جريمة قتل هبة العقاد وصديقتها في منطقة الشيخ زايد منذ أيام هزت مشاعر الناس، فهما طالبتان في الجامعة.. أي في بداية مشوار حياتهما..في أحلى سنوات العمر.. أقول: أنعم الله على الإنسان بشكل عام نعمة الفضول.. يريد أن يعرف ويستقصي.. أما نعمة الاتهام والإفتاء فقد حظي بهما فقط الإنسان العربي!!
لم تتم الجنازة بعد.. ولم تكتمل التحقيقات.. وكانت الاتهامات تنهمر على هبة ونادين.. كما لم ترحم الأهل؟ فنقرأ مقالا لصحفي quot;بان المنزل كان به خمور ومخدراتquot; وآخر يقول بثقة كبيرة quot;مزقت جسديهما سكين جاهلة أو منتقمة في لحظة وهى مغموسة في مخدر أو إحباط وضياع... فتاة منهما ابنة مطربة معروفة، انشغلت بحياتها الخاصة، بزيجاتها المتعددة، بسهراتها وحفلاتها الغنائية، معتقدة أنها طالما وفرت المال والسيارة لابنتها، أما الفتاة الأخرى، فوالدها يعيش في السعودية منذ ١٨ عاماً، منح ابنته المال، فاشترى لها الشقة الفاخرة، موطن الجريمة، وسيارتين، وراتباً شهرياً: فتاتان في شقة واحدة، تجمعهما مع الأصحاب السجائر المشبوهة، والسهر والأحلام الضائعةquot;.
هذه الاتهامات كانت مصوبة لهم جميعا قبل أن يقول التحقيق كلمته.. بأي حق؟ وبأي حق يحكم على أهل بأنهم هم السبب في قتل ابنتهم؟ هل لو تم قتل فتاة من طبقة أقل ثراء كنا سنحكم عليها أو على أهلها بنفس هذه الاتهامات؟ وهل إذا كان والد إحداهما يعمل بجهد في مصر كنا سنطلق الاتهامات نحوه أيضا؟ أم هي فقط ثقافة الاتهام المترسبة في عروقنا تجاه كل آخر.. وأي آخر؟
ومن الجانب الآخر ظهر لنا من يفتي إذا كان موت الفتاتين يعتبر ظلما أم لا؟ فاذا كانت الفتاة ملتزمة دينيا ومواظبة على صلاة الفجر ومواظبة على دروس الدين.. إذن هي مظلومة بقتلها ويجوز أن نترحم عليها!! حسنا.. وإذا كانت غير ملتزمة دينيا ألا يجوز أن نترحم عليها أو لا نمشي في جنازتها؟ لا ادري من أين يحصل الناس على هذه الحقوق بإصدار الاتهامات والفتاوى لتصنيف البشر بين جيد وسئ.. وبين مؤمن وكافر!
المثير للشفقة والسخرية بان المتهم اشترى السكين الذي أتم جريمته بها من احد الأشخاص الذين يبيعون هذه السكاكين لاستخدامها في ذبح الأضاحي مع اقتراب عيد الأضحى... وقد برر المتهم فعلته أن ارتكاب السرقة بهذه الأحياء الراقية يمكنه من الحصول على مبلغ كبير.. لان هذه الأحياء يسكنها أشخاص يملكون المجوهرات والمال الكثير!! سؤالي: هل سنقرأ اتهامات وفتاوي بحق المتهم كما صدرت بحق الفتاتين والأهل؟ أم سيبررون له فعلته بسبب فقره؟ كما سيبررون لأهله سوء ظروفهم المادية؟ وبناء على ذلك فهو مظلوم نوعا ما.. لذلك ستجوز عليه الرحمة!! وأود أن أشير هنا أن المتهم بكى بعد القبض عليه.. بكى لأنه الآن سيترك عائلته دون عائل!!
الإرهاب له عدة أشكال.. ولكن أجد أن إرهاب الفكر هو من أخطر الأنواع... وهو المتفشي بيننا.. مثلما تتم عملية تفجير إرهابية.. وتحل عليها نعمة البركة من أميرها..... بأن من مات في التفجير يستحق ذلك.. فهو إما مسلم غير ملتزم.. أو مسيحي.. أو يهودي!!!
الحياة صعبة وقد تكون قاسية على الجميع... لذلك جميعنا بدون استثناء بحاجة إلى العقل أكثر من الكلام.
سلوى اللوباني
التعليقات