يعتبر التفكير الصفة الأولى التي تميز الإنسان عن غيره من المخلوقات، وأحد أشكال التعبير عن الفكر هي الكتابة، لذلك نرى أن الكتابة مرتبطة دائماً ـ في الذاكرة الإنسانية ـ بالقداسة والطهر، حتى غدا الكثير منا يحترم ويقدس مهنة الكتابة، ومن يقوم بها أي الكتّاب، ونرى الكلمة القرآنية الأولى تأتي تابعة لعملية الكتابة، فكلمة (اقرأ) تستوجب أن يكون ثمة كتابة في الأصل، كي يقوم الإنسان بقراءتها...

وأصبغت القداسة على الحبر (والقلم أيضاً)، حتى أقسم بالقلم عزّ من مقسِم: ((ن والقلم وما يسطرون))...

وكان القلم ـ على طول الخط النضالي والجهادي ـ الرديف الأول للبندقية، وكان الشعراء الوطنيون الصادقون يدافعون عن شرف أمتهم وعزة أوطانهم بأقلامهم وحناجرهم...

ولطالما أدخل القلم والحبر مَنْ يخط به السجنَ، ولطالما سما به إلى مرتبة الشهادة، ولطالما دفع الحبر من يرتشفه إلى نزف دمه... نعم كثيراً ما سفك الحبر دم صاحبه...

إنه الحبر السري المقدس الذي يمد المجاهدين والرجال بالهواء والماء كي يستمر أولئك الشجعان بجهادهم المقدس...

وكما يتبرع الناس في الحروب بدمائهم، كان على أصحاب القلم أن يتبرعوا بحبرهم...

لمثل هذا خلق القلم، ولمثل ذلك كان الحبر...

لم يكن يُتصور ـ في أي ذاكرة أو ضمير ـ أن يقوم الحبر بتدنيس دماء المجاهدين...

إن الحبر الذي يهاجم المقاومة اللبنانية ويصوّرها كمغامرة ومقامرة خرقاء...، والحبر الذي يصمت عن العهر والحقد الصهيوني...، إن هذا الحبر دنّس الدماء الزكية التي تطهر أراضينا، إن هذا الحبر الدنِس لوّث تاريخاً طويلاً من الدماء التي نزفت عشرات السنوات من آلاف الأجساد اللبنانية التي ستظل فخر التاريخ العربي الإسلامي الحديث...

إن هذا الحبر الذي تسودون به مقالاتكم وصحفكم ومواقعكم وإعلامكم (بكافة أشكاله)، حبر ملوث، ينشر فيروسات حقدكم وكرهكم لكل ما يمت للبطولة والجهاد والفروسية والرجولة بصلة.

أيتها الدماء... نقدم اعتذاراً شديد اللهجة عن الحبر الذي يسعى لتدنيسك...

ولله الأمر من قبل ومن بعد

علاء الدين الحلبي
مسلم من بلاد الله الواسعة

[email protected]