لا يوجد أي عذر لبابا الفاتيكان في قول ما قاله، وهي رصاصة استهدفت المشاعر واستفزتها بكل الأحوال، ولكن...
من أدنى مواطن في نيويورك أو لندن أو باريس أو كوبنهاجن، إلى أعلى مستوى في ذات المدن، نتساءل عن ماهية الصورة الانطباعية التي قمنا نحن ذاتيا بتشكيلها في أذهانهم!!
من الذي اعتاد مخالفة النظام والقانون دائما حين يكون عندهم؟
من الذي يرتاد بكثرة كازينوهات القمار ونوادي اللذة الرخيصة ويسفح أموالا طائلة على أبوابها؟
من الذي صور العربي والمسلم كغاضب بلا نهاية على كل ما هو قائم؟
من الذي يحترف الكذب في كل تعاملاته اليومية بلا أدنى حس بالمسؤولية أو الذنب؟
من المتخلف (في واقع العالم) عن واقع العالم؟
طيب..
سؤال آخر..
ما دام ديننا دين رحمة وتسامح وتكافل، وإنسانية( وهو كذلك بلا شك)، فلماذا تكون الصورة على أرض الواقع جوع وتشرد وأزقة وسخة، وأطفال بلا مأوى وتباين طبقي بين من يملك ومن لا يملك، وقسوة في التعاطي مع البعد الإنساني؟
تزامنا مع تصريحات البابا، كانت الحرة تبث تقريرا عن الجالية المسلمة في لندن، وبتوثيق عالي المهنية، كان التقرير يتحدث عن رجل يؤم بالمصلين، وبلحية الشيوخ، ومتهم باعتداءات جنسية شاذة وقع ضحيتها أولاد من الجالية المسلمة نفسها؟ والتقرير يتابع أن قيادات الجالية تدافع عن الرجل لا ثقة ببرائته، فهو مدان وثبتت إدانته، لكن دفاعا عن سمعتها، وتهدد عائلات الضحايا(وهم مسلمون) إن لم يتنازلوا عن حقهم بالشكوى!!
تزامنا مع تصريحات الحبر الفاتيكاني، تبث فضائية عربية تقريرا عن الفقر المدقع في أزقة المدن الباكستانية، والقذارة التي تجلب الأوبئة والأمراض!!
ما الرابط بين هذا وذاك؟ بسيطة، لوأننا فكرنا قليلا في ديننا الذي يدعو للنظافة المطلقة، وواقعنا المتلوث بوساخة الجهل!
وبالتزامن مع الطلقة التي أطلقها البابا، نشاهد أوبرا وينفري، عبر برنامجها المليوني، تبني وعلى نفقتها الخاصة وبمساعدات سخية مساندة تقدر بالملايين من أناس عاديين أحياء سكنية لضحايا إعصار كاترينا، ونشاهد منازل جميلة مؤثثة بالكامل بنيت بفترة أشهر فقط، ومتطوعون من كافة المدن الأمريكية قاموا بأعمال البناء!!لقد قامت أوبرا وحدها ببناء حي سكني كامل لثلاثمائة نسمة، من يبني بيتا لعائلة عربية أو مسلمة تعيش في المقابر؟
ونتحدث عن تكافل وتضامن وروح أخوة، وواقعنا الفعلي لا يحتوي إلا قتلا وقسوة وتشرذما وغضبا بلا مبرر على الغير وعلى ذواتنا، والتضامن الوحيد الذي تقذفه الشاشات في وجوهنا حين نقوم بمظاهرات من كراتشي حتى كازابلانكا، فيها كل أنواع التكسير والتهديد، والدم.وبيانات تتفاوت من تنديد إلى تهديد بالقتل للكفار الآثمين!! ثقافتنا المعاشة هي الدموية وليست ثقافتنا الإسلامية.
البابا، أخطأ، وربما تعمد الخطأ، ربما هناك مؤامرة، ربما هي إساءة فهم، كل هذا لا يهم، لكن الأهم، أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
- آخر تحديث :
التعليقات