سبعة عشرة سوريا فقط لا غير بوزن الريشة في الشارع السوري، واكبهتم ضجة إعلامية صاخبة لا تتناسب مع المجتمعين على ارض الواقع، أنجبوا فأرا أطلقوا عليه quot; جبهة الخلاص الوطني quot; إنفردوا بتقرير مصير عشرين مليون مواطن سوري، وذلك خلال الاجتماع الذي انعقد في العاصمة البلجيكية بروكسل الاسبوع المنصرم، والذي تراسه كل من المرشد العام للاخوان المسلمين في سوريا علي صدر الدين البيانوني وعبد الحليم خدام، ولا اجد وصفا دقيقا لهذا الاجتماع الا بالقول لا حول ولا قوة الا بالله quot; هَزُلتْ quot;..!
الاجتماع قد أثار لغطا واسعا في الشارع السوري ليس لكونه اجتماعا ضم بعض شخصيات من المعارضة السورية لا يمثلون الا انفسهم ومعهم الشخصية الجدلية عبد الحليم خدام، انما الاسلوب والنهج الذي انتهجه المجتمعين في الانفراد في تقرير مصير عشرين مليون سوري ناهيك عن الترسيم العلني لعبد الحليم خدام كزعيما أوحد، يعني الشعب السوري سوف ينتقل من تحت دلف النظام الحالي الى تحت المزراب عبد الحليم خدام.
يبدو ان قائد الضرورة والقائد الاوحد ابتلي بهما الشعب السوري، حيث اعتاد على مثل هذه العبارات لعقود عدة، بدأت في عهد حافظ الاسد الذي اعتبر حتى وفاته القائد الاوحد وقائد الضرورة لتامين استقرار المنطقة، ثم بعدها جاء بشار بدعم كامل من عبد الحليم كقائد اوحد وقائد ضرورة، واليوم بعد الاجتماع المشبوه ما اوحي الى تسمية عبد الحليم خدام قائد ضرورة أيضا، لكن هذه المرة بمباركة المرشد العام للاخوان المسلمين في سوريا علي صدر الدين البيانوني، والسؤال المطروح هل يمتلك عبد الحليم خدام صفات القيادة وكاريزما الزعيم ما يؤهله ليكون قائد الضرورة للمرحلة المقبلة في سوريا..؟ أشك في ذلك !! وكان الاولى بالبيانوني أن يشكل جبهة للتخلص من خدام بدلا من هذه الجبهة الرخيصة الاهداف.
وعلى الرغم من أن هذا الاجتماع لا يستحق كل هذا الصخب الاعلامي لان طموح المواطن السوري أبعد بكثير من اجتماع متواضع لا يرقى الى مستوى العمل السياسي، الا انه لا يسعنا الا التوقف عنده،حيث تبين ان هذا الاجتماع وما انبثق عنه هو مشروع لفتنة وطنية أكثر منه مشروع فتنة طائفية، وعبد الحليم هو استاذ في اثارة الفتن بلا منازع ويشهد تاريخه على ذلك.
ودحضا لما اعلن عنه عبد الحليم في مؤتمره الصحافي الذي اعقب الاجتماع بان هناك سيكون تنسيقا او مشاورات مع الدول العربية، لكن من خلال اتصالاتي بعدد من الشخصيات العربية الخليجية تحديدا وبحكم علاقتي بهم خلال فترة اقامتي في الكويت ومن خلال عملي الصحفي، حيث رفضوا ذكر اسمائهم كي لا يتسبب رايهم باي حرج لحكوماتهم، وكان هناك اجماع على جواب واحد أن عبد الحليم خدام شخص خائن وعلق احدهم بالقول: quot; لو انه اتخذ موقف الحياد على الاقل لوصف بانه شخص وفيا لنظام خدم فيه ما يزيد على اربعون عاما، اما اليوم فلم يعد هناك اي صفة يمكن أن تطلق على الخدام سوى كلمة خائن بغض النظر عن مساوئ النظام السوري.
