لمن ستعطون ظهوركم وانتم تجعلونها عارية، فتتعب أكتافكم من الأحمال، وتتعب أرواحكم من الخوف والرعب والهلع، ويتعب أطفالكم في ليل بهيم ونهار غادر؟ وتحتارون في اللجوء الى أماكن قصية لاتصلها البهائم البشرية، لن يتعب أعداؤكم ولن تمل أياديهم الملوثة بدمائكم، لن تتوقف قلوبهم الممتلئة قيحا ومخلفات، وعقولا لاتمت لبني البشر بأية صلة، كيف ستأمنون الجهات الأربعة والكل بانتظار أن يكون له قصب السبق في قتلكم، وها قد جئتكم من آخر صفحات التاريخ بعد إن خربت مدنكم ودولكم، وأخذتكم بقية الصفحات تحشركم في زوايا الجبال والكهوف التي عاشها أجدادكم، تسرقون لحظة النهار ويسرق الزمن أعماركم، وتخفون تاريخكم كله تحت أطمار التراب وفي صدور بعض منكم ما تشيب له الولدان، ويحتفظ كبار السن ما يمكن ان يضيع، فتضيع منكم حقائق كثيرة بكثرة المحنة، وتتشوه فيكم معالم الجمال والمحبة، سلسلة من المذابح التي خصكم بها الجيران والأخوة الأعداء، وأنتم تقدمون القرابين لمن لايشبع، وأنتم تقدمون الأضحيات لمن يشرب من دمها، وتستمرون في الدعاء بأن يحفظ الله كل البشر بما فيهم البهائم التي ماتوقفت عن اللهاث خلفكم وقتل الفقراء والعزل والضعفاء والأطفال منكم.
لمن تعطون ظهوركم ولم تزل آثار الحراب الغادرة، وبقايا الرصاص العثماني والفارسي والعربي منقوشة في أجسادكم؟ وكيف لكم إن تحصدوا الحنطة والشعير والزيتون وتطعموا الجياع؟
كيف يمكن ان تمضوا في طريق الحياة وانتم تحملون كل هذا التاريخ الممتلئ بالدماء والمذابح؟ كيف لكم إن تطمأنوا وحملات الغدر التي ذبحت حتى طفولتكم ، وبعثرت بيوتكم البسيطة وأتلفت حتى عدة الطبخ العتيقة، وخربت مزارعكم ومنعت أحلامكم !! فهل بعد كل هذا لكم أحلام مثل باقي خلق الله؟؟
من أين لكم كل هذا الصبر؟ وكيف تعلمتم الصمت والقدرة على إعادة ترتيب الحياة؟ من علمكم كل هذا التسامح والطيب وانتم تعيشون القناعة وشظف العيش.
يافقراء المال وأقوياء الصبر ، ياضعفاء الحال وأشداء الأيمان، كيف لم تمسحكم تلك الحملات الدموية من وجه الأرض كما فعلت مع غيركم؟ كيف لم تجعلكم تهربوا نحو حدود الصين تلوذون بأقصى الأرض تتعبدون ربكم الأعلى ( خدا ) الواحد الأحد بحراسة كونفوشيوس حيث يعالج الآم الدنيا وإمداد الروح المشرقة، ولكن ظهوركم على الأقل محمية من الغدر !!
كيف يمكن لكم إن تعتقدوا ان الله الذي تعبدون هو اله جميع الناس؟ وهو الواحد الأحد، وقتلتكم يرفعون أسم ربهم الذي لايشبه رب الأديان وليس له بصلة.
تحاكون السماء مباشرة دون وسيط، وتحل البركة في قراكم الفقيرة، وحين ينتشر الجراد بين بيوتكم تطردونه دون أذى فيرحل بعد إن يأكل زروعكم وينقل لكم الجدري، ولأنكم تؤمنون بتقمص الأرواح والحلول فلن تفنى دنياكم، ولن ينتهي مجتمعكم، وزمنكم كفيل بإثبات تلك المعادلة، فقد سطرتم من المجازر والمذابح التي لم تلفت سوى نظركم وحدكم، وهو موتكم وحدكم ولامقابر لكم مثل كل شعوب الله، ما تبقى لكم من مقابر الأجداد تلوذون به لعمل الخير واستذكار الأرواح التي لم تزل هائمة.
