، كتطور جديد في ملف القضية، على إعتبار أن الأموال التي سحبت من بنك المدينة، ربما تكون قد أستخدمت في تمويل جريمة الإغتيال المعقدة. التحقيق مع قليلات سوف يكشف، بلا شك، عن جديد في بعض المفاصل الأساسية الغامضة في تنفيذ الجريمة، فيما يتعلق بالتمويل و الأشخاص الذين ساهموا في عملية التمويل. و هذه القضية إن كتب لها النجاح، أي من جهة إستحصال المعلومات المفيدة من قليلات، فإن ذلك من شانه أن يعزز لائحة الإتهام ضد النظام الأمني السوري ndash; اللبناني المشترك و رموزه، المتهم بالدرجة الأولى في جريمة الإغتيال، و قد تقود جهود اللجنة الدولية الى التوصل الى النتيجة النهائية في لائحة الإتهام.
براميرتز، أكد في تقريره الى توصل اللجنة الدولية الى قناعة شبه نهائية، حول كيفية تنفيذ الجريمة و ظروفها و ملابساتها الفنية و التقنية، ولم يبقى سوى تحديد الشبكة التي أمرت بتنفيدها، و الأفراد الذين خططوا لها، و العناصر التي نفذوها في بيروت، بحق الرئيس الراحل رفيق الحريري و رفاقه في 14 شباط.
و إذا أخذنا بعين الإعتبار، التصريحات التي أدلى بها النائب السابق للرئيس السوري عبد الحليم خدام الى قناة العربية، و التي تتعلق بتهديد الرئيس بشار للرئيس الحريري في دمشق، و الإنزعاج النفسي و الجسدي الذي خلفه ذلك اللقاء على الراحل، عند إنصرافه من ذلك اللقاء، و الإتصالات الهاتفية التي رصدت الأحاديث بين رستم الغزالي و رموز أمنية لبنانية، فيما يتعلق بالرئيس الحريري، و إختفاء قليلات المتهمة في قضية بنك المدينة بشكل مفاجئ، و الإجتماعات السرية التي حدثت في سوريا و لبنان ndash; على أعلى المستويات الأمنية - فإن المنطقي و المعقول يشير الى مواجهة من العيار الثقيل ينتظر السيد براميرتز مع القيادة السورية.
فالعام الجاري هو عام الحسم، لملف التحقيق و الإدانة و التقرير النهائي الذي سوف يرفعه السيد سيرج براميرتز الى مجلس الأمن، و التي سوف تتضمن كل تفاصيل الجريمة و حيثياتها و ظروفها و مرتكبيها و من أمر بتنفيذها. كل المعطيات تشير الى تورط النظام الأمني السوري ndash; اللبناني في جريمة الإغتيال، و كل الدلائل تصب في المجرى الذي يؤدي الى القصر الجمهوري في دمشق من حيث، من أمر بإقصاء الرئيس الحريري جسدياً عن الحياة.
زيور العمر
* كاتب كوردي
[email protected]
التعليقات