تثبتُ إيلاف عاماً بعد عام، إنها مساحة إعلامية مميزة، تتفرد بالكلمة الجريئة والطرح الواقعي والعمق الثقافي، وتتبنى في الوقت نفسه لغة عصرية تداولية تتفهم جيداً اشتراطات الحياة المعاصرة والواقعية، ولغة تتجاذب وتتمازج مع الآخر وفقاً لمعطيات القيم الإنسانية الرحبة والجميلة، ولذلك فأني أجد أن تكريم الأستاذ عثمان العمير في دبي ونيله جائزة شخصية العام الإعلامية، هو تكريم لإيلاف نفسها وتكريم لمحرريها ومراسليها وكتابها وقرائها، وتكريم لكل مّن يقف خلف هذا الانجاز والنجاح الإعلامي المميز..

ولم تصل إيلاف إلى مستوى هذا التكريم الذي تمثل في ناشرها إلا من خلال صناعتها الخلاقة للمساحات الفكرية والثقافية الحرة والمسؤولة وإيمانها بالتعددية الفكرية سبيلا للخروج من شرنقة الطرح الأحادي، والتأكيد بأن تبقى كل تلك المساحات فيها حرة وخلاقة وصانعة للأفكار والثقافات الإنسانية الفاعلة، ومفعمة بزخم التحقيقات الجريئة والحوارات المختلفة الثرية، وأن تبقى مفتوحة على القاريء تمنحه هامشاً كبيراً من الاستمتاع بحرية الكلمة والرأي والتعبير، ولذلك ليس غريباً أن تصبح إيلاف الرئة الإعلامية الإلكترونية المحببة للكثير من الكتّاب والناشرين وأن تكون في الوقت نفسه المساحة الإلكترونية الأكثر استقطاباً لشرائح مختلفة ومتنوعة وشاسعة من القراء الأعزاء..

ويقيني أن المتابع العربي للإعلام بصورة عامة أصبح يبحث عن مساحة إعلامية جادة ومتنوعة، ثرية المحتوى ورفيعة المستوى في الطرح الثقافي الكوني، تعكس بالضرورة طموحاته الثقافية وتُفعم توجهاته الإنسانية بالفكر الخلاق، وتشبع فيه رغبة المتابعة والاطلاع والمعرفة، وكل ذلك استطاعت إيلاف أن تمنحه للمتابع والقاريء والكاتب والمحرر وغيرهم على حد سواء..

شخصياً، أجد أن تكريم الأستاذ عثمان العمير، يجب أن يكون منطلقاً وحافزاً لإيلاف الحرة الخلاقة أن تكون كما هي رافداً إعلامياً يضع الإنسان أمام مسئولياته الثقافية والإجتماعية والسياسية، ويقيني أن إيلاف كانت ولم تزل صوتاً إنسانياً حراً ومسئولاً، وليست سوقاً إعلامية لترويج الأفكار والثقافات المريضة بفكر الإرهاب الديني وبفكر المشاريع القومية الفاشلة كما هي حال بعض الأجهزة الإعلامية الأخرى التي تحولت إلى مستوطنات ( نضالية )، هدفها فقط التسويق والترويج لثقافة الكراهية وثقافة الحروب على حد تعبير الأستاذ مأمون فندي..

محمود كرم

كاتب كويتي

[email protected]