بادئ ذي بدء فإنني أنصح الجنرال الشاب حسن نصرالله بأن يفكر طويلاً ويراجع كثيراً قبل أن يطلق الكلام على عواهنه.

بالأمس فقط صرح الجنرال الشاب قائلاً : quot; لولا خشيتنا من قيام حرب أهلية لاستولينا على الحكم خلال وقت قصيرquot;!!! لعلي أميل إلى تصديق الجنرال الشاب حيث بدا واضحاً أن الجيش اللبناني متواطئ مع الإنقلابيين وقطاع الطرق في بيروت العاصمة وسائر المدن اللبنانية الأخرى.

كان بإمكان الجنرال الشاب وبكل سهولة أن يأمر إحدى فصائل الحرس الثوري التي يحمل أفرادها الجنسية اللبنانية باقتحام السراي واعتقال رئيس الحكومة وكل وزرائه وربما تصفية فؤاد السنيورة جسدياً لكي يعلن الجنرال الكهل في رئاسة الجمهورية اعتبار الحكومة منتهية ويسمي بالتالي حكومة يرضى عليها حسن نصر الله، وإلا فلن يسمي. ولا عجب في ذلك فالجنرال الشاب هو المندوب السامي الإيراني والجنرال الكهل هو المندوب السامي السوري!!!

قلت أنصح الجنرال الشاب بأن يفكر طويلاً ويراجع كثيراً قبل أن يطلق أقوالاً لا تليق بسياسي مبتدئ. وإلا فما معنى تصريحة حول إمكانية الإستيلاء على السلطة بكل سهولة لولا خشيته من حرب أهلية؟! ـ وهنا لا يفوتنا أن نقدر عالياً خشية الجنرال الشاب من الحرب الأهلية وحرصه الكبير على السلم الأهلي. من التصريح نفهم بأن الجنرال الشاب يفهم أن قطاعاً عريضاً من الأهالي يلتف حول الحكومة وعلى استعداد أن يفتديها بالدم وهو لذلك لن يستولي على السلطة بالقوة حفاظاً على أرواح الناس ودم اللبنانيين، ونحن نقدر له هذا كما قلنا.

لماذا إذاً يصر الجنرال الشاب على الإنقلاب على الحكومة؟! فهل هدفه قهر وإخضاع قطاع من الشعب بغض النظر عن حجم هذا القطاع؟ لماذا يقهر الشعب اللبناني أو حتى قطاع منه؟ ولمصلحة من يقهره؟؟ أسئلة طرحها الجنرال الشاب على نفسه دون أن يعلم من خلال تصريحه المشار إليه أعلاه وهو ما معناه أن ما حال دون نجاح الجنرال الشاب في الإستيلاء على السلطة هو خشيته من الحرب الأهلية ـ وفي قراءة دقيقة لما في ذهن الجنرال الشاب هو الحرب المذهبية بين السنة والشيعة وهي أسوأ من الحرب الأهلية طالما أن من شأنها أن تهدد مصير قيادتة في الشام.

أكثر ما يستحق في موقف الجنرال الشاب من شجب وإدانة هو أن محاولاته الإنقلابية المتواصلة تفتقد لأي هدف سياسي يخص لبنان والشعب اللبناني. تطالبه الحكومة الشرعية بإعلان هدفه السياسي كي ترى إذا ما كانت تقبله وتتبناه فلا يعود الجنرال الشاب إنقلابياً، لكنه يصر على إخفائه لعجبنا جميعاً!! ينقلب على السلطة الشرعية بحجة المشاركة في الحكم ؛ فقط المشاركة دون بيان أسبابها، خصوصاً وأنه وعد صادقاً بأنه لن يسمي أي وزير من حزبه في وزارة ما يسمى الإتحاد الوطني.

يقول الجنرال الشاب بأنه يقبل بالمحكمة ذات الطابع الدولي بالمبدأ وقبل أن يقرأ قانونها لكنه لن يقرأ القانون إلا إذا كانت لديه القوة الشرعية التي تؤهله لرفض القانون جملة وتفصيلا!! وبمثل هذا هو موقفه من قانون الإنتخابات ومن انتخاب رئيس جديد للجمهورية!!

القطبة المخفية في عبّ الجنرال الشاب هي رئيس الجمهورية الجديد. لذلك يطالب بأن يكون لديه الحق في حل الحكومة عن طريق إستقالة الثلث زائد واحد من عدد الوزراء وهو ما يمكنه من رفض أي مرشح للرئاسة لا توافق عليه القيادة في الشام. القتال الدائر اليوم في لبنان هو من أجل حماية إميل لحود وأشباه إميل لحود في سدة الرئاسة. استطاع الشيعة أن يفرضوا الرئيس الذي يريدون في الرئاسة الثانية غصباً عن الموارنة، وقد صوّت معظم نوابهم ضده ؛ واليوم يعمد الشيعة أيضاً إلى فرض الرئيس الذي يريدون في الرئاسة الأولى وغصباً عن الموارنة كذلك، رئيس سوري الهوى والسحنة!!!

أيها الجنرال الشاب! أنصحك بأن تمشي على الأرض فأنت اليوم أحوج ما تكون إلى تعاطف الشعب اللبناني، كل الشعب اللبناني بكافة مكوناته، في مواجهة الخطر الإسرائيلي على شخصك تحديداً. وخشيتي من أنه إذا ما انكشفت فستتمكن إسرائيل من تصفيتك بلحظة ليست من حساب الزمن وهو ما لا يرغب فيه كل الشعب اللبناني وليس طائفتنا الشيعية الكريمة فقط.

عبد الغني مصطفى