لشخصية إبراهيم الخليل شهرة دينية عريضة ربما لاتدانيها شخصية أخرى فإضافة إلى اليهود الذين يعدوه جدهم قدسه المسيحيون والمسلمون و عدوه الأصل الأول لديانتهم ورغم إننا نمتلك روايات ونصوص دينية كثيرة حول هذه الشخصية إلا إننا نفتقر للأسف لأي دليل مادي تاريخي يتناول شخصيته بل على العكس هناك غموض كبير حول الكثير من القضايا الخاصة بهذه الشخصية أهمها الديانة التي تبنتها هذه الشخصية والتي يفترض إن يكون لها علاقة بموروث المنطقة انطلاقا من المنظور الديالكتيكي للديانة لكن الملاحظ إن العناصر الأساسية للديانة الإبراهيمية وتفرعاتها ليست لها علاقة بموروث المنطقة أو ارثها الديني ما يجعلنا نرجح قدوم هذه العناصر من مكان أخر فمن أين أتت هذه الديانة؟
(1)نحن نعلم إن حضارة بلاد وادي الرافدين هي حضارة مغلقة دينيا بدليل عدم حصول أي تغيير رئيسي في هذه الديانة على مدى عمرها الطويل فيما لم يؤمن العراقيون القدماء بحسب نصوصهم بمفهوم الحساب الأخروي (الجنة والنار ) ولم يعرفوا التوحيد بالشكل الذي عرفه أصحاب الديانات التوحيدية الأمر الذي ينفي أي صلة مهمة قد تربط ديانتهم بجوهر هذه الديانة الجديدة إما مصر الفرعونية فأمرها أكثر تعقيدا بالنظر لإيمانهم بحياة جسدية بعد الموت دون وجود واضح للحساب والعقاب (الجنة والنار). المكان الوحيد الذي يظهر فيه هذا المفهوم وبهذا الشكل الواضح ينتمي إلى بيئة وحضارة مختلفة فأول ظهور لهذا المفهوم بحسب علمنا كان في الهند حيث تطرح لنا النصوص الهندية وبالأخص (الفيدا ) إن للهند كتاب مقدس وتعاليم يطلق عليها (الشيترا) ومزامير على غرار المزامير اليهودية وبالتالي ليس ببعيد إن تكون الهند هي المكان الذي نزحت منه أصول تلك المفاهيم الدينية مثلما أخذت أيضا بعض الأصول التي ارتبطت بديانتها وموروثها سواء في وقت سابق أو لاحق. لكن متى حصل هذا؟
(2)يبدو إن المرحلة المهمة في هذا الانتقال قد واكب التحرك الهندو أوربي نحو الشرق الأوسط ومن المحتمل إن وصول هذه القصة والمفاهيم الدينية الأخرى قد ارتبط بدخول الكشيين (من الأقوام الهندواوربية )إلى بلاد وادي الرافدين وابلغ دليل على ما تنقله التوراة عن الذين بنو مدينة بابل هم أناس قدموا من الشرق ( كانت الأرض لغة واحدة وكلمات واحدة وفي ارتحالهم من الشرق وجدوا سهلا في ارض شنعار وسكنوا هناك وقال بعضهم لبعض هام نصنع لبنا ونشويه شيا وقد كان لهم اللبن مكان الحجر والحمر مكان الطين وقالوا هلم نبني لأنفسنا مدينة وبرجا رأسه في السماء ولنجعل لأنفسنا اسما حتى لانتبدد على وجه الأرض ونزل يهوه لينظر المدينة والبرج الذين كان بنو ادم يبنونها وقال يهوه هوذا شعب واحد ولسان واحد لجميعهم وهذا ابتدائهم بالعمل والآن لايمتنع عليهم كل ما يبنون هلم ننزل ونبلبل هناك لسانهم حتى لايسمع بعضهم لسان بعض فبددهم يهوه من هناك على وجه الأرض فكفوا عن بنيان المدينة لذلك دعي اسمها بابل لان يهوه بلبل لسان كل الارضين هناك بددهم يهوه على وجه الأرض / سفر التكوين 11 : 1- 9) وإذا صدقنا بدلالة هذه الرواية