الديمقراطية المنقوصة أخطر في اعتقادي من غياب الديمقراطية نفسها، في الوضع الديمقراطي السليم ليست هناك معارضة دائمة ولا توجد هناك أكثرية دائمة بمعنى أن إمكانية تسلم المعارضة شئون الإدارة أو السلطة محتمله وعلى المدى الطويل قائمة بلاشك وكذلك إمكانية تحول الأكثرية الى أقلية والأقلية الى أكثرية مسلم بها وقائمة بل هي معيار لتوازن القوى وعامل ضبط للقرار السياسي وتصويبه من أجل مراعاة الصالح العام للمجتمع والأمة.
أما في حالة الديمقراطية المنقوصة حيث لا يوجد تداول محتمل للسلطة يلوح في الأفق فيمكن توقع ما يلي:-
1 ndash; تحول المعارضة الى عقبه في حد ذاتها ويرتبط وجودها بكونها كذلك ولو تخلت عن معارضتها فقدت جوهرها وعامل الربط بين أفرادها.
2 ndash; فقدان الأمل لدى المعارضة في المشاركة في الإدارة والحكم يجعل من أفرادها ضحية سهلة للمغريات ووسائل الجذب لدى الحكومات ويصبح الانتقال الى الجهة الأخرى بديلاً محتملاً وقائماً.
3 ndash; تفقد المعارضة بعدها الأيديولوجي مع الوقت إذا لم تتح لها فرصة أداءها لدورها وممارسة هذا الدور وتصبح بالتالي معارضة بالفطرة بعيداً عن فكرة المعارضة الحقيقية التي تقوم أصلا على البرنامج السياسي الأيديولوجي ومحاولة تطويره بالممارسة، أو التراجع عنه واستبداله.
4 ndash; عندما يكون الخيار بين الابقاءعلى ما هو قائم دون تحرك الى الأمام أو الانتقال الى جهة الأخرى جهة الموالاة. كلا الخيارين يصبح فسادا للسياسة التي تقوم أصلاً على الاحتمال وفن الممكن تحقيقه وهذا في حد ذاته خسارة للمجتمع.
طبعاً مثل هذه المقدمة تتطلب برلماناً أو مجلساً منتخباً من الأساس لكن عدم اكتمال الحلقة الديمقراطية المتمثلة في إمكانية التداول السلمي للسلطة جعل حتى من الأبعاد الأخرى اللازمة للعملية الديمقراطية كالانتخابات ووجود الدستور وقيام الأحزاب لا تؤدى دورها بالشكل المطلوب والفعال ولذلك يصبح التكور حول الذات لحماية المصلحة الشخصية بعداً حاسماً لدى الأفراد في حين أن اكتمال العملية الديمقراطية بشكلها الطبيعي يجعل من المصلحة العامة مرتكزاً لا يمكن الحياد عنه أو تجاوزه.
عبدالعزيز محمد الخاطر
كاتب من قطر
التعليقات