علمونا أساتذتنا قديماً أنه إذا أردت أن تجذب القراء الكرام، فيجب عليك أن تكتب مثل هذا الخبر: عض الرجل الكلب.
هكذا تلفت انتباه مَن يقرأ أن في الأمر ما هو غير مألوف، وغير طبيعي. وما عليك إلا أن تنتظر كم رسائل الإعجاب والمديح على إبداعك في تصوير تلك الحادثة التي قلبت الكون وغيرت مجرى الطبيعة.
لن يهدأ بال قارئيك إلا مع نهاية المقالة العبقرية التي يتعرفون فيها علي النهاية المآساوية لانعكاس ناموس الحياة التي فيها يعض الكلب الرجل.
وهكذا تنتهي المقالة وتفز بقلب الثقافة المكتوبة وتكتب لك الأرصدة البنكية.
هذا كان في العصور الماضية التي لم يكن أمام القراء الكرام إلا مصدر واحد أحد لا شريك له في التغييب والتزييف وكتابة وتزوير وقائع التاريخ.
الآن الوضع انقلب رأساً على عقب في ظل الجرائد الإلكترونية واسعة الإنتشار والتي تنشر وتكتب ونرى من خلالها كل أوجه الحقيقة بدون رتوش ولا تزييف ولا تزوير ولا اعتقال لرأي أو فكر.
فكم مرت أمامنا دروس في كيفية خداع المثقفين وتغييب المخدوعين وإلهاء البلهاء من عابري السبيل في ظل تحكم الجهلاء.
ما أعظم الفارق بين الإثارة والتغييب!!!!
وما أعظم الفارق بين خداع الجاهلين الذين لا يعرفون أن القانون العالمي ـ حيث عولمة الحقوق الإنسانية ـ لا يحمي المغفلين والمخدوعين وبين المتواطئين مع المخادعين في زيادة جرعة الخداع والتغييب.
اعترف بأن هذه المقدمة غير لائقة حضارياً في ظل صحافة راقية تعودت أنا وجميع قرائي أن نتعامل معاً من خلالها، لكن ما دعاني إلى هذه المقدمة ما كتبه الكاتب الأستاذ حمدي رزق في صحيفة المصري اليوم بتاريخ 22/9/2008 تحت عنوان: رواية حقيرة. تحدث الكاتب خالطاً للأوراق بين القمص زكريا بطرس وبرامجه في قناة الحياة وبين ما نشرته صحيفة quot;صوت الأمةquot; عن هذه البرامج من كونها إهانة كبيرة لرسول الإسلام على الملأ لمن لم يشاهد تلك الأسئلة الجريئة عن رسول الإسلام والتشكيك في نسبه وحياته وأقواله.
طالب الكاتب وطالبت قبله جريدة quot;صوت الأمةquot; أن تأخذ الكنيسة المصرية ـ وخاصة رأس الكنيسة بالتحديد ـ موقفا دفاعياً عن رسول الإسلام. طالبت جريدة quot;صوت الأمةquot; والكاتب حمدي رزق بأن لا يكتفي البابا شنودة بسحب لقب القمص زكريا بطرس، لكن الدفاع والرد عن الأسئلة الجريئة والقاسية والدراسات الساخنة التي يذيعها القمص زكريا بطرس حول شخصية نبي الإسلام!!!!
يا سادة يا كرام، انتهي عصر قصف الأقلام ومصادرة الحريات والحجر على التفكير والبحث. جاء عصر المناقشة والحوار الحجة بالحجة والرأي بالرأي. لقد أنارت الحرية العالمية أبصار المُغيبين والمخدوعين من مثيري الكلام عكس الأفعال.
إن الدفاع عن رسول الإسلام لا يأتي إلا من المسلمين المعاصرين بأفعالهم وأعمالهم الحية الملموسة تجاه المختلفين معهم في العقيدة، وليست مجموعة من الخطب والأقوال المُرسلة وأحضان النفاق بين رجال الدين ورجال السياسة.
الحل يكمن في قرارات حاسمة وسريعة من قادة العالم الإسلامي للمساواة بين المسلمين وغيرهم في الحقوق الإنسانية.
إن عالمنا وشعوبنا لا يزال يحكمها الملوك والرؤساء، والشعب يسير وراء دين الملك.
إن المطالبين للكنيسة بأن تدافع عن رسول الإسلام كمن يطالب من المضروب أن يقول للضارب شكراً واضرب ثانية!!!
يا سادة، ما كان للقمص زكريا بطرس ولا غيره من الباحثين في علم الأديان المقارنة أن يكون له أية تأثيرات تُذكر لو كانت هناك حرية رأي وحرية اعتقاد وحرية عبادة.
إن القرارات والأفعال التي صدرت ـ ومازالت سارية ـ من حكام المسلمين والمبنية على آراء فقهية ودينية وتحض على التفريق بين المسلمين وغيرهم، هي نفسها تلك الأدوات التي يستخدمونها في الخارج للنيل من رسول الإسلام.
دافعوا يا مسلمين ـ قادة وشعباً ـ عن رسول الإسلام بأفعالكم ومحبتكم وقبولكم للآخرين عملاً وليس خطباً.
مع كل تقديري وتهنئتي إلى كل المسلمين بعيد الفطر المبارك
أيمن رمزي نخلة
[email protected]
التعليقات