يقتّل الناس وُيذبحون.. ُيخطفون ويتعرضون للتسليب.. يهدد بعضهم وبعضهم يتوعدون.. كما ان الجوار الاقليمي يغرز كفيه ليجتث بدم بارد اوردة الشعب العراقي.. كل ذلك وغيره كان ولا يزال، كما ان المستقبل قد لا يكون في منأى عن استمرار هذا السيناريو المأساوي حينما تغيب موازين العقلانية عند بعض المكونات العراقية، كما ان جميع قوافل الضحايا من مختلف الاطراف ليست سوى قرابين من اجل صاحبة السعادة جلالة ( الوحدة الوطنية )!
وبكل تواضع اسال نفسي وغيري:
ان تلك السيدة المدعوة بـ( الوحدة الوطنية ) هل تستحق فعلا جميع هذه المشاريع الدموية؟ وهل خلق البشر من اجل العيش في مستنقعات ذات لون احمر تحت يافطة من الشعارات التي يرددها هذا السياسي او ذاك؟!
ان الهدف التي تنشده الدولة والغاية من اقامة النظام هو سعادة الانسان وليس بؤسه، ولذلك فالمشاريع السياسية الواقعية ينبغي ان تكون في هذا الاتجاه.
ان العالم في هذه المرحلة يميل الى التماسك والاتحاد فهذا شئ واقعي جدا في ظل تقاطعات مختلفة بين الاحلاف الدولية، لكن الاقدار وضعتنا في منطقة الدخان ( الشرق الاوسط ) وهي منطقة مزروعة بكم هائل من البراكين التي تنفجر بين الحين والاخر.
ان الجماعات البشرية اذا كانت لا تريد ان تعيش تحت سقف سماء وطن واحد يفترض بنا ان نبحث عن حلول وخيارات اخرى ليس مستبعدا فيها التقسيم بدل ان نجبرها على العيش بهذه الطريقة من التنافر وعدم الانسجام... حتى لو اصبحت المنطقة عبارة عن كانتونات، وحتى لو كانت تلك الرؤية متطابقة مع سيناريوهات سمعنا عنها كثيرا وحاول البعض ان يتعاطى معها انطلاقا من زاوية المؤامرة فقط، دون الاخذ بعين الاعتبار ان مستوى الخلافات والصراعات والعقد بين المكونات في المنطقة العربية وصلت الى حالة لايمكن ان تشكل نسيج متماسك لمكونات تريد العيش في بلد واحد، انها قناعة تولدت ربما من الواقع الذي نعيش فيه بعيدا عن المكابرة والقفز على الحقائق تحت ذريعة الوقوف بوجه المؤامرات.
كما ان هناك نقطة مهمة اود الاشارة اليها في هذا السياق وهي ان التحالفات الدولية قائمة على اساس المصالح، ومهما تكن البلدان صغيرة فلن يمنعها حجمها في المساحة او السكان من الدخول في التحالفات الدولية شريطة توفير مسارات تخلق ارضية مشتركة من المصالح المتبادلة بين البلدان الصغيرة والبلدان العظمى وهذا ما تفعله العديد من بلدان العالم وبلدان المنطقة العربية مثل الاردن وكذلك دول الخليج.
فيا سادتي نستحلفكم بالله ان لا تميتوا الحرث والنسل من اجل حفنة من الشعارات.. فان صلح وضع العراق تحت خيمة ما يسمى بالوحدة الوطنية فنور على نور، والا فعلى سعادة الوحدة الوطنية الف تحية وسلام.
ايها الناس عوا واعلموا ان(الوحدة الوطنية) التي لازال البعض يرسمها في مخيلته على انها فتاة جميلة قد رمت بنفسها من اعالي قمم الجبال الى بحر الخلافات والصراعات العرقية والطائفية، ومن يبحث عنها فان حاله كحال الذي يتمنى عودة ميئوس منها لضحايا تايتانيك الفقراء بعدما اصبحوا طعاما لاسماك المحيط الهادي في الطريق الى استراليا.
اتمنى ان اكون مخطئا وترجع جميع مكونات العراق تغني النشيد الوطني تحت علم واحد.
جمال الخرسان
كاتب عراقي
التعليقات