فنتازيا عربية
الحالة العربية الراهنة لا تسر عدواً ولا حبيباً، آسف.. انها قد تسر الاعداء سوى كانوا حقيقيين او وهميين ولكنها قطعاً لا تسر اي صديق، هذا اذا كان مازال لنا اصدقاء بعد ان ادت السياسات العرجاء الى الاكثار من صناعة الاعداء وتطفيش من كانوا اصدقاء وتحويلهم الى اعداء. هذه السياسات والاوضاع جعلت الاستاذ quot;مستعدquot; يشعر بالغيرة على مصير بني يعرب، وهو يرى العرب على مدار السنين لا ينتجون افعالاً او انجازات حقيقية وانما انتجوا الكثير من الاقوال والاشعار والامثال، ويراهم يبرزون في رص الكلام الذي لا يقابله اي نوع من العمل والانجاز. فالذين تبادلوا السيطرة على بني يعرب مارسوا عليهم كل التجارب الموجودة على سطح الارض ولكن بلا جدوى فعلية، وكم من السنين من السنين تضيع في التجربة الواحدة لكي نصل في النهاية الى فشلها ولكن من دون محاسبة لمن فرض علينا تلك التجربة، بل نتركه لكي يحاول تجربة اخرى ليضيع علينا عدداً آخر من السنين. فقد حاولوا الاشتراكية على مدار سنين عديدة، وفي النهاية وجدنا ان ما اشتركنا فيه جميعاً هو منظومة : الجهل والفقر والخوف والمرض، ذلك الجهل الذي ساد على الرغم من المؤسسات التعليمية الكثيرة التي افتتحوها و فقد كانت للدعاية اكثر مما هي للتعليم، وكانت في الكثير من الاحيان تنتج آلات بدل ان تنتج بشراً اسوياء. ثم جاءت تجارب استغلال الدين في السياسة بوعودها في اصلاح حالنا في الدنيا وفي الآخرة، لنجد انفسنا في الآخر في هذه الحالة الانفجارية التي تُرسل البعض راساً الى الجنة من دون المرور بالدنيا و وتترك الجميع لايصين في دنياهم ولا يعرفون مصير آخرتهم.
خلاصة القول ان السياسة والدين والاقتصاد تحولت كلها الى كلام في كلام، وكل واحد يقول اللي في نفسه ولكن بلا اثباتات او آليات تنفيذ بل ان كلامنا كله ليس له علاقة بواقعنا الذي نعيشه وانما مُستحرج من الامثال والحِكم والاقوال الماثورة او من النصوص الدينية، وعلى الرغم من اننا نكرره ليل نهار الا ان القليلين فقط هم من يعرفون معنى ما يقولوه او مناسبته. كل هذه الاسباب جعلت الاستاذ quot;مستعدquot; يركب الموجة ويطرح نفسه بديلاً لكل ما يحدث، اذ انه يرى ان المفاهيم والمصطلحات التي سادت لم تُحدث اي تغيير او تطور، ولم يطرأ على هذه المصطلحات اي تغيير او تحديث، لذلك هو تكفل بالعمل على احداث هذا التغيير والتجديد، وهذا ما سوف نراه في الحلقات القادمة.
( كاتب سوداني)