فقد يكون المقصود بهؤلاء السومريون الذين أسسوا أول تباشير الحضارة الإنسانية إلا أننا نعلم أن السومريون لم يبتعدوا كثيرا عن منطقة الاهوار ولم يحسم بشكل قاطع المكان الذي جاءوا منه مع وجود مؤشرات قوية على احتمال كونهم من سكان العراق الأصليين الأمر الذي يضعف كثيرا من هذا الاحتمال لم يبقى لنا إلا أن نعتبر الكشيين هم المقصودين بذلك وان المدينة التي بنوها هي مدينة كوريكالزو (تعرف بقاياها بعكركوف ) التي حاولوا جعلها عاصمة بديلة عن بابل فيما مثلت زقورتها الفريدة البرج الذي أشار أليه النص علما أن هذا البرج ما زال يمثل ابرز شاخص اثري في هذه المنطقة من العراق وبالنظر إلى بدائية هذه الأقوام وقلتهم آنذاك فقد اعتنق غالبيتهم الدين العراقي ولم تبقى إلى طائفة صغيرة ربما انظم أليها كثير من العراقيين الآخرين من المرجح أنها تعرضت إلى ضغوط كبيرة ما دفعها إلى ترك البلاد في هجرة صغيرةالى فلسطين إما لماذا هذا المكان بالذات؟ ليس لدينا جواب حاسم ربما لابتعاد المنطقة عن النفوذ البابلي وتأثيراته أو لابتعادها عن منطقة الصراع التي كانت تشمل أعالي وادي الفرات أو بلاد الشام ومن الطبيعي إن ينظم لهذا الدين بعض الإتباع واغلبهم من الساميين (من سكان الجزيرة العربية) ما جعل الصبغة السكانية العامة سامية لا من أصحاب الديانة الأصليين وفي هذا المكان ربما تبلور نسق الدين اليهودي المعروف حاليا حيث يرجح أن تكون هوية الدين اليهودي الأخيرة وليس أصله تعود إلى جماعة ثائرة أرادت جمع أديان العالم في دين واحد وأنهم لذلك جمعوا قصصا من أقطار شتى كدليل على توجههم الإنساني وربما أرادوا عد هؤلاء الأبطال الذين يعودون لشعوب شتى كإبراهيم وموسى وداود ونوح...الخ امتداد لهم.
(3)إما الإحداث التي ضمتها مسيرة هذه الديانة فيمكن تقسيمها إلى ثلاث أنواع قسم يرتبط بالنواة الاولى لهذه الديانة واهم الأساطير القائمة عليها وهذا القسم ينتمي على الأرجح إلى موروث الهند القديم وقسم له علاقة بموروث المنطقة وتراثها الأسطوري ربما شكل الجزء الأكبر من تقاليد وقيم الجماعة وفي هذا يحتمل أن تكون شخصية إبراهيم الخليل التاريخية إحدى الشخصيات المعروفة في المنطقة ( أشار الباحث في التوراة فيلبي إلى أن إبراهيم هو بحسب إحدى النصوص الاكدية ملك من جنوب العراق أقصته حركة انقلابية ويدعم رأيه بان معنى اسم هذا الملك المسمى يثع أيل هو خليل الله ما يشير ربما إلى انه يمثل النموذج العراقي لشخصية إبراهيم الخليل. نقلا عن سيد القمني في النبي إبراهيم والتاريخ المجهول.ص 38 كما أن اسمه لم يكن مجهولا آنذاك بدليل العثور على صيغ شبيهة من قبيل ابام رام أو اباراما.نفس المصدر السابق ) ثم جرى دمجها مع قصة بطل الهجرة المشار أليها أعلاه انطلاقا من هجرتها الحقيقية من أور البابلية الكشية مرورا بالمناطق التي حاولوا استيطانها وفشلوا لوجود روابط بين هذه المناطق وبابل وصولا إلى فلسطين الخاضعة جزئيا للنفوذ المصري والبعيدة عن النفوذ البابلي قبل أن يتم دمجها بشخصية راما الأسطورية فيما بعد.
