لَطالما أشتَدّ جدلٌ بيني ومَنْ حولي cedil;حولَ جَدْوى الكمّ الهائل ِ من فضائياتٍ عراقيةٍ تنقصٌ أغلبها الاحترافيّة ويسودٌ معظمٌها الارتجالية.
ولان العراقي قبع خلف الابواب المغلقة طيلة عقود، فقد انتابه الانبهار ليس من الفضائية، بل من سحر الالوان والشاشة.


ألوانٌ متَشابهَةٌ
ومثلما تتشابه الرتابة، فقد تشابهت حتى الالوان في تلكم الفضائيات، وبينما عددها يتصاعد ويزدهر فان عدتها تضمحل وتندثر.
ويحاول العراقي جاهدا ان يجد ذاته في واحدة منها، ولما يفلح بعد. ولا أهب بفضائيات تقمصت قضيته ولبست قميصه، وأهب باخرى همها همه وديدنها ديدنه.

ولان التعدد هو حالة صحية بعينه، لكنه في هذا الامر بدى بهرجة، فما لبثت الفضائيات تقتفي في اخبارها وموادها اثر الاخرى، وباتت الاولى صدى للثانية، والغلبية صدى مسموع لقناتي الجزيرة والعربية. وهي فضائيات لاتمتلك مراسلين بالمعنى الحقيقي للكلمة واغلبها يدار من غرف عاجية لاترى النور، لكنها تظهر في الشاشة على انها الصديقة الحقيقية للشمس.


دَعْوةٌ لِمنْع ِ الضَجيج ِ
ولعلي في هذا المقال انقل صوت نخبة عراقية تقترح اختزال تلكم الفضائيات حتى ينحسر الضجيج، وأبقاء ثلاث منها او ربعة، سيكون كافيا لتوجيه المشاهد وامتاعه، اما الابقاء على هذا الصخب، فهو لامحال سيوجع راس العراقي ويخرب ذائقته ويبعثر تركيزه.
ولاضير في أبقاء العراقية والشرقية والبغدادية والسومرية، على أن تتحول الفرات الى فضائية توجيه دينيي حصرا، واما البقية فما أظنها باقية، وهي أن غابت لاتعد وان حضرت لاتفتقد. مع ملاحظة ان العراقية كان يجب ان تكون اكثر رصانة، وافضل تقنية واجود مادة مقارنة بامكانيات الفضائيات التي ذكرت، ذلك ان دولة تدعمها وسياسيون يكسبون ودها.


ولعلنا في هذا الحل، نوجه طاقات كوادرنا الاعلامية لما يجمع لا لما يشتت، ولكي يكون حالنا في الاعلام افضل من حالنا في السياسة على اقل تقدير، ولكي نلغي حالة الانفصام بين الاعلام وواقع العراقيين في انحاء المعمورة العراقية، فما لبثت فضائيات تنتخب الاخبار على ذائقتها وتهمل ماعداه، واخرى تركز على طائفة دون الاخرى وتتبنى العنف كالزوراء.

قَناةٌ الجَزيرَةِ العِراقيّةِ
ولابد مما ليس منه بد في ( جزيرة )، فنحن بحاجة الى (جزيرة ) عراقية تسحب الاهتمام الجمعي العراقي نحوها، ونحوها حسب، حتى تصقل الوعي الجمعي صقل السيف للنار، عن طريق نقل الخبر كما يحدث، لا كما يصاغ.


وحديثي مع النخب المثقفة، ارشدني الى القول ان الشرقية والبغدادية مرشحتان لنيل قصب السبق وممارسة هذا الدور الاستثنائي بعد امتلاك الادوات والتقنيات الاكثر تطورءا واداء.
ولست في شك، ان كثيرين ممن يتابعون التلفاز العراقي، سيفرحون لكلامي، وماأقل الذين سيحزنون، وربما يشتمون، وهؤلاء مالبثوا يمقتون الحقيقة، لكنهم سيشكروني بعد حين.


لِماذا هذا الأخْتِيار
واختاري لتلك القنوات ليس عن سبق اصرار، لكني هنا اعيد قولي، انه راي نخبة أو قل عينة، لم انتخبها متعمدا بل اختارتها الصدفة عن طريق من وقع عليه الاختيار عبر بريدي الالكتروني.
وحيث ان استنتاجي هذا لايرقى الى الاستفتاء العلمي، لكن لك ان تسميه، جس لنبض، او استقصاء حذر لحالة. ولعلي بعد حين ساجهر باستفتائي الميداني كاملا على الملأ.


أِسقاط المشْروعِ الفِئَويّ
أن حاجة العراق لفضائية لاتتلون بلون الطائفة ولاترفع علمها، هو الذي جعل الاختيار يقع على قناة دون اخرى. ولست بصدد الانتقاص من هذه او تلك. لكني احفز العقل الجمعي لان يبتكر العمل الوطني الجمعي ويسقط المشروع الفئوي، فلا باس بفضائية تمثل لون طائفة ما، ولكنه ليس بحل لعراق يضم عشرات الطوائف والاثنيات.


وما أجدر بأمرأ فتح دكان فضائيته على امل ان يتلقى دعم هذا وذاك، ان يغلقها لانه خاسر حتى في تجارته.
واجدر بأمرأ فتح ابواب فضايته للدجالين والسياسيين الاميين ان يغلقها لانه ان لم يفعل ذلك، فسيفعلها الزمن القادم وسيكون اول الخاسرين.
ومااجدر بأمرا جعل من فضائيته مقهى أو غرفة بالتولك، للعاطلين وهواة الدردشة، ان يغلقها لان التجارة في الكلام لاتجلب ربحا.
واخيرا.. دعوة صادقة لان يكون التلفاز وسيلة لعرض ماهو حقيقي وصحيح، عدا ما توحي به افلام الكارتون طبعا


عدنان أبو زيد
[email protected]