في صبيحة عيد الأضحى قصدا..
ووسط كرنفال فرحة عارمة تبارت الفضائيات في النقل عن quot;العراقيةquot; صور مراسم تجهيز صدام للحظة
إن من ينظر إلى تاريخ الحكم الحديث في العراق يجده للأسف مشبعا بعار ودم فمن اغتيال لفيصل وغازي إلى سجل لعبد الكريم قاسم إلى حرق لعبد السلام عارف إلى شنق لصدام ولا أظنإن أحدا يتوقع لكم نهاية أفضل مما سبق فانتبهوا |
ولا أدري لم خطر ببالي على الفور صور إعدام quot; نيكولاي شاوشيسكو quot; رجل رومانيا القوي بعد إعدامه على أيدي هبة رومانية متأمركة..!! رغم اختلاف الطريقة.
لقد تشابه الاثنانصدام و شاوشيسكو في المعطف الاسود وفي أمور كثيرة فكلاهما كان قويا وصارما وبشكل فظ وقاس وله ضحايا كثر ولكن كليهما كان بانيا للدولة الحديثةفي بلده ففي عهد صدام لا ينكر موضوعييؤمن بالأرقام فقط أن الثورة العلمية و القدرة التسليحية والأمن ومحو الأمية ومستوى دخل الفرد قد حققا أعلى المستويات وكل هذا لا يشل مبررا مقبولا لما فعلاعلاوة على أن الدور التاريخي والحلم القومي والأطماع الدولية و التصرفات غير المدروسة والقسوة المفرطة قد جعلتلصدام حسين التكريتي أعداء كثيرين..يسارعون إلى إعدامه ويفرحون بشكل هستيري ملفت للنظر.!!
وأعتقد إن من كان يملك القرار والتوقيت في أمر الاعدام وغيره هو اللاعب الأكبر quot;أمريكا quot; وأما باقي اللاعبين فهم أقل من وصفهم كومبارس.
فأمريكا هي نفسها التي كانت وراء تحريض صدام على غزو إيران ولما تفرعن وبدأ يخرج عن الدور المرسوم هيأت له الطعم المناسب بغزوه الكويت وبالتالي تفننت في وضع سيناريو إيجاد المبرر الدولي لتحجيمه بحرب الخليج الثانية ومن ثم التخلص منه، وهذا ليس من تأليفيبل من وثائق موثقة ترقد في مخازن العم هيكل وعرضها على الملأ ذات يوم..!!
وأمريكا قررت بذلك تنفيذ أول خطوات إستراتيجيتها الجديدة في العراق وهي إعدام صدام وفي يوم عيد الأضحى بالذات أولا.. لتوجه اهانة احتلالية متعمدة إلى الكرامة العربية جمعاء والى الحساسية الإسلامية والى المثل العدلية المتعلقة بحقوق إنسان معتقل بغض النظر عنالتهم الموجهة إليه..
وثانيا..تجاوز خط الرجعة في مصالحة مستقبلية محتملة بين الطوائف العراقية وبالتالي استمرار الاحتلال
الأمريكي في نهب ثروات العراقبينما العراقيون منشغلون بعد ضحاياهم بالعشرات كل يوم من جراء السيارات المفخخة والعبوات الناسفة.!!
والسؤال الذي يطرح نفسه..
لماذا تم الإعدام فجأة وعلى عجل قبل أن تكتمل فصول المحاكمة الهزلية الثانية quot;الأنفال quot; بعد المحاكمة الهزلية الأولى quot;الدجيل quot;..؟!!
هل كان هناك..ما لا تريد أمريكا من أحد أن يطلع عليه وخاصة في فترة شهر العسل بين صدامورامسفيلد؟!!
وهل لما قاله طارق عزيز عن رغبته في طرح معلومة في غاية الأهمية في محكمة quot;الأنفال quot;علاقة بالتعجيل في الإعدام..؟!!
