بعيدا جدا عن تصريحات مسؤلي الحكومة العراقية ومنهم اللواء عبد الكريم خلف قائد شرطة ديالى بالوكالة وتصريحات القيادات الكردية ومنها تصريح المتحدث بأسم البيشمركة جبار ياور، وتصريحات السيد احمد الزركوشي مدير ناحية السعدية اصالة وجلولاء بالوكالة (ولم يجبر النظام الصدامي عشيرته على ادعاء انتسابهم لفخذ الزركان من بطون ربيعة حتى التاسع من نيسان 2003، وهم من اكثر اهالي تلك المنطقة طيبة واكرمهم خلقا، ومن اقدمهم استيطانا، ولاعيب فيهم غير ان فريقهم الكروي كان دائما ما يغلبنا منذ طفولتنا حتى انتهاء مرحلة الدراسة الاعدادية،، مهما اعددنا له من قوة ورباط الخيل ) فأن ما يجري على الارض في مناطق ما بعد الخط الاخضر في ديالى التي يسميها الساسة الكرد بـ (المتنازع عليها ) وما يجب ان نسميها بلا تردد بـ (المتجاوز عليها ) من قبل الاخوة في اقليم كردستان، الذي لايختلف عراقيان مهما كان توجههما السياسي وخلفيتهما القومية والعقائدية، على ان فيدراليته استحقاق لنضال تأريخي وضرورة واقعية لمتطلبات بناء الدولة العراقية الحديثة، بما لايتجاوز حدود محافظات الشمال الثلاث، وبالالتزام باليات المادة 140 من الدستور العراقي في موضوع كركوك، بشرط عدم اطلاق يد اي من اطراف القضية في تنفيذ تلك الاليات، وضمان نزاهة وكفاءة الممثل الاممي في القضية، واعتبار عاوامل التوازن الاقليمي،، وفقا لتصوري الشخصي.

إبراهيم الصميدعي

فالذي حدث ظهر امس هناك هو اول مواجهة مسلحة واضحة المعالم بين قوات السلطة الاتحادية، التي يلزم التكرار ابدا ان القيادات الكردية هي اهم دعاماتها الاساسية، عدا كونها هي ابرز المشاركين فيها، فهذه القيادات وعبر مسيرة عملها العسكري والسياسي وبغض النظر عن اختلاف البعض معها في المجمل او بعض التفاصيل، هي الاكثر خبرة من الاطراف الاخرى، في توظيف متغير القوة الدولي لصالحها، حتى مع تأليب الكرد على انفسهم دول الجوار العراقي ذات الاقليات الكردية ( تركيا، ايران، سوريا ) التي لديها اكثر من من ملف اشتباك في القضية او القضايا العراقية،، بفعل عزفهم النشاز لـ ( اوبيريت الحلم القومي )، وقد يكفي للتدليل على ذلك ان هذه القيادات لاتزال حتى الساعة، بالرغم من مماحكاتها للسلطة الاتحادية بما يؤدي الى اضعاف هذه السلطة، حدا شطت فيه بعيدا حتى عن دأب زميلاتها من القوى السياسية العراقية الكبرى الطامحة للأستأثار بـ (الجزء ) على حساب نصيبها المشاع ديموقراطيا من الـ (الكل ) الذي هو اكبر في كل الاحوال من الـ (الجزء ) ذاك،، وهي لاتزال الحليف الاقرب والاكثر وضوحا للتحالف الدولي المأخوذ على عاتقه تحرير العراق من ارث الاستبداد ووضعه على سكة الديموقراطية، وعلى رأس هذا الحلف القوة الاعظم،الولايات المتحدة الاميريكية التي برع الساسة الكرد في تدشين علاقة متينة مع ادارتها الجمهورية الحالية والتأسيس لعلاقة لاتقل عن الاولى متانة مع منافسيها الديمقراطين،، بما يبعث اكثر من رسالة تطمين للخائفين بصدق على مشروع ( ديمقراطية العراق)، حتى المتوجسين منهم خيفة، من ارتفاع سقف الطموحات الكردية، وما استعصى ان يتحقق منها في ادارة الرئيس بوش، ويأمل الكرد لتحقيقه في الادارة الجمهورية القادمة بناءا على استحقاقهم التحالفي الواضح ازاء موقف لايخلو من نكران الجميل من اطراف الائتلاف الشيعي، وموقف اقرب الى (التنافق ) المفضوح مع كل الاطراف من (التوافق ) السني، وقد يعول الكرد على تحقيقه مع ادارة المرشح الديمقراطي باراك اوباما ونائبه جو بايدن صاحب المشروع الذي اعتبره العراقيون العرب تقسيما مقنعا لبلدهم، وهو ما استدعى بروز بدايات التكتلات العربية المضادة لسقف طموحات الكرد، حتى في اللحظة التي كانت الثقوب السوداء الهائلة لنزيف دم النزاع الطائفي المسفوك على مذابح الصراع السياسي بين العرب العراقيين، لم يبدأ اي منها بالاندمال بعد.