لم تزل توصي بأن تنشروا المحبة والخير في صلواتكم، وتغالون في محبتكم لأعدائكم وأعداء البشر، فثمة ضوابط بين الإنسان والبهيمة، وما يصلكم على الدوام تلك البهائم التي دمغت عقولها بدمغة التأريخ، فلكل حقبة تاريخية بهائمها، لم يتبق لكم من كل هذا التاريخ الطويل والعريض سوى تلك القرى النائية والبائسة والتي بقيت من مخلفات التاريخ الغابر، ولم يتبق لكم سوى تلك البيوت العتيقة المتداعية التي تميزكم، وهي القناعة التي تحل في أرواحكم.
وفي تلك القرى المنسية تلاحقكم غربان الشر وبهائم مصابة بسعار، تفوج وتتدافع حتى تصل الى أفقر أماكنكم وأكثرها حاجة لقنينة غاز أو غالون من نفط أو كيس من طحين حتى يمكن ان تشبع الفقراء ويصمت الجياع والأطفال.
كيف يمكن إن تعوزا الحقائق التي سطرت كلماتها بمداد أحمر من أجساد أهلكم، وكيف يعي الناس ما صار عليكم، بل وما سيصير، فأنتم المشاريع القادمة والأرواح المنذورة فلا تلتفتوا الى الوراء، فالحياة هي حياة الروح لاالجسد كما تقولون، ولهذا متيقنين أنكم باقون، تحلقون فوق قباب لالش وبيوت أهلكم في شنكال وشيخان وبعشيقة وبحزاني، سيان عندكم أن كنتم أو صرتم، فقوانين الالهة لايغيرها البشر، وإرادة الله لاتوقفها إرادة المخلوق.
ولأن بيوتكم خاوية فأنها سهلة التهديم على رؤوسكم، ولأنها خاوية فلعلة تركها بسرعة حتى لايضطركم القتلة أن تتحاصروا داخلها !! ولأنها مشروعا للهدم والأحتراق والتخريب فقد جعلتموها مبنية من طين.
لكنها الروح التي لاتنتهي ولاتموت وتبقى تحوم فوق أماكنكم المقدسة، ولكنها الروح التي تفارق الجسد فتلبس جسدا أخر، فكيف يمكن إن يتم القضاء عليكم، تعيدون دورة الحياة وفقا لتقمصكم أجسادا أخرى، فيتعب القتلة وحملة الخناجر والبنادق وكل البهائم المفخخة التي تريد بكم السوء، ولكن أرواحكم تبقى دون أن تسجل في الأحصاء.
يافقراء الأيزيدية كتب عليكم الموت ذبحا أو خنقا أو غدرا كما كتب على الذين قبلكم من أخوتكم.
ويافقراء الأيزيدية النار والسيوف والبنادق والبهائم كلها تتربص بكم المنون، وأنتم لاتلتفتون ورائكم !!
لاتدعوا جثث الأطفال مرمية على تراب كر عزير أو سيبا شيخ خدر، أو فوق أرض الموصل، فتلوثوا التراب وتدنسوا المنطقة.
أحملوا قتلاكم بسرعة فلم يعد الدمع نافعا لكم، كمالم يعد الأسى يليق بتلك المجاميع التي رحلت ممزقة الأشلاء، لاتحتاروا في لملمة اشلاء الضحايا، فالروح لاتعبأ بتمزيق الجسد، وثمة حرقة في الروح حين تتلمس جسدها وتغادره الى جسد آخر، معفرة بالتراب ومعمدة بالشمس ومباركة بكل الطقوس والأضرحة والسبقات.
يامن تبقى منكم لم يقتل حتى اليوم، قصائد الشعراء لاتفيد الضحايا وكتاباتنا لاتداوي الجراح ولاتعيد الأطفال الحلوين لمهاتهم ولا الرجال لزوجاتهم، والتبرعات المادية لاتشفي الغليل ولاتحجب الغل في أرواح البهائم، يامن تبقى منكم سهوا كيف يمكن لظهوركم ان تكون عارية؟؟
دعونا نحصى الضحايا ونعد المقتولين ذبحا منكم، ودعونا نكتب اسماؤهم فوق تراب شنكال أو لالش، لعل ذبحهم يتوقف، ولعل غلهم يهدأ، وأنتم تحملون سركم الأبدي في التقمص والحلول مرة أخرى.
دعوا واحدة من عيونكم مفتوحة لاتغفو فثمة مجزرة قادمة وظهوركم عارية !! وثمة بهائم بشرية لم تزل تركض خلفكم تتحين الفرص للأنقضاض في كل زمان ومكان، تنهش لحمكم احياء وتأكلهم جثثا متروكة في العراء وتشرب من دمكم.