للتناقض في وجهات النظر المختلفة لبعض القانونيين فيما يخص قذف الاحذية في وجه quot;بوشquot; اود ان أوضح ما يلي:

كقاعدة في القانون الجنائي، ان اساس المسؤولية الجنائية لاي فعل هو تحقق القصد الجنائي، اي النية الحقيقية للفاعل من فعله، وبخصوص فعل السيد منتظر الزيدي، هل كان في نيته القتل او الاهانة. من الواضح واتفاق الجميع ان الحذاء ليس اداة للقتل باي شكل الاشكال وانما يمكن ان يستخدم للضرب لغرض الاعتداء والاهانة. كما ان بوش قد انتهت ولايته كرئيس لامريكا منذ 4 /11/2008 بفوز أوباما الذي اصبح رئيسا منتخبا شرعيا لامريكا منذ ذلك اليوم. واذا علمنا بعدم امكانية وجود رئيسين لدولة واحدة في آن واحد، فان الرئيس المنتخب الجديد هو الرئيس الشرعي (اوباما)الذي يمكن التعامل معه قانونيا على جميع الاصعدة وبالتالي فان استمرار بوش لحين 20/01/2009 هو لغرض تهيئة المستلزمات المطلوبة لادارة اوباما مما لا يحق معها ان يمارس واجباته كرئيس للولايات المتحدة في اتخاذ اي قرار رئاسي. عليه فان بوش يتم التعامل معه كمواطن امريكي عادي يقوم بزيارة العراق لتوديع حلفائه واحبائه. وبناءا على ما تقدم فان التكييف القانوني لفعل السيد منتظر الزيدي كما يلي:

1-روج البعض ان المادة 223 من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 النافذ حاليا تنطبق على فعل الزيدي، وحيث ان اركان هذه المادة تتعلق بفعل القتل او الاعتداء الذي يرقى الى الشروع فيه (القتل) او استحداث عاهة مستديمة كقطع اليد او الرجل او ما شاكل ذلك، كما ان من الواضح ان الحذاء لا يمكن ان يؤدي الى تلك النتيجه (القتل او العاهة المستديمة)، وكما ان بوش قد انتهت ولايته وليس هو الرئيس الشرعي لامريكا منذ 4/11/2008، لذا فان اركان هذه المادة لا تنطبق على فعل السيد الزيدي.


2-كما حاول البعض تكييف الفعل وفق المادة 227 من قانون العقوبات المذكور. فاذا اعتبرنا quot;بوشquot; هو من يمثل الولايات المتحدة الامريكية او رئيسها المنتخب، فان فعل الزيدي لا يعدو ان يكون من الجنح البسيطة التي لاتتجاوز عقوبتها الحبس لمدة لا تتجاوز السنتين او الغرامة. اي يمكن ان يحكم بالحبس ليوم واحد او بالغرامة. وغالبا ما تكون الغرامة هي البديلة. ولا يمكن النظر امام المحاكم الجزائية في هذه الدعوى الا باذن تحريري من قبل وزير العدل. وفي هذه الحالة وغالبا لا يعطي وزير العدل الاذن التحريري الا بعد اخذ موافقة المشتكي (بوش) في الاستمرار بالشكوى. وذلك ما لم يحصل من خلال ما ابداه quot;بوشquot; في كون هذا الفعل تعبير عن الحرية والممارسة الديمقراطية.


3-وانا شخصيا ارى بان اركان المادة 415 من قانون العقوبات المذكور هي اكثر انطباقا على فعل السيد الزيدي التي تنص quot;كل من وقع منه اعتداء او ايذاء خفيف لم يترك اثرا بجسم المجنى عليه يعاقب بالحبس مدة لاتزيد على ثلاثة اشهر وبغرامة...او باحدى هاتين العقوبتينquot;. من الواضح بانه اعتداء خفيف يقصد به (القصد الجنائي) الاهانه ليس الا وهو رد فعل طبيعي لما ارتكبه بوش خلال ولايته من جرائم دولية بحق العراق وشعبه. ولا يمكن باي شكل من الاشكال اتخاذ التعقيبات القانونية بحق quot;الزيديquot; الا في حالة طلب ذلك من قبل quot;بوشquot; (المجنى عليه)، وواضح بانه تنازل عن ذلك.


4-ولو اخذنا اسوأ تكييف قانوني لفعل الزيدي فهو انطباق اركان المادة 413 وبدلالة المادتين 30/31 من قانون العقوبات المذكور، على فعله وهو شروعه بالاعتداء عمدا على quot;بوشquot; بالضرب او بالعنف لاحداث اذى في جسمه، فان العقوبة في مثل هذه الحالة هي الحبس لمدة لا تتجاوز الستة اشهر او الغرامة. وغالبا ما يحكم بالغرامة فقط. وفي هذه الحالة ايضا لا يجوز مطلقا، من تحريك الدعوى ضد منتظر الزيدي الا بناءا على شكوى من قبل quot;بوشquot;.


وتبعا لما تقدم ارى ان اعتقال السيد الزيدي غير قانوني لا سيما وان المجنى عليه (بوش) لم يحرك الدعوى ضده.
كما ان من الضروري جدا التركيز على الممارسات اللاقانونية واللاانسانية التي مورست ضد quot;الزيديquot; عند محاولة القبض عليه وانها بحد ذاتها تشكل جريمة اعتداء صارخ، تحدد جسامة هذه الجريمة تبعا للاضرار التي سيتم التأكد منها من قبل الخبراء الطبيين المختصين. واكرر على ضرورة التركيز على ذلك بالصورة من خلال الفضائيات ووسائل الاعلام المختلفة، ومطالبة الراي العام والمنظمات الانسانية التحرك لحماية السيد منتظر الزيدي، كمنظمة العفو الدولية ومنظمة مراقبة حقوق الانسان ومنظمة الصليب الاحمر. والمطالبة بمواجهة السيد الزيدي من قبل المحامين وافراد عائلته فورا.

د. طارق علي الصالح

خبير في القانون الجنائي ورئيس جمعية الحقوقيين العراقيين