ومع اني اكرر ما صرحت به لاكثر من فضائية عراقية وعربية لحظة اختيار المرشح الديمقراطي باراك اوباما، السيناتور بايدن نائبا محتملا لرئيس لا احتمل انتخابه، من ان الوضع العراقي غيره بعد اشهر معدودة على بداية استراتيجية الجنرال الذي اصلي له كل يوم كأي ( عابد رمضاني ) ديفيد بيترايوس، واراه احق ببيت عبدالرزاق عبد الواحد من ممن قيل فيه:
سلاما على مسرى خطاك ولم تزل
بخطوك انى سرت تنعقد البشرى
حيث لم تبد اية نهاية في النفق العراقي المظلم انذاك، وحيث ان( جو) ليس سياسيا عراقيا مخضرما، يصر ان يؤدلج قبوله للديمقراطية بتأريخ النضال والثورة ودماء شهداء الخط... كما يفعل الكبار الان، انما جو بعقوده الاربعة (سيناتور عن ديلوار منذ 1973 ) وخبرته الكبيرة في السياستين الداخلية والخارجية، وبما يمثله من الاتجاه الكلاسيكي المبرر للتدخل العسكري الاميريكي لاعتبارات انسانية، في المدرسة الديمقراطية، سوف لن يتمسك بالتأكيد بمشروعه سئ الصيت ذاك، ومن غير المتوقع ان يدع الرئيس الغر (الذ لا اتوقع فوزه ) باراك حسين اوباما، يسحب القوات الاميريكية من العراق، بعد كل ما حققته هذه القوات من انتصارات بناء على ستراتيجية بترايوس- اوديرنو بزيادة عديد القوات، وبعد ان غادرت هذه الزيادة دون الحاجة للتعويض، بحيث صار بالامكان تكرار التجربة في افغانستان التي اصبحت جزءً من مهام القيادة الوسطى التي تولاها منقذ العراق من طريق اللاعودة الجنرال ديفيد بيترايوس، وبالتالي دعمها بالمزيد من القوات كما يريد اوباما، وكان يعود لـ (جو) الفضل الاوحد في حث الرئيس كلينتون على تنفيذ العمليات العسكرية باشراك ( النيتو ) لانقاذ مسلمي البوسنة من حروب الابادة الجماعية التي تعرضوا لها على يد الصرب الذين كانت تدعمهم الكثير من الانظمة العربية (المسلمة ) ومنها نظام (قائد الجمع المؤمن ) الذي قال فيه عبد الرزاق عبد الواحد بيته السالف ذكره، بمشروعه الشهير (اضرب وانقل ) اي اضرب الصرب وانقل المسلمين لبر الامان، وانقذت اميريكا(الصليبية ) مسلمي البوسنة ومجهادونا ودولنا الاسلامية لاتبشر مشاريعهم بغير موتنا المشاع.

والاثنان اوباما وبايدن من الملتزمين بألدفاع عن اسرائيل وامنها وليس من المستغرب ان يرى الرجلان ان الطريق لحماية امن اسرائيل والدفاع عنها، ليس له من طريق اكثر اهمية من الطريق الى بغداد او (بابل )، تماما مثل ما بدا لسماحة الخميني ان الطريق لتحرير القدس لابد ان يمر عبرها، وما بدا لصدام حسين ان ذات الطريق ليس له ان يمر الا عبر طهران.

