العملية الإنتحارية التي استهدفت ثكنة عسكرية في الجزائر وخلفت عشرات القتلى والجرحى اختار لها منفذوها اليوم (الحادي عشر) ؛ مثلما اختاروا يوم (الحادي عشر من مارس آذار) من هذا العام لاستهداف قصر الحكومة الجزائرية ومقر الأمن في باب الزوار ؛ فيما يبدو أن هذا الرقم يتبرك به هواة القاعدة في الجزائر تيمّنا بتفجيرات ( الحادي عشر من سبتمبر2001) التي نفذها المحترفون في نيويورك وواشنطن!.

هذه العملية التي نفذها شاب لا يتجاوز العشرين من عمره والتي استهدفت شبابا كانوا يؤدون الخدمة العسكرية الوطنية تدل على أن العنف الذي بدأ في أوائل التسعينات في الجزائر ؛ عاد بقوة وبتكتيكات جديدة وأهداف أبعد!

فالعمليات الانتحارية باتت تكتيكا جديدا يتبناه ما يسمى بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ؛ أما الهدف فأصبح واضحا: كل ما يرمز إلى الدولة الجزائرية من قصر الحكومة إلى الثكنات العسكرية إلى مقرات القضاء ؛ فقبل أسبوع استهدف تفجير انتحاري موكب والي ( محافظ) ولاية تيزي وزو الذي نجا من الكمين بأعجوبة؛ وفي 16 من مايو انفجرت قنبلة تقليدية أمام محكمة في مدينة قسنطينة وقتلت شخصا؛ وفي السادس من هذا الشهر انفجرت قنبلة تقليدية مستهدفة محكمة في مدينة تيزي وزو.

منفّذ تفجير الثكنة ؛تقول المصادر الأمنية إنه عاد لتوه من العراق حيث تدرب على صنع المتفجرات رفقة خلية تضم أربعة آخرين؛ وتمكن من نقل طن من المتفجرات في شاحنة تحمل مياها معدنية !! إلى هنا فكل أركان العملية متوفرة ليبقى المنبر الإعلامي.

الإرهابيون لا يولون ذلك الأهمية البالغة في تحضيراتهم ما دامت هناك فضائية مستعدة لنشر بياناتهم وتنتظر بتلهف وصول شريط الفيديو الذي يُظهر أشلاء أجساد ممزقة لشباب جزائريين أغلبهم كانوا سيُنهون الخدمة العسكرية الأسبوع المقبل ليعودوا إلى أهاليهم!ndash;حسب شهادة صاحب مقهى أمام الثكنة

تفجيرات ( الحادي عشر) سواء استهدفت الجزائر أو غلاسغو أو لندن تبيّن أن الإرهاب لا يفرق بين المدن ولابين الديانات والحضارات ولا يميّز بين الملاهي الليلية ولا الثكنات العسكرية في الجزائر ولا المساجد السنية والشيعية في العراق.

ومن ضحك ورقص لهجمات الحادي عشر من أيلول فإنه حتما سيرقص لأخواتها في الحادي عشر من مارس ويوليو؛ كما أن الذين يُبررون هذه العمليات السّادية ويروجون لها سيحتفلون قريبا بيوم عرس سوف لن يرض العريس إلا أن يكون في اليوم (الحادي عشر) ليُزف إلى حرائر العين ! العرس هذه المرة سيكون في عقر دارهم وعلى أبواب مكاتبهم التي تنطلق منها سموم الإرهاب.

أختلف مع سياسة الحكومة الجزائرية جملة وتفصيلا؛ وأعلم أن الفساد منتشر في أجهزتها حتى النخاع؛ وأن الشباب الجزائري هو الذي يدفع ثمن البؤس والفقر والحرمان؛ ولكن ذلك لا يُبرر لي حتى أن أشتم مسؤول في أجهزة الدولة فكيف بتصفيته جسديا؟

الإرهاب يأكل دولنا ؛ يمزق فلذات كبدنا ؛ يُسوّد صورة ديننا وحضارتنا وقيمنا؛ ونحن نرقص على أشلائه.


سليمان بوصوفه