في مناسبتين منفصلتين أطلق قطبان من أقطاب العمل السياسي في العراق جملة من التصريحات والأتهامات الخطيرة تتناول النظام والحاكم والحكم وبعض مؤسساته مع تركيز على أجهزته الامنية والعسكرية الفاعلة.
بل أن ما قاله رئيس الوزراء نوري جواد المالكي حول الدولة المركزية، يمكن أن يشكل وثيقة أدانة قابلة لأن تاخذ بها المحكمة الأتحادية وتتحرك تلقائيا لمسائلة رئيس الوزراء وغيره من الشخصيات السياسية والأعلامية.

ان الأمر لم يقتصر على هذا التصرف،بل تعداه الى مطالبة سلطات أقليم كردستان الى اقالة بعض القيادات الأجهزة الأمنية ممن يعملون في الخفاء ولا يعرف الناس صورة لهم ولا يسمعون بأسماههم الا مرتبطة بحوادث واحداث مفجعة في جلولاء وكركوك وخانقين وديالى ولا يمكن لاحد أن يعتبرها ضمن ما يخدم المصلحة العراقية العليا ويحقق السلم الأهلي و الخير للبلاد والنفع للعباد
واذا تجاوزنا مؤقتا بعض الأتهامات ذات الطابع الأيديولوجي لجواد المالكي فان الأتهامات الأخرى السياسية والأقتصادية تضمنت تسمية مناطق وأقاليم لا يجوز ان تمر وكانها خطب حماسية استرضاء للجمهور واحتواء لموجه تطرف في صفوفه.
أن مسعود البرزاني وجواد الماكي هما بعض أكثر الرجال مسؤولية عن مصير العراق ثم أنهما شريكان في الحكم والبرزاني رئيس أوسع حزب جماهيري في البلاد.

كذلك فأن البرزاني هو في موقع المرجع بالنسبة لشعبه او فلنقل لجمهور عريض جدا من العراقيين ولانظن للحظة أن أيا منهما يطلق الاتهامات جزافا حول قضية كادت تنشر نيران الفتنة لتلتهم الاخضر واليابس في كركوك وسائر انحاء العراق.
ثم أية مصداقية ستكون لأي كلام يبلغ الى أربيل اذا تكاثفت في الأفق غيوم أزمة الثقة القائمة دوما بين الحكم والحكومة،واذا ظلت الحكومة متفردة بقراراتها وتفرض هيمنة اللون الواحد وتحاول حجم دور القادة والمراجع الذين تعتبرهم المجتمع الدولي وبحق ضمانات للنهج الجديد للحكم في العراق.
ورغم خطورة الأتهامات والتصريحات فلسنا بين من يطالب جواد المالكي بالأستقالة احتجاجا وكذلك لسنا بين من يطالب بمقاطعة جلسات مجلس الوزراء،لأنه سيكون تصرف سلبي لايقدم ولايؤخر شيء ولايوفر حلا للأوضاع المشكو منها،
ولكننا نطالبه بعدم التجاوز على الدستور الاتحادي تحت أي مسمى وعدم التهاون والتساهل مع مرتكبي الجرائم الخطيرة في جلولاء وخانقين وفي سائر أنحاء البلاد.
كذلك نطالب جواد المالكي بموقف حده الأدنى ان يضمن حقوق أولئك الذين ارتضوا ان يتحملوا المسؤولية الثقليلة عبر اشتر اكهم في حكومته.
وبعدما يضمن دولة رئيس الوزراء حقوق وزرائه الكرد فلسوف نطالبه بضمان سلامة العباد والبلاد.
ولسنا نطلب ضمانة ضد أعداء الخارج،ولكن ضد الأجهزة الرسمية أو المسؤولين في الدولة العراقية المتهمين علنا بالأرتباط مع اعداء الخارج وتدمير الداخل ومن في الداخل تحقيقا لمصالح هؤلاء الاعداء وفي طليعتهم ايران.
وبراينا أن دولة الرئيس المالكي يتفهم هذه المطاليب فدولة الرئيس المالكي بتجربته الصادقة الغنية وبمعرفته بالرجال والأحوال وبحسه الوطني الصادق،لا يمكن أن يخطيء في الأساسيات،خصوصا أن العراق يمر بمرحلة حساسة.

ومشكلة أن تهدد وحدة الحكم والحكومة بين بغداد واربيل وأن يعيشا خطر الانفراط وولكن قيمة وحدتهما ان تكون مقدمة ومدخلا لوحدة العراق وليس على حساب وسلامة العباد والبلاد معا.
ومن هنا تكتسب دعوة البرزاني الى بغداد من قبل الحكومة العراقية صفة الضرورة القصوى والتي لا مجال لارجائها حتى اشعار اخر.
والمبادرة مطلوبة أولا واخيرا من دولة رئيس الوزراء لمفاوضة البرزاني حول الخوض في الأمور العالقة بين بغداد وأربيل.

الدكتور راوند رسول
[email protected]