عليه فتوقيت هذه الممحكات والمناكفات الكردية ( مع اقتراب ساعة الحسم في السباق الى البيت الابيض ) مع المركز (الشرط اللازم لنجاح اي نظام فيدرالي ) والذي يلزم التكرار هنا ايضا ان الاكراد اهم اركانه، ومنازعته في استحقاقا دستورية حصرية، الى حد الوصول بها الى درجة الصدام المسلح، لهو رهان في غير محله حتى وأن كان مبنيا على علاقة تحالفية واضحة وممتدة مع الجمهورين، او علاقة استباقية تقدم بها كرد العراق على عربه مع الديمقراطين الذين لن يعودوا الى (مكب نفايات الكونغرس الاميريكي ) لاستخراج مشروع بايدن القديم، الذي اراهن انه اول من سيتخلى عنه في حال فاز ورئيسه بأنتخابات الرئاسة الاميريكية التي تفصلنا عنها ايام معدودة، ويعمل الساسة الكرد لاستغلال نتائجها ايا كانت بغير الطريقة التي تفكر بها الاطراف الاخرى.

كنت سأضم كل صوتي الى صوت الناطق بأسم البيشمركة جبار ياور لو انه اعرب عن اسفه لحادث جلولاء برمته ومن سقط فيه بين قتيل وجريح، وليس اعرابه عن اسفه لسقوط شهيد من الاسايش (الامن السري الكردي ) وهذا الشهيد اصلا من اهالي المنطقة الذي تعايشت اجيالها سابقا قبل ان تنتقل اليها ( حمى القتل السياسي ) التي دفعت الى (مكبات النفيات ) ومقابر مجهولي الهوية بمئات الالاف من خيرة شبابنا الزاهر خلال عامي (2006 ndash; 2007) بفايروس الطائفية الخبيث، ولانريد لهذا الفيايروس الذي انتصر عليه العراقيون ان يعود لهم لهم بثوب قومي مرة اخرى.

وكنت سأتعاطف مع السيد الزركوشي لو انه اقر بأن فوج الطوارئ وبنسبة 100% من اهالي المنطقة وغالبيتهم العظمى من ( عرب الكروية، من قبيلة قيس ) واقلهم من لاجداده ما لايقل عن قرن في جلولاء، وكنت سأصدق ربما ما ذهب اليه الاثنان من ان هذا الفوج هو ( ام المشاكل ) لولا اني اعلم علم اليقين ان الغالبية العظمى من العمليات الارهابية لم تعد تستهدف غير هذا الفوج اعتبارا من تأريخ تشكيله دونا عن القوات الحكومة التي ارسلتها السلطة الاتحادية، انتقاما من البيئة التي اجبرت على احتضان خلايا الارهاب والتكفير بسبب من فشل البيشمركة والاسايش على استأصاله منها، وتجاهل دولة المركز لهذه البيئة، التي لطالما انتظرت اللحظة التأريخية التي يلتفت اليها بجزء من ثقله، لاعانتها على استأصال خلايا سرطانات الارهاب والتخريب، التي ساهمت سياسات التشكيك الطائفي لثقل المركز، وفشل السنة سياسيا بشكل مريع،وسياسات العقاب الجماعي العشوائي التي اتبعتها قوات الامن الكردي على استفحالها بأكثر مما تمنت تلك الخلايا.

حذرنا ومازلنا نحذر ان الصراع الطائفي اندلع لخلافات بين اطراف سياسية مشكوك كثيرا في شرعية ما يدعي اغلبها تمثيله من ( مكونات ) ولولا عناية الله وهديه لعبده الصالح بيترايوس، ودعاء المفجوعين والثكالى، وتجاوز دولة رئيس الوزراء لكل ما زرعه بدربه حرسه القديم من شكوك و اوهام واهية، لمضى العراق برمته في طريق اللاعودة،، ولم تكن الارضية مواتية مثلما هي الان لاندلاع نزاع قومي قد يحصد مئات اخرى من الالوف قبل ان ترعانا عناية الله بأياقفه.

لقد اثر العراقيون جميعا لحل نزاع طائفي لم يتسببوا به،، ومن عليه ان يؤثر لمرة واحدة لتجنيب العراق كارثة اكبر من سابقتها هم الساسة الكرد،وربوع العراق تحتضن من عراقيه الكرد ما يربو على النصف بعد المليون واكثر، حيث لا بيشمركة ولا اسايش، لحمايتهم كما يبرر القادة الكرد في المناطق ( المتجاوز عليها)، ولم تترسخ الديمقراطية ولم تنظف العقول، حاكمين و ومحكومين من ثقافة الدم بعد، وكل حمامات الدم تبدأ بقطرة....دم


ابراهيم الصميدعي
[email protected]