(4 ) فيما يتعلق بالقسم الأول يمكننا القول انه يعود إلى أصول هندية انطلاقا من طبيعة الديانة التي قيل أن إبراهيم بشر بها والتي قلنا أنها تضم عناصر غريبة على موروث المنطقة ك مفهوم الحساب الأخروي (الجنة والنار) والعبادة التوحيدية حيث يعبد الهنود دينا يرأسه اله بثلاث شخصيات quot;فشنو وشيفا وبراهماquot; وتحت هذا الإله المثلث توجد قوتا الإتباع الإلهة الأقل شانا ( الملائكة في الديانات الإبراهيمية) والشياطين إتباع رافانا إبليس وأعوانه في الديانات الإبراهيمية ومن المحتمل إن انتقلت قصة الرامايانا بشكلها القديم بما لها من شهرة طاغية مع الأقوام المهاجرة لتصل إلى العراق حيث بقيت محور الديانة الوافدة على أننا سنواجه مشكلة كبرى تتعلق بوجود مفهوم العبادة الثلاثية في حضارة وادي الرافدين من خلال الانوناكي الثلاث( انو،انليل،أيا) هذه العبادة ربما هي التي أثرت في ديانة الجماعة وليس الديانة الوافدة من الهند وربما انتقلت الديانة على العكس من ذلك من العراق إلى الهند وليس العكس وهذا الأمر محتمل جدا لكن لابد أن نشير إلى أن هذا الأمر ربما حصل بحالتين مرة بهجرة جذور الديانة من العراق إلى الهند انطلاقا من قدم حضارة وادي الرافدين وتأثيرها الكبير بحضارة الهند الأولى في هارابا و موهينجيدارو (. هناك أدلة كبيرة على أن حضارة وادي الاندوس ( هرابا و مونجيداروا ) الهندوسية قد استفادت كثيرا من التبادل التجاري مع حضارات الغرب في إيران وبلاد الرافدين ولعل الكثير من المظاهر الحضارية قد انتقلت أليها من هذه البلدان وخير دليل على ذلك العثور على قطع أثرية عليها أشكال لم تكن معروفة في وادي الاندوس وهي من نتاج الحضارات المجاورة. انظر : مونجيدارو(الباكستان ).مجلة التراث والحضارة في بغداد. ص 110- 117 ) ومرة بعكس ذلك أي بمجيء ديانة ذات روح هندية وان كانت من جذور لها علاقة بالمنطقة وتأكيد هذا الرأي في وجود مفهوم الحساب الأخروي ضمن ثنايا هذه الديانة الأمر الذي لاوجود له في ديانات المنطقة ويبدوا أن لهذه العلاقة أثرها الكبير في انتشار هذه الديانة التي ربما استوت بوجهين الأول بقي في العراق وربما تمثله الديانة الصابئية المعروفة بكتابها المقدس (كنز الرب ) وبعبادتها التي تتشابه كثيرا مع الديانات التوحيدية بالرغم من وجود تقديس للكواكب ضمن أصل عبادتها كما أنها تعرف شخصية إبراهيم الخليل وتنسبها أليها والوجه الأخر الديانة التي استوت أخيرا بالشكل اليهودي ولهذا يمكننا تفسير الاختلافات الكبيرة بين نمط الديانة الرافدينية القديمة والديانتين الصابئية واليهودية حيث لانجد إلا القليل من التشابه بينهما وفي الفروع لا في الأصول وقد يكون التعميد الذي يمارسه الصابئة في الوقت الحاضر من جذور لها علاقة بالتعميد بنهر الغانج المشهور لدى الهنود إذ ليس لدينا بحسب علمي ما يؤكد وجود هذا التقليد في العراق القديم ومن الأدلة على الجذور الهندوسية أن نموذج الإله الذي طرحته التوراة في البداية كان بهيئة ثلاثية يقول احد النصوص (وظهر له الرب عند بلوطات ممرا وهو جالس في باب الخيمة وقت حر النهار فرفع عينيه ونظر وإذا ثلاث رجال واقفين لديه.. وقالوا له أين سارة امرأتك؟ فقال هاهي في الخيمة فقال إني ارجع إليك نحو زمان الحيوان ويكون لسارة امرأتك ابن ) تكوين 17-18) لكن هنا تواجهنا مشكلة أخرى وتتعلق بالادعاء المعروف عن قرابة العرب واليهود انطلاقا من تشابه اللغات والانتماء إلى شخصية إبراهيم وأيضا لتشابه في الزي لبس العمامة الذي اشتهر به اليهود القدماء وسكان بعض المناطق العربية ك الحجاز مثلا هل لهذا علاقة بالاحتكاك مثلا أم أن الشعبين هم أقرباء فعلا وإذا كان الأمر كذلك كيف نفسر انتماء كل منهما إلى عرق مختلف هذا إذا مضينا في دعوى أن جذر الديانة اليهودية يعود إلى أصل هندي وللإجابة على ذلك نقول أن العرب أصحاب العمائم هم أيضا من جذور هندو أوربية وربما انتقلوا إلى الحجاز عبر البحر نظرا للعلاقة التجارية الشهيرة بين الساحل الشرقي للهند والمناطق العربية بدليل أن سكان الهند أيضا يلبسون العمائم أو ربما انتقل بعضهم من العراق حيث يقطن الكشيين سيما ونحن نمتلك دليلا يورده التاريخ عن وصول البابليين في زمن الملك نابو نائيد إلى هذه الأنحاء بتأثير سيطرة الفرس الاخمينيون على تجارة الشرق ( وهذا مايؤكده طه باقر في كتابه ذائع الصيت مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة الجزء الأول ص 554 - 555) وربما كان من بين هؤلاء مواطنين يدينون ببقايا ديانة الكشيين لان العرب ليسو بعرق بل هم جميعه من عدة شعوب أو هجرات ومن المحتمل أن معظم العرب جاءوا من مركزين مهمين بادية الجزيرة في أعالي دجلة والفرات واليمن وإذا كان الجزء الشمالي قد يكون من أصول قريبة الصلة بالأقوام الهند أوربية فان عرب اليمن ربما يكونون ذو علاقة بالمصريين القدماء أو الشمال أفريقيين.
(5) إن أهم أوجه الشبه بين القصتين قصة إبراهيم الخليل وقصة الرامايانا فتتمحور حول جملة من الإحداث المركزية أهمها تأخر الإنجاب بالنسبة للملك ( داسارتا ) ونظيره إبراهيم الخليل و الغيرة التي اضطرت الملك (داسارتا)إلى نفي ابنه راما في الرامايانا حيث يشبه هذا الحدث اضطرار إبراهيم إلى نفي ابنه إسماعيل نزولا عند طلب زوجته سارا مع الأخذ بالاعتبار اختلاف الأدوار إذ لم يتقيد الناقل القديم بالإحداث الأصلية وتصرف بها بما يتناسب مع واقع الحال أو إن الرامايانا القديمة كانت مختلفة بعض الشيء عن الرامايانا الأخيرة فحصل هذا البس في الأدوار بين الأب والابن (في النص التوراتي ورأت سارة ابن هاجر المصرية الذي ولدته لإبراهيم يمزح فقالت اطرد هذه الجارية وابنها لان ابن هذه الجارية لايرث مع ابني إسحاق.. ) تكوين 18
النص الهندي ( لقد وعدت بان تمنحني هبتين وأقسمت على ذلك باسم راما ابنك العزيز والان سأذكر مافي ذهني وإذا رفضت طلبي فلسوف تكون أول شخص من جنس اكشفالو السلالة العظيمة لإله الشمس ذاته لايفي بوعده من اجل مصلحته الخاصة. انفي راما إلى الغابات مدة أربعة عشر عاما وتوج بارانا واحتفل باعتلائه العرش بالترتيبات نفسها التي أعددتها فعلا ) الرامايانا.ناريان.ترجمة دار المأمون بغداد.1987. ص 80) كذلك نجد تشابها في موضوع المحرقة مع وجود بعض الاختلافات (النص التوراتي خذ ابنك وحيدك الذي تحبه إسحاق واذهب إلى ارض المرايا واصعده هناك محرقة على إحدى الجبال فلما أتيا إلى الموضع الذي قال له الله بنى هناك إبراهيم المذهب ورتب الحطب ثم مد إبراهيم يده واخذ السكين ليذبح ابنه فناداه ملاك الرب من السماء وقال إبراهيم فقال إبراهيم ها انذا فقال لاتمد يدك إلى الغلام ولانفعل به شيئا ) تكوين 22
