للمرة الثانية يلتقي وفد من الولايات المتحدة الأمريكية مع وفد من جمهورية إيران الإسلامية في العاصمة العراقية بغداد للتباحث والتشاور في قضاياهما العصية والمعقدة والعالقة منذ الأيام الإولى لقيام الجمهورية الإسلامية في إيران في شباط 1979والى يومنا هذا.

ومن الغريب بالأمر، كأن أرض الله الواسعة، قد ضاقت بهاتين الدولتين ولا تجدا مكانا آخرا غير العراق الملتهب لحل مشاكلهما وتسوية صراعاتهما التي تجاوزت حدود بلديهما، إنها حقا لمفارقة أن تلتقي أمريكا وإيران في وسط الجحيم في بغداد، وهما من الأطراف الأساسية التي تدخلت وتتدخل بالشأن العراقي بشكل مباشر وغير مباشر وهما جزءا لا يتجزأ في كل ماحدث ويحدث في العراق بعد التاسع من نيسان عام 2003 وهذا معروف للجميع.

هل أن العراق اليوم بتصور أمريكا وإيران يعتبر من الدول المستقرة والآمنة والمحايدة والمسالمة ! لكي يلتقيا في عاصمته بغداد؟، أم إنهما تناسيا بأن الوضع العراقي هو فصل من فصول خلافاتهما الكثيرة، وأن صراعهما على العراق هو ينطلق من مصالحهما الخاصة وليس حبا في العراق وشعبه؟.

وأن مثل هذه اللقاءات مهما إتخذت من القضية العراقية قناعا لها، فأنها في الحقيقة لا تساعد حتى في تخفيف حركة دوامة العنف الهمجية، التي يمر بها العراق بل إنها ستزيد الدمار دمارا، وتجعل من العراق ساحة مفتوحة لكل الصراعات الداخلية والخارجية.

ومن مصلحة العراق الآنية والمستقبلية، أن تسلم الولايات المتحدة الأمريكية كل ملفات القضية العراقية بيد العراقيين أنفسهم، بدلا من أن تتدخل حتى بمدة العطلة الصيفية لأعضاء مجلس النواب العراقي !، وأن لا تتدخل إيران عبر طرقها وقنواتها المتعددة في قضايا العراق، بما فيها مساعدة الميليشيات والمنظمات المتصارعة ودعمها وتمويلها.

فعلى ساسة العراق التي تعز عليهم مصالح الشعب وحريته ووحدة الوطن وإستقلاله، أن يكشفوا حقيقة مثل هذه المشاورات والمحادثات، لأن من المعروف بأن الدولتين أمريكا وإيران تقومان بتصفية حسابات قديمة جديدة على أرض العراق ولا مصلحة لنا فيها، إلا المزيد من العنف والفلتان والفوضى.

حمزة الشمخي

[email protected]