إن طوفان التساؤلات بعد إعدام صدام يجب أن تفتح عيوننا أكثر على العلاقة بين طهران وواشنطن وأنا شخصيا بت أعتقد إلى حد كبير بأننا معشر العرب ضحية وهم الاعتقاد بوجود خلاف بين الإستراتيجيتين الإيرانية والأمريكية في المنطقة وان وراء الأكمة ما ورائها.!!
وإيران لو أرادت مقاومة أمريكا وطردها من العراق لفعلت ولكنها في الحقيقة هي أكثر الأطراف استفادة في الوقت الحالي وعلى كل طرف عربي أو فلسطيني يتعامل الان مع طهران بحسن نية أو بغيرها يجب أن يراجع خطواته ويتبصر ما يفعل إلا اذا كان يريد استبدال الاحتلال الأمريكي للعراق باحتلال فارسي طائفي..مقابل حفنة دولارات..!!
ولينظر الفلسطينيون الذين يأخذون الكوبونات السخية من ايران إلى ما يفعله مريدي إيرانبالفلسطينيين في العراق والذين فقدوا أكثر من 180 برئيا دون ذنب سوى انهم رهائن فلسطينيين عرب في بلد النخوة و العرب..!!
وهذا ليس غريبا على عراق طائفي يبرطع الموساد فيه كما يشاء ويغتال العقول العراقية بحرفية عالية..!!
وهذا ليس غريبا على عراق يمنع في شماله التحدث باللغة العربية و يحرض بشدة على كل ما هو عربي..!!
وأقول بهدوء المؤمن و الواثق إلى أتباع أمريكا وإيران في العراق..
إن من ينظر إلى تاريخ الحكم الحديث في العراق يجده للأسف مشبعا بعار ودم فمن اغتيال لفيصل وغازي إلى سجل لعبد الكريم قاسم إلى حرق لعبد السلام عارف إلى شنق لصدام ولا أظنإن أحدا يتوقع لكم نهاية أفضل مما سبق فانتبهوا..واتمنى إن تكونوا ساعتها في رباطة جأش ذلك التكريتي الذي سيحاكمه التاريخ بلا شك وينصفه أو يدينه بشكل أفضل من محاكماتكم المضحكة..!!
بالنسبة لي لم أخف حزني على اعدام صدام الذي أطلق عليه أصدقاء الامس أعداء اليوم quot;فارس البوابة الشرقية بهذه الطريقة وهذا التوقيت مع اني كنت متوقعا دائما ومنذ ثلاث سنوات إن تلعب أمريكا بهذا الجوكر المحروق للتخفيف من خيبتها الثقيلة في بغداد.!!
أما بالنسبة للتصريحات المتفائلة من البعض عن ولادة عراق جديد وآمن بعد صدام فأقول لقد أعدم باعدام صدام شاء الفرحون أم أبوا ذلك التسامح والسعي للمصالحة الذي لطالما تشدقوا به في المؤتمرات والمقابلات وسيسقط ضحايا كثيرون ابرياء لايقلوا براءة عمن قتلهم صدام يوما..وسيمر وقت طويل قبل أن يتعافى نخيل العراق من وباء الانتقام والحقد الطائفي البغيض وواهم.. واهم جدا من يتوقع من الطائفيين العراقيين أن عراق ما بعد صدام سيكون أفضل حالا من عراق ما قبله لان المقاومة العراقية للأمريكان وزلمهم لم تكن مرتبطة برجل وإنما كانت ولا زالت مرتبطة بكرامة وعقيدة ووطن..!!
واني وكثيرين على ثقة من أن العراق الموحد العظيم قادم لا محالة..ولكن بدونهم وتبقى عبارة صدام الاخيرة الساخرة quot;هيه..هيك المرجلة..!! quot; أبلغ عبارة قيلت في وجه زمن أمريكي وعربي رديء..!!
توفيق الحاج
التعليقات