النص الهندي يلتقي الملك داسارتا بالحكيم فيسوا ميترا ويسأله الملك عن شيء يستطيع إن يفعله له فيجيبه الحكيم بالإيجاب ويطلب منه إرسال راما معه من اجل إن يقيم محرقة قبل حلول البدر ويشعر الملك بالضيق خوفا على راما لكن بالنهاية يخضع لمشيئة الحكيم. الرامايانا المصدر السابق.ص 26- 27
إما بالنسبة لزوجتيهما فهناك بعض الشبه أيضا ويكفي إن نشير إلى إن تعرض سيتا زوجة راما للخطف من قبل الشياطين يشبه إلى حد ما اخذ الفرعون ل سارا زوجة إبراهيم الخليل ومحاولة إرغامها على الزواج منه (يقول النص التوراتي لما دخل إبراهيم مع سارا ارض مصران المصريون رأوا المرأة أنها حسنة جدا ورآها رؤساء فرعون ومدحوها لدى الفرعون فأخذت المرأة إلى بيت فرعون فصنع لإبرام خير بسببها... تكوين 12 وفي النص الهندي قام رافانا ملك الشياطين باختطاف سيتا زوجة راما بعد أن سمع عن حسنها من شقيقته)
(5)وبالطبع فان هذه الجماعة الكشية الصغيرة لم تكتفي بالموروث الهندي بل حاولت الارتكان على موروث المنطقة بما في ذلك إعادة كتابة الكتاب الهندوسي المقدس(الفيدا) أو كتابة كتاب على غراره إذ لا يوجد في حضارات الشرق الأوسط القديم مفهوم الكتاب المقدس المعروف في الحضارات الهندو أوربية وبشكل خاص الحضارتين الهندوسية والزرادشتية ليضم بالتالي رؤى وأساطير جديدة مأخوذة من واقع المنطقة وشيئا فشيئا نسي هؤلاء جوهر ديانتهم القديم واندمجوا بالأقوام المحيطة بهم محتفظين في ذات الوقت بهويتهم الدينية الخاصة.
(6)وبالتالي فإننا نعتقد إن الهجرة الإبراهيمية المشهورة دينيا هي على الأرجح حدث حقيقي وان من سمي بإبراهيم الخليل كان أهم شخص في هذه الهجرة ونظرا لدوره الكبير في رحلة الجماعة وإيصالها إلى شاطئ الأمان فقد ربطت شخصيته بشخصية راما المعروفة في أدب الهند القديم حتى لم يبقى من ملامح الشخصية التاريخية شيء كثير ومن المحتمل إن الجماعة عند استيطانها في فلسطين أقامت معبدا خاصا بها ثم تكرر بناء المعابد في أكثر من مكان من المنطقة عند انتشار الجماعة في أوقات متباعدة.
وهكذا نستطيع إن نفسر الكثير من الإلغاز التي تضمها هذه القصة مؤكدين على أهمية الاستمرار في معاينة هذه السيرة بغية الوصول إلى نتائج أكثر قيمة أو متابعة العثور على إجابات تاريخية مهمة بمزيد من الدرس والتمحيص معتبرين مقالتنا هذه مجرد نواة لدراسة أوسع سنقوم بها بالمستقبل وهكذا نصل إلى أن الديانات التوحيدية التي شهدتها المنطقة منذ منتصف الألف الثاني قبل الميلاد ربما تكون مزيجا من ديانات مختلفة بعضها ذات مضمون له علاقة بديانة الأقوام الهندو أوربية وأخر له علاقة بالإرث الحضاري القديم للمنطقة وأخر من موروث الأقوام التي ترعرعت في وسطها هذه الديانات بدون أمكانية تقدير حجم الدين ( بتشديد الياء ) لكل منهما فكل ما نعرفه أن هذه الديانات هي نتيجة للتلاقح بين شعوب مختلفة وربما تأكيدا لهذا التلاقح أنها عدت سبيلا لجمع شعوب مختلفة ضمن أطار واحد تمثله التكوينات السياسية الإمبراطورية.
باسم محمد حبيب
التعليقات