واكدوا ان خدام لم يكن يحظى يوما باحترام اي سياسي عربي وانما كان مفروضا عليهم للتعامل معه كاي مسؤول سوري، ولدى سؤالهم عن تولي خدام مقاليد الحكم فيما بعد مرحلة سقوط النظام السوري هذا ان سقط اصلا، استبعدوا أن يكون لحكوماتهم اي توجه من هذا القبيل وعلقوا بقولهم: سيكون هذا خطأ تاريخيا جديدا سيتركب بحق الشعب السوري، وشددوا على ضرورة تكاتف القوى المعارضة والترفع عن اي خلافات فيما بينهم للتصدي وبكل قوة لمشروع الخدام وطموحاته للعودة الى السلطة.
هذه خلاصة راي بعض السياسيين الخليجيين الغيورين على مصلحة الشعب السوري أكثر من غيرة الخدام والبيانوني، هذا على المستوى العربي اذا كان عبد الحليم خدام يراهن على دعم وتأييد الدول العربية، أما شعبيا فعبد الحليم خدام هو ادرى من أي شخص آخر بحقيقة حجمه وموقعه في الشارع السوري، وليعلم الخدام أن عشرات الرسائل تصل عبر الايميل من مواطنين سوريين يحثون من خلالها المعارضة والقوى السياسية لبذل كافة الجهود لاحباط مشروع الخدام والوقوف في وجه طموحاته وأطماعه في العودة الى السلطة، واعربوا عن استيائهم الشديد من الخطوة الغير محسوبة التي اقدم عليها البيانوني بتحالفه هذا.
ونتساءل مالذي لدى خدام ليراهن عليه بعد ان أحرق كافة اوراقه دفعة واحدة؟ و يبدو ان جريمة اغتيال رفيق الحريري سوف تكون فاتورتها باهظة على الشعب السوري وسيعاقب هذا الشعب المسكين بصفقات سياسية وما يخشاه السوريين في أن يكون بعض سياسي لبنان يدفعون باتجاه عودة الخدام الى دفة الحكم في سوريا ثمنا لشهادته في جريمة إغتيال المرحوم رفيق الحريري.
كما نتساءل أيضا لماذا لم يحصو ضمير عبد الحليم خدام الا في هذا الوقت..؟ أما كان من الاولى به لو ان لديه أي مشروع اصلاحي حقيقي ان يبقى في الداخل وينضم الى صفوف المعارضة الداخلية ويدعمها بالقوة التي يدعيها اليوم؟
وليتذكر البيانوني في المستقبل القريب ان من خان رفاق دربه بعد خمسة عقود ليس من الصعب عليه خيانة من كان حتى الامس من ألد أعدائه وهو جماعة الاخوان المسلمين، فهذا الاجتماع الذي كان المقصود منه تشتيت المعارضة وتفريقها واثارة فتنة وطنية أتى بنتائج عكسية، حيث اتفقت جميع الاراء على هذا الخطأ الذي ارتكبه البيانوني بحق نفسه بالدرجة الاولى كشخصية كانت تحظى باحترام حتى خصومه وثانيا بحق الشعب السوري.
وحاليا تجري المشاورات فيما بين مختلف اطراف المعارضة السورية، وتم الاتفاق على العمل للتصدي لمشروع الخدام والبيانوني الفتنوي ووأد هذه الفتنة بجبهة مضادة تهدف للتخلص من خدام واتباعه، وسيتم الاعلان عن تشكيل لجنة مشتركة لهذا الغرض الشهر المقبل خلال سلسلة من الاجتماعات سوف تعقد في عدد من العواصم الاوروربية فضلا على ذلك فانه جاري التنسيق لعقد إجتماع تشاوري في واشنطن تحضيرا لمؤتمر وطني عام سوف تشارك فيه معظم القوى الوطنية الى جانب القوى الممثلة عن العائلات السورية العريقة التي لها ثقلها في الشارع السوري وذلك للحيلولة دون عودة عبد الحليم خدام الى السلطة.
نورا دندشي
صحافية سورية
التعليقات