في أول أيام العيد المبارك ولرابع مرة، يتم التحرش الجماعي من الشباب المراهقين وغير المراهقين بالفتيات والسيدات. والفترة الماضية، حكمت المحكمة حضورياً على المتحرش (الذكر) ـ الضحية ـ بثلاث سنوات سجن مع غرامة مالية قدرها حوالي 900 دولار. وراح المسكين في quot;شربة ميهquot; ـ كما يقول المثل الشعبي ـ ومن المفترض أن يصبح عِبرة لغيره من المتحرشين، ودرس للمتحرش بهن.
ومن أسوأ توابع هذه القضية أن الكثيرين متعاطفين مع المتحرش الذكر، لأن الأنثى المتحرش بها تحمل الجنسية الإسرائيلية بحكم أنها من عرب 48. وكأن الطبيعي أن يتحرش المتحرشين بالمتحرشات غير مؤمنات بعقيدتهم، إذاً وبِناء على ما تقدم على كل فرد أن يتحرش بما لا يراها تسير طبقاً لشريعته، شريطة أن يمارس طقوس دينه قبل التحرش؟؟؟؟؟
ياه، ما علينا من هذه الواقعة الفردية!!
فهذه حالة فردية لن تثمن ولن تشبع خيال الكُتاب ومخرجي quot;الأكشنquot; ولا تعبر عن حالة المجتمع المتردية المتحرش به ليل نهار من كافة المسئولين وغير المسئولين في كل المجالات وعلى جميع المستويات.
وصلت حالة التحرش إلى فرض العبادة على الجميع بالتخويف والترهيب تارة وتارة بالضغط واستمرارية المطالبة مرات أخرى.
bull;مَن يري كَم المتعبدين في أماكن العبادة ويتأمل كم وكيفية الطقوس التي تتم!!
bull;ومَن يشاهد كَم المظاهر الدينية التي تطغى على مصالح العمل وفي الشارع وفي التجمعات الجماهيرية!!!
bull;ادخل أي مصلحة حكومية تجد أهم شيء، وفي أكثر من مكان نظيف ومُعتنى به جانب للصلاة الجماعية، تم الصرف عليه ببذخ، وتم الاهتمام به بشدة، بينما كثير جداً من مكاتب الموظفين غاية في القذارة الجماعية.
bull;وكم تجد مدى الحرص على الوضوء والصلاة في مواعيدها تماماً، بل وقبلها وبعدها وإتمام كل الفروض الممكنة السابقة واللاحقة في وقت العمل!!!
آه يا عزيزي القارئ،
يعتريك العجب العُجاب حين ترى كل هذه المظاهر والشكليات الجماعية على كل الأصعدة في العبادة الجماعية، وبعد ذلك لابد أن تزداد عجباً إذا شعرت بكم الفساد والتحرش الجماعي الجنسي والأخلاقي.
انتشرت في السنين الأخيرة عمليات التحرش الجنسي ليل نهار بكل البنات والسيدات المحجبات وحتى المنتقبات ولم تقتصر المشكلة على غيرهن كما كان يحلو للمتشدقين والمتحذلقين والمتفلسفين أن يرجعوا كل المشكلات الأخلاقية الجنسية بالتحديد إلى عدم التحجب والتنقب والتخمر والتسود ( نسبة إلى الملابس السوداء التي لا تُظهر أي مساحة من جسد المرأة العورة). إنها مشكلة كبيرة والأكبر أن تتفشي في كل أرجاء المجتمع الذي تطغى عليه مظاهرالتدين الفردي والجماعي بكثرة.
والكارثة الأحدث في مجتمعنا والأعظم الأكبرفي التاريخ الحديث هو التحرش الجماعي بعد انتهاء شهر رمضان ـ شهر العبادة الجماعية ـ لعدة سنوات متتالية. تتواصل الكارثة وتزداد سوء من خلال التحرش بعد صيام العشرة من ذي الحجة قبل عيد الأضحى، التي فرضها الدعاة المحدثين. يتحرش الشباب والكبار بالكل، لا فرق بين مسلمة وغيرها، لا فرق بين ملتزمة في سيرها أوغيرها.
بعد انتهاء الشهر المعظم وكرم الصيام لمدة ثلاثين يوماً، يخرج الشباب في مجموعات ـ أي نعم كما هو مسجل في عدسات كاميرات الهواة ـ للمعاكسة والتحرش بالفتيات؟
وتسمع، يا حسرتها، عن حفلات التحرش الجماعية في الشوارع العمومية!!!
كيف يصدق العقل هذا؟
يا للمصيبة العظمى، كيف يكون هذا؟
بعد آلاف الساعات من الوعظ الديني في عشرات القنوات التليفزيونية والإذاعات المختلفة، وبعد مئات الساعات من صلاة التراويح، وعشرات الليالي من الإعتكاف والعبادة، وبعد مئات المرات من الصلاة والوضوء وقراءة الكتب المقدسة، وبعد ملايين المقالات الدينية وخطب الوعاظ وتعاليم الدعاة القدامى والمحدثين، كيف يتم التحرش الجنسي الجماعي بعد كل هذه العبادات الدينية وممارسة الطقوس والشكليات وفرض الحجاب على البنات والعجائز؟
ليست المشكلة الآن في التحرش الدائم والمتواصل على مدار العام، لكن المشكلة الأعظم هي التحرش الجماعي بعد العبادات الجماعية والعظات وممارسة الطقوس.
كيف لم تؤثر هذه العبادات على أخلاق المتحرشين وسلوكيات بعض المتحرش بهن؟
بعد فرض العبادات وممارسة مظاهر التدين، كيف يمكن لتطبيق شريعة أي دين أن تمنع هذه الظاهرة؟
بعد التطبيق العملي الجماعي للعبادات، هل تصلح شعارات جوفاء مثل الدين هو الحل أن يقود جماعات راديكالية لقيادة المجتمع؟
ما هو الحل؟
bull;هل تصلح شعارات: الدين ـ أي دين ـ هو الحل؟
bull;ماذا يقدم الدين من جديد ليغير القلوب والعقول، حتى لا يفعل الإنسان عكس ما يمارس من طقوس وعبادات؟
هناك مئات الملايين من الدولارات يتم صرفها على البرامج الدينية والجرائد الدينية والإعلاميين الدينيين. ناهيك عن تزايد ثروات بعض الدعاة الجدد وكثرة عدد برامج الفتاوى الدينية، كل هذا غير برامج ومقالات الصراع بين الأديان المختلفة. وهذا غير المليارات التي تُصرف على التعليم الديني!!!!!
لو تحولت مليارات الدولارات هذه التي تُصرف على الدعوة والوعظ والتعليم الديني إلى توظيف وعمل للشباب لإنتهى الإحباط وأنتهت ظاهرة التحرش الجنسي الجماعي بعد ممارسة العبادة والطقوس الدينية.
أيمن رمزي نخلة
[email protected]
التعليقات