هكذا سيستمر مسلسل عذابات وهموم أبناء العراق، حيث يخرجون من نفق ويدخلون في نفق آخر، إنهم يعدون من اللاجئين اليوم، لاجئون في داخل وطنهم وخارجه، بسبب إفرازات الإحتلال الأجنبي وتصاعد العنف الطائفي والفوضى وفقدان الأمن والتدخل الدولي والإقليمي في الشأن العراقي، وإنتشار الجيوش المتعددة والميليشيات المسلحة والعصابات الإجرامية والزمر الإرهابية.


وبعد كل هذا التهجير القسري في داخل العراق، وهروب الآلاف من العراقيين لدول الجوار وغيرها، وأخيرا تحرك الضميرالإنساني من خلال مؤتمر جنيف الذي شارك فيه مسؤولون حكوميون وعاملون في منظمات إنسانية والذي ضم 60 دولة لمعالجة محنة العراقيين اللاجئين، وخاصة المتواجد منهم في دول الجوار العراقي.


إنهم إجتمعوا وتبادلوا الأفكار والآراء والمقترحات ووضعوا الحلول المناسبة، ولكنهم أكدوا بالوقت نفس، بأن هذه القضية تحتاج لفترة من الزمن، لكي يتم تقديم المساعدات للاجئين العراقيين من خلال دعم الدول التي يتواجد فيها العدد الأكبر من العراقيين مثل سورية والإردن.


ولكنهم لم يتوقفوا عند الأسباب الحقيقية، التي دعت بنات وأبناء العراق للهجرة القسرية في داخل وطنهم واللجوء خارجه، والتي تجاوزت حتى مبادئ حقوق الإنسان وحق المواطنة والحريات العامة للناس، كان على المجتمعين بحث ودراسة الأسباب والظروف التي أدت الى ذلك أولا، قبل التعامل مع النتائج المعروفة للجميع، لأن ظاهرتا اللجوء والهجرة سيستمران دون معالجة أسبابهما الحقيقية.


لأن العراقيين لا يريدون ترك وطنهم وأهلهم، بل أن جحيم الحياة هناك جعلهم يفضلون الهجرة على البقاء، بسبب الفوضى الشاملة في كل مرافق الحياة، وعدم قدرة الحكومة العراقية على مواجهة المصاعب الكبيرة والمشاكل الكثيرة، التي نتجت بعد إنهيار الدكتاتورية، وتفكيك الدولة العراقية وغياب القرار العراقي المستقل بسبب الإحتلال الأجنبي، والذي لازال بيده أغلب الملفات المهمة والحساسة ومنها الإقتصادية والنفطية والأمنية والعسكرية.


بعد كل هذا تحول العراق الى ساحة للصراعات الدولية والإقليمية، وتصفية الحسابات الداخلية والخارجية، وتزايد النزاعات الطائفية، وشكل بؤرة مناسبة للإرهاب الدولي، بحيث أصبح مركز دولي لتجمع زمر الإرهاب والجريمة، بسبب تعدد السلطات المحلية والأجنبية وكثرة أصحاب القرار وضعف السلطة المركزية المستقلة الواحدة.


كان على مؤتمر جنيف والذي ضم 60 دولة وهذا يعتبر تجمعا دوليا كبيرا، أن يعالج القضية من جذورها وأن يضع النقاط على الحروف، من خلال إدانته للإرهاب وكل أعمال العنف والجريمة، وتعزيز الدورالدولي لتقديم المساعدات العاجلة والمباشرة للعراق والعراقيين، وفضح كل من يتدخل بالشؤون العراقية من دول الجوار وغيرها، وأن لا تتحول قضية العراق المتداخلة والمتشعبة الى قضية لاجئين فقط.


بل أن القضية العراقية ينبغي أن لا تختصر بهذا الشكل كما يريدها البعض، لأنها قضية تتعلق بحاضر ومستقبل ومصير شعب وكيان وطن.

حمزة الشمخي
[email protected]