لاأعرف ان كان قد سبقني أحد من قبل في تناول هذا الموضوع أم لا، فالأمر يتعلق بمغالطات واضحة يرددها الناس على الدوام بشأن نقاء وطهر وطيبة قلوب المحبين، وتكرار هذه المقولات: ان من يعرف الحب لايعرف الكراهية، وان القلوب العامرة بالحب لاتحقد ابداً... الى أخر القائمة الطويلة من الكلمات الانشائية التي يكذبها تاريخ الحب، ووقائع الحياة، وطبيعة النفس البشرية.

فتاريخياً يكشف لنا سجل الطغاة الكبار في العالم من امثال: هتلر ونابليون وصدام حسين، وقبلهم ملوك وامراء واباطرة مروا عبر التاريخ.. ان هؤلاء المجرمين قد أحبوا، وعاشوا مشاعر الحب الكبيرة التي يتغنى بها الشعراء والرومانسيين... ومع ذلك فأن قلوبهم التي عرفت الحب قد عرفت في نفس الوقت ايضا الكراهية والاجرام والقتل!


وفي الواقع توجد الكثير من قصص الخيانة الزوجية، كأن يكون رجل يخون زوجته ويسعى الى تدمير حياة أسرية لرجل أخر بسبب حبه لإمراة حباً غير مشروع، وأمراة تخون زوجها وتسعى الى تخريب كيان أسرة وحياة أمراة اخرى بسبب حبها لرجل حباً غير مشروع، وهذا السلوك الذي يصنف كسلوك منحرف شرير يصدر عن قلوب عاشت تجارب الحب.

ومن ناحية سايكولوجية فلاوجود لبشر لايشعرون بالكراهية والحقد ويصدر عنه أفعال شريرة بنسب متفاوتة مهما كان مستواهم الاخلاقي والثقافي راقياً، ويصنفون أنهم أناس أفاضل انقياء طيبون... ولكن مع هذا فأنهم يخضعون لطبيعة النقس البشرية ويشعرون بالكراهية والحقد ويرتكبون افعالاً شريرة.

على مدى تاريخ البشرية تعرض الحب الى التشويه والتزييف على يد الادباء والمفكرين والعشاق... ففي موضوع الحب تندلع الحماسة الرومانسية ويصبح للكلمات الانشائية الطنانة سطوة وسحر على المحب، فيندفع في اضفاء الاوصاف المثالية والمبالغات الانشائية على مشاعر المحبين وشخصيتهما.

وعليه فأن قلوب العشاق ليست طاهرة ونقية وطيبة، وانما هي قلوب عادية جدا تشعر ايضا بالكراهية والحقد وتمارس أفعال الشر والاجرام.

خضير طاهر

[email protected]