امريكا وايران ودول الخليج.. ملامح حرب ثالثة..(2من3 )

الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة

إذن، لا تخلو دولة خليجية من القوات الأمريكية وهذا هو مبعث الخوف عند الجانب الإيراني، إذ ينتشر في دول الخليج الست مجتمعاً نحو 40 الف عسكري أمريكي عدا القوات الأمريكية المتواجدة على الأراضي التركية والمتمركزة بشكل خاص في قاعدة (انجرليك) الجوية في جنوب تركيا بالقرب من الحدود التركية السورية والتركية العراقية.
فحسب تقرير التوازن العسكري 2005 ndash; 2006 الصادر عن المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية IISS، يوجد في الكويت نحو 25 الف عسكري أمريكي من فروع الأسلحة الأربعة ( الجيش والقوات البرية وسلاح الجو ومشاة بحرية المارينز )، على الرغم من ان تقرير مجلة جينز الدفاعي لعام 2006 يشير إلى أن عدد الجنود الأمريكان في الخليج 18 ألف.
وهؤلاء يتوزعون على ( قاعدة علي السالم الجوية )، التي تتمركز فيها قوة جوية رئيسية، ( قاعدة عبد الله المبارك الجوية ) قرب مطار الكويت الدولي، و ( معسكر عريفجان ) الذي فيه قوة برية رئيسية، ويضم قيادة قوات التحالف البرية التي انتقلت إليه في معسكر الدوحة وجزيرة فيلكا، وميناء الأحمدي.
أما في البحرين فيتمركز نحو 3000 عسكري أمريكي ما بين قوات بحرية ومشاة بحرية وجيش، في ( قاعدة الجفيرة العسكرية ) القريبة من المنامة، والتي تضم مركز قيادة الأسطول الخامس، وميناء سلمان و( قاعدة الشيخ عيسى الجوية )، ومطار المحرق. علماً أن الأسطول الخامس يضم بالوضع العادي نحو 150 قطعة بحرية، تشمل حاملة طائرات.


وفي دولة قطر يبلغ عدد العسكريين الأمريكيين نحو 6540 عسكرياً مابين جيش وقوات بحرية وجوية ومشاة بحرية، يتوزعون على ( قاعدة العيديد الجوية ) التي تضم مركز العمليات الجوية المشتركة و( معسكر السيلية ) الذي يعد مقر القيادة الوسطى الأمريكية.
ولاشك في أن انتقال القوات الأمريكية من السعودية الى قطر، عقب الحرب على العراق، قد عزز أهمية الدوحة في الوجود العسكري الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط، كما يقول ( تقرير جينز الدفاعي ).
وفي السعودية يوجد حالياً ما بين 300 إلى 500 عسكري أمريكي فقط، يقومون بمهام التدريب. وكان عدد القوات الأمريكية المنتشرة في السعودية حتى انتهاء العمليات الرئيسية للحرب على العراق نحو 8500 عسكري.
أما دولة الإمارات العربية المتحدة، فانه يصل عدد القوات الأمريكية فيها 1300 تابعين للقوات الجوية، ويتمركز هؤلاء الجنود مع عدد من طائرات الاستطلاع الأمريكية في ( قاعدة الظفيرة الجوية ) في ابو ظبي. فضلاً عن استخدام القطع البحرية الأمريكية لميناء الفجيرة، وميناء جبل علي بدبي، الذي يعد واحد من الموانئ الكثيرة خارج الولايات المتحدة الذي تزوره السفن الأمريكية، للتزود بالوقود والمؤن واستجمام الجنود وغيرها.

بينما يصل العدد في سلطنة عمان إلى أكثر من 270 جندياً ما بين قوات بحرية وجوية يتمركزون بشكل دائم في ( قاعدة الثمريات الجوية ) و ( قاعدة مصيرة الجوية ) ومطار السيب الدولي، بهدف تنسيق النشاطات وصيانة التسهيلات. وقد يرتفع في الأزمات عديد هذه القوات، إذ تعد عُمان إحدى أهم محطات لاستقبال القوات المعدات الأمريكية.

مخاوف الدول الخليجية

إذن ثمة سابقة تاريخية في مشاركة دول الخليج في عمليات عسكرية تم شنها ضد إحدى الدول المجاورة لها. فمنذ عام 1991 شاركت كل دول الخليج، بصورة متفاوتة في العمليات العسكرية التي قامت بها الولايات المتحدة ضد العراق لاحتلالها دولة الكويت ذات السيادة الكاملة إلا أن هذا الأمر يختلف في حال إيران، لأسباب عدة أهمها سببان:
- الأول، إن جميع دول الخليج أعلنت صراحة موقفها الرافض لخيار الحسم العسكري للملف النووي الإيراني ومافتئت تشدد على تفضيلها التسوية السياسية للأزمة.
- السبب الثاني أن دول الخليج أعلنت صراحة أيضاً أنها لن تكون منطلقاً لأي عملية عسكرية تستهدف إيران لأسباب داخلية وإقليمية ودينية.
الموقف الموحد لدول الخليج إزاء هذه المسألة برفضها للخيار العسكري ينطلق من علاقتها الجيدة مع إيران إضافة الى خشيتها من أن يؤدي أي هجوم عسكري على إيران الى تعرضها لإشعاعات نووية قاتلة لقرب المفاعل النووية الإيرانية من الخليج لا من طهران وتبريز وقم ومشهد وبحر خزر (قزوين)ذات الكثافات السكانية الكبيرة إضافة الى تعرضها لهجمات انتقامية إيرانية، بحسب ما يراه بعض المراقبين، فدول الخليج تخشى أولاً من أن يقوم الإيرانيون بضرب المنشآت الحيوية، مثل المؤسسات النفطية ومحطات توليد الطاقة الكهربائية وتحلية المياه المنتشرة على الساحل العربي من الخليج، كما أنها تخشى من أن تحرك إيران الموالين لها في دول الخليج بهدف نشر الفوضى وتقويض الأمن والاستقرار، أو خشيتها من أن تثير أي مشاركة لدول الخليج في ضرب إيران أثارة غضب الأقليات الشيعية فيها، إذ ان هناك اعداد هائلة من الإيرانيين في كل من الأمارات والكويت وعمان، ويقدر نسبة الشيعة في البحرين بحوالي 65% من نفوس البلاد وهناك اكثر من مليوني شيعي سعودي في المنطقة الشرقية المتخومة بالنفط.
ومما يؤكد هذه المخاوف ما نقلته صحيفة ( صنداي تايمز ) البريطانية، في التقرير الذي نشرته في 10 يونيو الماضي، عن مسؤول ايراني قوله أن الصواريخ البالستية التي ستطلقها إيران على أهداف استراتيجية في منطقة الخليج في الساعة الأولى من الهجوم الأمريكي ( ستترافق مع دعم لجماعات موالية لإيران ).
وليس من المستبعد أن تقوم هذه الجماعات بالتحرك في أعمالها العدائية والتخريبية داخل دول الخليج وهو ما أشار اليه القنصل الإيراني الأسبق المنشق في دبي عادل السعدانية لصحيفة ( ديلي تلغراف ) الإنكليزية في الرابع من مارس، من أن إيران جندت خلايا نائمة في دول الخليج لشن هجمات ضد المصالح الغربية ونشر الفوضى في حال تعرضت لضربة عسكرية.

عـادل مـراد

* سفير العراق في رومانيا.
[email protected]