وفقا لما جاء في كتب العقيدة في تراث المذهب الشيعي، فان الائمة الاثنى عشر ابتداءا من الامام علي وانتهاءا بالامام الثاني عشر المهدي المنتظر بمعية النبي الاكرم والسيدة فاطمة الزهراء فان جميع هؤلاء يتمتعون باعلى درجات العصمة المطلقة عن الخطا او السهو، كما انهم رموز مقدسة لدى الشيعة تتشرف الارض بهم ولا يتشرفون بها، لهذا فان الامام المعصوم اينما حل في بقعة جغرافية سوف تنزل عليها بركات وخيرات السماء.

وقد توزعت مراقد الائمة على بقعة جغرافية تشمل العراق،ايران وشبه الجزيرة العربية، اما العراق فيضم مراقد ستة من الائمة الاثني عشر، فتضم النجف مرقد الامام علي وكربلاء مرقد ابنه الامام الحسين اما بغداد ففيها مرقد الامامين موسى الكاظم ومحمد الجواد، وهناك مرقد يضم قبرين اخرين للامام علي الهادي ومحمد العسكري يقع ذلك المرقد وسط مدينة سامراء ذات الاغلبية السنية.

وبعد المتغيرات السياسية التي حصلت في العراق فان هناك اطراف من العرب السنة صبوا وابل غضبهم على هذين المرقدين بغية بعثرة الاوراق بين المكونات العراقية، وبغض النظر عن تحميل المسؤولية لهذا الطرف او ذاك ما نود الاشارة اليه في هذه الوقفة هو اقتراح بعيد جدا عن نفس العاطفة ونزعتها المربكة، مفاد الاقتراح ينصح بضرورة نقل مرقد الامامين العسكريين من مدينة سامراء الى مناطق ذات اغلبية شيعية وذلك نتيجة لمتغيرات كثيرة حصلت في الحالة العراقية، فالاسباب في وجهة نظر الكاتب كثيرة لعل من اهمها:

ـ ان هذا المرقد لا يمثل قيمة عقائدية بالنسبة لاتباع المذهب السني، لابل هناك جماعات سنية متطرفة تعتبر بناء المراقد او زيارتها جزءا من دائرة الشرك مما يستدعي محاربة شعائر من هذا النوع، ولهذا وغيره فهناك من هو احق بهذا المرقد.

ـ ان المرقد يتعرض بين فترة واخرى الى اعتداءات ونهب وسلب تمثل تجاوزا على معتقدات الاخرين، وهذا امر مرفوض وفقا للقوانين الدولية التي كفلت حرية العقيدة والدين، هذا من جهة ومن جهة اخرى هناك ضرورات سياسية تستدعي ذلك اذ ان الاعتداء على المرقد يقلب الطاولة ويساهم في تصعيد العنف وهذا بحد ذاته يعتبر سببا كافيا للاهتمام بالموضوع، وغلق الباب امام من يتصيدون بالماء العكر.

ـ ان المرقد لوحده بمثابة مشروع اقتصادي ضخم جدا بالنسبة للسياحة الدينية في العراق، ففي ايران مثلا تصل عائدات السياحة الدينية الى 11 مليار دولار سنويا مع ان ايران تحتضن مرقد امام واحد من الائمة الاثني عشر، لكن ذلك المشروع وللاسف الشديد كان ولا يزال معطلا ولا يمكن استثماره اقتصاديا على الاطلاق نتيجة للظروف الامنية المتردية في العراق ونتيجة للصراع السني الشيعي هناك.

اذن فالضرورات الاقتصادية هي الاخرى تستدعي ذلك خصوصا وان السياحة الدينية من الموارد الضخمة جدا في مردوداتها المالية وفي نفس الوقت فهي ثروة لا تنفذ في يوم من الايام.

اذن فهناك معطيات تستوجب العمل في هذه الفكرة والاهتمام فيها على الاقل من حيث المبدا.

ولكن البعض قد يتساءل على هذا الصعيد انه كيف يتسنى ذلك اذا كان الفقه الشيعي يحرم نبش القبور؟

وهذا التساءل المشروع تكفلت في الاجابة عليه العديد من التجارب السابقة، وبتاييد من قبل العديد المرجعيات الشيعية، فالقصة معروفة لقبر يعود لاحد علماء الشيعة الكبار ذلك القبر الذي يقع في توابع مرقد الامام الثامن للشيعة في مدينة مشهد الايرانية حيث واجه الايرانيون اشكالية من هذا النوع، حينما ارادوا توسيع الروضة الرضوية وكان ذلك يتطلب نقل هذا القبر الى مكان اخر ولو بشكل مؤقت، وبعد اخذ ورد تدخلت التكنلوجيا لتنقذ الموقف بالتنسيق مع اهل الفتيا، فتم ترتيب حفارات ورافعة من نوع خاص تم عبرها رفع القبر مع مساحة من التربة التي تحيط به وبهذه الطريقة يتم التغلب على هذا المشكلة.

اذن يا سادتي متى يتم نقل المرقد؟ ومتى نقطع الطريق على حواضن التخريب؟ ومتى ينتقل المرقد الى حيث النفوس التي تتلهف اليه؟

خصوصا وان بعض المحافظات العراقية في وسط العراق وجنوبه بامس الحاجة الى مشاريع من هذا النوع، او حتى ربما يتم تاسيس مدينة جديدة على الطراز المعاصر خاصة بالمرقد الشريف والمساحات كبيرة جدا في العراق.

جمال الخرسان

كاتب عراقي

[email protected]